سياسيون عراقيون يتحدثون في واشنطن: «المصالحة السياسية» تتقدم و«المصالحة الوطنية» تتعثر

انقسام حول النفوذ الإيراني وحذر عند الحديث عن انسحاب القوات الأميركية من العراق

TT

قال سياسيون عراقيون إن «المصالحة الوطنية» في البلاد تتعثر، لكن «المصالحة السياسية» تحقق تقدما، وإن هناك نجاحاً يلوح في الأفق، وأكدوا وجود انقسامات بين العراقيين حول الموقف من ايران. في حين قال أحد شيوخ العشائر في العراق إن «الصحوات» تصدت لتنظيم القاعدة، من دون اية مساعدات من الجيش والشرطة العراقية، مؤكداً ان بلاده تعرضت الى هجمة غير مسبوقة في التاريخ من «الارهابيين».

وأبدى السياسيون حذراً عند الحديث عن موضوع انسحاب القوات الاميركية من العراق. وقال الشيخ بلعاصم يحيى شيخ عشائر بني تميم في محافظة ديالي إن «الموضوع حساس جداً ومعقد». وكان فرياد رواندزي، المتحدث باسم الكتلة الكردية في البرلمان العراقي المكلفة بحوار المصالحة، قد استهل الحديث خلال ندوة نظمها «معهد السلام» الاميركي في واشنطن، قائلاً إن المصالحة الوطنية اصيبت بانتكاسة بسبب مواقف الطرف السني، ويسعى الاكراد حالياً للتوسط بين السنة والشيعة. مشيراً الى ان المشكلة تكمن في الاطراف المعارضة، التي توجد خارج الحكومة.

وقال ان الحوار مع المجموعات خارج الحكومة شمل البعثيين، خاصة من السياسيين وكبار الضباط، وحقق الحوار مع هؤلاء نتائج ايجابية حيث كانوا يطالبون بضمان حقوقهم، وهو ما تحقق من خلال قانون «المساءلة والعدالة»، الذي اصبح بديلاً عن قانون «اجتثاث البعث». اما المجموعة الاخرى التي شملها الحوار فهم اولئك الذين يوجدون ضمن المثلث السني، والذين ساروا في طريق ما اصبح يعرف بـ«الصحوات»، وهي المجموعات التي طردت تنظيم القاعدة من مناطقها، وهذه الفئة تعيش حالياً تفاعلاً وتريد ان تتحول الى تيار سياسي.

وقال رواندزي، إن تنظيم القاعدة استبعد من الحوار حول «الوحدة الوطنية»، كما ان هناك مجموعة اخرى من البعثيين لا يريدون الانخراط في المصالحة ويعارضون الحكومة معارضة مسلحة، وأوضح انه تم لقاء مع هذه المجموعات في أكثر من عاصمة عربية، لكنهم يرفضون مبدأ المصالحة.

واشار رواندزي الى أن هناك حواراً يجري على مستوى آخر بين الشيعة والسنة، وعبر عن اعتقاده بان التشنج بين السنة والشيعة سببه دوافع سياسية، وعبر عن امله في ان تؤدي الى عودة المهجرين الى اماكنهم بعد زوال التشنجات السياسية. وفي السياق نفسه تحدث عمر عبد الستار عضو مجلس النواب وعضو الحزب الاسلامي العراقي، قائلا إن «المصالحة السياسية» تحقق نتائج ايجابية وان النجاح يلوح في الأفق، واضاف يقول «بدأنا نتنفس الصعداء بعد سنوات صعبة، وهو ما منحنا جرعة أمل». بيد انه توقع الا تتحقق المصالحة السياسية بالصورة التي يريدها العراقيون، الا بعد اجراء الانتخابات البلدية والبرلمانية في العام المقبل، وعبر عن اعتقاده بان البرلمان الحالي غير قادر على مواجهة تحديات تحقيق مصالحة وطنية وسياسية في البلاد. ودعا عبد الستار الى حسم العلاقة بين اميركا وايران بطريقة صحيحة، مشيراً في هذا الصدد الى ان العراقيين منقسمون حول ايران الى ثلاث فئات، ترى الفئة الاولى ان المشكلة مع ايران سببها الوجود الاميركي، والفئة الثانية ترى ان المشكلة الكبرى هي النفوذ الايراني الذي اكتسح البلاد، وهؤلاء يريدون بقاء الاميركيين لمواجهة هذا النفوذ، والفئة الثالثة ترى ان هناك علاقة غامضة بين اميركا وايران، وهم يقولون إن هناك اتفاقا تحت الطاولة وخلافات فوق الطاولة. مشدداً على ان الامر يتطلب الحسم من طرف الاميركيين أنفسهم. وقال عبد الستار إن غرض المصالحة الوطنية ان يكون العراقيون سواسية امام القانون، وأن الأصل هي المواطنة، وان الوظيفة هي لخدمة الوطن والمواطنين، وهي ليست ملكاً لحزب أو طائفة. واشار الى انهم يتوقون الى تطبيق التجربة الكردية تحت شعار «عفا الله عما سلف».

وتوجه الشيخ بلعاصم يحيى مباشرة الى الاميركيين، الذين كانت تغص بهم القاعة قائلاً: «وصلتكم صور مشوهة عن العراقيين، على اعتبار انهم قتلة ومختطفون». وأضاف «العراقيون يتمتعون بأعلى درجات الرحمة ويحترمون الشعوب، لكن معارضة الاحتلال والاغتصاب حق أي شعب من الشعوب».

وقال يحيى إن ما عرفه العراق لم يحدث في التاريخ، ذلك ان العراقيين خاضوا المعارك العنيفة ضد القاعدة التي تدفق اعضاؤها عبر الحدود، ومعهم كميات كبيرة من الاسلحة، وتصدى لهم الناس من دون مساعدات من الجيش والشرطة، بل وفي بعض الفترات لم يكن هناك لا شرطة ولا جيش في البلاد. وقال إن العشائر تصدت للقاعدة ومنعتها من التوسع في العراق، ولم تبق الا بعض الجيوب المعزولة. وقال إن العشائر هي التي شرعت الآن في إعادة المهجرين، وتقديم تعويضات للذين اصيبوا بالضرر. وحول موضوع انسحاب الاميركيين من العراق قال الشيخ يحيى «أقول لكم بكل صراحة ليست لدينا معلومات كافية حول ما يدور بين الاميركيين والايرانيين.. ونحن لا نقرر ان يبقى الاميركيون او يغادروا، هذا موضوع معقد جداً وهناك أمور كثيرة تجري وراء الكواليس».