جدل حول «الوقود الحيوي» يهيمن على قمة الغذاء

بان كي مون: الإنتاج الغذائي يجب أن يرتفع بنسبة 50% بحلول عام 2030

TT

هيمن الجدل حول الوقود الحيوي والمساعدات الزراعية على افتتاحية قمة منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) التي بدأت أعمالها أمس في العاصمة الإيطالية روما.

وصدرت عن القمة قائمة تشير إلى أن 37 دولة في احتياج عاجل لمساعدات غذائية من الخارج، من بينها 21 دولة أفريقية و10 في آسيا و5 في أميركا الوسطي والجنوبية ودولة واحدة في أوروبا وهي مولدوفا، في حين يعاني 862 مليون شخص من الجوع الشديد أو سوء التغذية بسبب الزيادة الحادة في أسعار الغذاء. وحث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في كلمته الافتتاحية للقمة قادة العالم على إزالة القيود المفروضة على التجارة، وكذلك الحد من الضرائب، وغيرها من الإجراءات التي أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء إلى أعلى معدلاتها خلال 30 عاماً. ودعا الأمين العام المشاركين في القمة إلى تحقيق اكبر قدر ممكن من الإجماع الدولي حول «الوقود الحيوي» الذي يعتبر من عوامل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، قائلا «أمامنا فرصة تاريخية لإنعاش الزراعة».

ورد الرئيس البرازيلي ايناسيو لولا دا سيلفا الذي تعتبر بلاده المنتج الثاني للايثانول بعد الولايات المتحدة، ان الوقود الحيوي الذي يعتبر من العوامل المثيرة لارتفاع أسعار المواد الغذائية «ليس كاللصوص»، معتبرا ان الوقود الحيوي يمكن «ان يتحول على العكس إلى أداة مهمة لإخراج الدول من انعدام الأمن الغذائي». وأشار الرئيس المصري حسني مبارك الى وجوب «وقف انتاج الوقود الحيوي»، داعيا الى «حوار عاجل بين مستوردي المواد الغذائية والطاقة ومصدريها». وكشف كي مون عن مبادئ «إطار التحرك الشامل» الذي أعدته خلية الأزمة التي أنشئت قبل شهر وتضم رؤساء وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الاقتصادية الدولية، وأن الإنتاج الغذائي يجب ان «يرتفع بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2030» من اجل التصدي للفقر في العالم. وأكد على ضرورة إنهاء السياسات التجارية والضريبية التي «تشوه الأسواق»، قائلا إن مثل هذه الإجراءات لا ينبغي أن تصرف المانحين عن تقديم «الاحتياجات العاجلة» لمن يعانون من الفقر. وأوضح روبرت زوليك، رئيس البنك الدولي، ان ارتفاع أسعار الغذاء العالمية يهدد بسقوط 30 مليون افريقي في أعماق الفقر، وحث قمة أزمة الغذاء على التحرك الفوري لتقديم المساعدات للدول الأكثر عرضة للخطر، ضاربا المثل بليبيريا حيث ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 25 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي لترتفع نسبة الفقر الى 70 في المائة من 64 في المائة. وقال زوليك إن حوالي 800 مليون نسمة حول العالم يعانون من سوء التغذية في الوقت الحالي، ومع ارتفاع أسعار الغذاء سترتفع هذه الأرقام.

وصرح رئيس البنك الدولي لرويترز بالرسالة التي بلغته من الافارقة «أنهم سئموا الحديث ويريدون تحركا». وقال «لذا سيجتمع عدد كبير من زعماء العالم هنا، دعونا نحاول التركيز على ما يمكن أن نفعله على أرض الواقع لنحدث فرقا».

وأشار رئيس الوزراء الياباني ياسو فوكودا إنه ينبغي على الدول الأخرى أن تحذو حذو بلاده وتبدأ في استخدام مخزوناتها الغذائية بهدف مواجهة ارتفاع أسعار الغذاء على مستوى العالم. وقال فوكودا في كلمته أمام قمة الأمم المتحدة للأمن الغذائي إن اليابان تستعد لطرح أكثر من 300 ألف طن من واردات الأرز المخزنة لديها في السوق العالمية «في المستقبل القريب». وأكد أمام وفود من حوالي 50 دولة تشارك في هذه القمة «أود أن أدعو الدول الأخرى إلى طرح مخزوناتها الغذائية في السوق العالمية أيضا». وأكد أن «اليابان باعتبارها أكبر مستورد للغذاء في العالم ستقوم بكل الجهود الممكنة للإسهام في الموازنة بين العرض والطلب في السوق العالمية للغذاء». وستسعى اليابان إلى تحقيق ذلك من خلال تشجيع الإصلاحات الزراعية في الدول النامية بما في ذلك المساعدة على دعم جهود الدول الأفريقية بهدف مضاعفة إنتاجها من الأرز خلال السنوات العشر المقبلة. وصرح جاك ضيوف المدير العام لـ«فاو» ان مشكلة الامن الغذائي «طبيعتها سياسية» ويتعين «المسارعة الى اتخاذ الإجراءات الشجاعة التي يفرضها الوضع» لتجنيب العالم «وضعا خطيرا». وأضاف في افتتاح أعمال قمة الأزمة الغذائية في روما ان «الوقت ليس للكلمات التي عفى عنها الزمن. لقد آن اوان الفعل». واشار الى ان «مشكلة الامن الغذائي من طبيعة سياسية»، محذرا من انه «اذا لم نسارع الى اتخاذ الاجراءات الشجاعة التي يفرضها الوضع فان اثر التغيرات المناخية والمضاربة في الأسواق سيدفع العالم الى وضعية خطيرة».

وأشار وزير الدولة البريطاني للتنمية الدولية دوغلاس الكسندر، إلى شراكة جديدة في الزراعة والغذاء، تستهدف تأثيرات المدى القصير، وأسباب المدى الطويل في التأثير على أسعار الغذاء. وأعلن الكسندر في كلمته خلال المؤتمر عن دعم بريطاني إضافي لدعم الموقف الحالي، ليرتفع إجمالي المساعدات البريطانية إلى 500 مليون جنيه إسترليني (981.8 مليون دولار). وقال الكسندر «أسعار الغذاء المرتفعة لا تؤثر على المستهلك البريطاني فقط، ولكن العديد من الملايين من فقراء العالم». وأضاف «هذه الأزمة العالمية تحتاج إلى رد فعل عالمي، إنها ليست مبالغة بالقول إن أرواح الملايين تتوقف على رد فعل مؤثر للأزمة». وأوضح أن بلاده تقدم إعانة إنسانية مباشرة في الأماكن الأكثر احتياجا، والدعم المباشر للحكومات لإعانة الزراعة والتنميات الريفية. وقال «تم الاعلان عن 400 مليون جنيه إسترليني لمساعدة أبحاث زراعية على المدى الطويل»، آملا أن هذا المجهود المدبر قد يتخطى الأزمات الحالية. وتشمل المساعدات البريطانية التي أعلن عنها أمس 33 مليون جنيه استرليني مساعدات إنسانية وحماية اجتماعية لكل من موزنبيق وافغانستان وبنغلاديش وسيراليون لشراء الغذاء، وهي الدول الأربع الأكثر تأثراً. بالإضافة إلى 7.5 مليون إسترليني لدعم أبحاث زراعية لتقوية المحاصيل الزراعية للتصدي للتغيرات المناخية في بنغلاديش، و38 مليون إسترليني لمد الطرق في الكونغو الديمقراطية، لمساعدة المزارعين على شراء الإمدادات اللازمة وبيع محاصيلهم. واعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في كلمته امام القمة انه ينبغي «تركيز الجهود على الزراعة في الدول النامية»، منددا «بالخطأ الاستراتيجي التاريخي» الذي ارتكبته الهيئات الدولية إذ دعت إلى زيادة الزراعات المعدة للتصدير مثل القطن، مما ادى الى تراجع الزراعات الغذائية والاكتفاء الذاتي الغذائي.

واعتبر رئيس سلوفينيا دانيلو تورك الذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، انه لا يمكن تسوية الأزمة الغذائية إلا بفضل «إجراءات تتخذ بالتشاور»، مشددا على انه «بتضافر جهودنا فقط سنتمكن من مساعدة الشعوب الاكثر فقراً». أما رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، فاقترح عدم احتساب المساعدات الغذائية ضمن سقوف الموازنات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على دوله الأعضاء، معتبرا انه «ينبغي عدم ادراج المساعدات في التزامات الدول حيال الاتحاد الأوروبي على صعيد موازناتها».

ومن أهم أهداف هذه القمة العالمية الحصول من المانحين على حزمة مساعدات عاجلة تشمل توزيعا مباشرا للمواد الغذائية ودعم الغذاء وتبرعات نقدية إلى جانب برامج تغذية لتلاميذ المدارس والنساء الحوامل والمسنين في الدول الفقيرة. وتحتاج حزمة المساعدات العاجلة إلى 775 مليون دولار وفقا للنداء الذي وجهه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة المعني بتقديم المساعدات الغذائية للمحتاجين إليها في العالم.

وأشارت «فاو» إلى مجموعة من الإجراءات قصيرة المدى للمساعدة في مواجهة الأزمة الغذائية الحالية وتشمل توزيع البذور والأسمدة وعلف الحيوان وغيرها من مستلزمات الإنتاج الزراعي على صغار المزارعين في الدول الفقيرة، مضيفة أن هذه الإجراءات تحتاج إلى 1.7 مليار دولار من الدول المانحة.

وكان زوليك قد ذكر أول من أمس انه ينبغي على القادة إمداد المزارعين بالحبوب والأسمدة ورفع الحظر على الصادرات الذي يدعم ارتفاع الأسعار. بينما أعلن الأسبوع الماضي عند تقديم قروض ومنح للدول الفقيرة تبلغ 1.2 مليار دولار لمساعدة الفقراء على تحمل تكلفة الغذاء والوقود.