الكويت تتحسب لإغلاق هرمز بخطط وقائية.. وواشنطن تؤكد استعدادها بسيناريوهات مختلفة

الحكم بإعدام رجل أعمال إيراني نافذ بتهمة التجسس لإسرائيل

علي أشتاري الإيراني المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل (رويترز)
TT

وسط تصعيد دبلوماسي وسياسي، أعلنت إيران أن حكما بالإعدام صدر ضد رجل أعمال إيراني له علاقات نافذة داخل إيران، وذلك بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، موضحة ان اتصالات رجل الأعمال الإيراني بشخصيات اسرائيلية كانت تتم في تايلاند وتركيا وسويسرا وأنه عبر شركاته، التي منها أفرع في طهران ودبي، زود المؤسسات الإيرانية بأدوات تجسس وأجهزة معطوبة أدت الى أضرار كبيرة. وفيما قال مسؤول كويتي أمس ان الكويت تطور خططا وقائية لضمان تدفق الصادرات النفطية في حال أغلقت ايران مضيق هرمز، الممر الحيوي لنفط الخليج، أكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فلتمان لـ«الشرق الأوسط» ان واشنطن مستعدة بسيناريوهات مختلفة للتهديدات التي تضر مصالحها او حلفائها في المنطقة. وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية، سعد الشويب، ان هناك بحث داخل دول مجلس التعاون «منذ مدة لبدائل تؤمن لها استمرار مد الأسواق العالمية بالنفط، فيما لو تعرض مضيق هرمز إلى أي حادث أو عارض يمنع استخدامه أمام ناقلات النفط». وأضاف الشويب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك حديث كثير حول هذا الموضوع، والبدائل لا تزال في طور البحث، إلا أيا منها لم يحسم بعد، لاختياره كبديل عن مضيق هرمز، فيما لو تعرض لأي طارئ يغلقه أمام ناقلات النفط، خاصة أن المضيق مهم جدا على المستوى العالمي في عمليات تصدير النفط».

وحول وجود توجه لاستخدام الكويت ودول مجلس التعاون خطوط النفط والغاز السعودية وموانئها المطلة على البحر الأحمر لضمان استمرار عمليات التصدير أكد الشويب أن «لا يوجد شيء نهائي وقاطع في هذا الخصوص، فالمسألة كانت ولا تزال حتى الآن في طور البحث بين دول مجلس التعاون، ولم يحسم بعد أي خيار منها».

وكانت وكالة الأنباء الكويتية نقلت ظهر أمس عن الشويب توقعه بأن «يصل سعر برميل النفط إلى 200 دولار، متى ما حدثت أي توترات عسكرية في منطقة الخليج، مع العلم بأن التوترات الحالية رفعت الأسعار إلى فوق مستوى الـ140 دولارا للبرميل، وهي لا تعبر سوى عن تخوفات».

وبحسب تصريح الشويب لوكالة «كونا» فإن «15 – 20 في المائة من أسباب ارتفاع أسعار النفط الحالية يعود بالدرجة الأولى إلى التوترات السياسية في منطقة الخليج، بينما يؤثر انخفاض الدولار بنسبة 20 في المائة على الأسعار، ولا شك بأن الأسعار ستنخفض كثيرا لو تمت معالجة هذين العاملين».

وأضاف الشويب أن «هناك خططا احتياطية وبدائل لتصدير النفط الكويتي بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي» في تعليقه على التهديدات الإيرانية بغلق مضيق هرمز، مسترجعا تعامل الكويت مع نفس السيناريو خلال الحرب العراقية – الإيرانية (1980 ـ 1988)، والتي «تمكنت خلالها من تصدير إنتاجها رغم اشتداد وطأة الحرب، كما لا يخفى أن معظم احتياطيات النفط العالمية موجودة في منطقة الخليج، فيما تنتج إيران وحدها 3 ملايين برميل يوميا، وإذا حدثت توترات في المنطقة فستحرم العالم من جزء من هذا الإنتاج».

ومع تردد الحديث حول اغلاق طهران لمضيق هرمز في حالة الهجوم عليها، اعلن قائد الاسطول الأميركي الخامس في منطقة الخليج الادميرال كيفن كوسيغريف ان الولايات المتحدة «لن تسمح لايران بإغلاق مضيق هرمز». وقال كوسيغريف في مؤتمر صحافي عقده في مقر قيادة الاسطول الخامس بقاعدة الجفير (شرقي المنامة) في البحرين ان الايرانيين «لن يتمكنوا من اغلاق مضيق هرمز.. لن نسمح لهم باغلاقه». وأضاف كوسيغريف ان «التصريحات الايرانية الاخيرة والتهديد باغلاق مضيق هرمز غير بناءة وغير مسؤولة.. مثل هذا العمل لن يكون موجها ضد الولايات المتحدة بل ضد المجتمع الدولي بأسره».

الى ذلك قال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية والسفير الأميركي السابق لدى لبنان، جيفري فلتمان، ان واشنطن لديها سيناريوهات متعددة للتعامل مع إيران إذا ما قررت اغلاق مضيق هرمز او هددت القواعد الأميركية في الخليج. وأوضح فلتمان لـ«الشرق الأوسط»: «الجيش الأميركي دائما لديه خطط استعدادية للتأكد من أننا لدينا أفضل دفاع ممكن إزاء اي تهديد. إيران تشكل تهديدا واضحا لأصدقائنا في الخليج، ومن الطبيعي أن نفترض ان الجيش الأميركي بحث سيناريوهات متعددة، ولديه تصورات حول كيفية التصرف إذا ما هددت إيران وقواعدنا في الخليج مثلا. لكن السؤال يظل سؤالا افتراضيا». ورفض مساعد وزيرة الخارجية الأميركية التعليق على تقرير مجلة «نيويوركر» الأميركية حول زيادة العمليات الأميركية السرية داخل إيران او علاقة جماعة «جند الله» الإيرانية في أميركا، غير أنه شدد «نحن ملتزمون بالحل الدبلوماسي حول البرنامج النووي الإيراني». الى ذلك، قالت وكالة الأنباء الإيرانية «أرنا» أمس أن محكمة ايرانية أصدرت حكما بإعدام الإيراني علي أشتاري، وهو بحسب ما نقلت وسائل الإعلام الإيرانية مدير شركة تبيع معدات اتصال وأجهزة أمنية لهيئات إيرانية من بينها منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وبعض مراكز الدفاع والجيش الإيرانيين. وبحسب اشتاري فإن نشاطه «لفت انتباه بعض الدول المهتمة بهوية زبائني». وقال انه تلقى اتصالا من شخصين عرف عنهما باسمي جاك شارل وتوني وقد أعلنا انهما يودان الاستثمار في قطاعه ودعواه الى تايلاند وتركيا وسويسرا. وأضاف اشتاري خلال المحاكمة بحسب ما نقلت وكالة فارس «لقد أعطياني تجهيزات بينها جهاز كومبيوتر نقال وحقيبة مجهزة بنظام اتصالات عبر الأقمار الصناعية يمكن من خلالها توجيه رسائل مشفرة». وهدف العملية كان ان يقدم اشتاري هذه التجهيزات لزبائنه الايرانيين، ما كان ليتيح التجسس عليهم، لكنه قال انه تم اعتقاله قبل ان يتمكن من بيعهم اياها. وافاد مسؤول مكافحة التجسس ان اشتاري نجح في زرع «تجهيزات في بعض المؤسسات»، مستفيدا من «الثقة التي تمنحه اياها المنظمة الايرانية للطاقة الذرية وهيئات دفاعية».

ونقلت «فارس» عن أشتاري قوله أنه قبل قرضا قيمته 50 ألف دولار من عملاء إسرائيل لأنه كان يمر بضائقة مالية، مشيرة الى أنه قال للمحكمة ان ثلاثة عملاء إسرائيليين قدموا نفسهم له على انهم ممثلو بنك اجنبي يبحثون عن شراكة تجارية. وعرض التلفزيون الإيراني صورا لمعدات قال انها ضبطت في القضية. ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن مسؤول ايراني في مكافحة التجسس قوله ان أشتاري كانت له صلات عمل مع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وأيضا مع «بعض مراكز الدفاع والجيش»، اثناء عمله مع الموساد. وقال المسؤول بدون اسهاب انه بمساعدة الموساد قدم اشتاري «عدات معيبة ملوثة... وانه في بعض الحالات أدى استخدام هذه الأجزاء الى هزيمة المشروع وإلحاق اضرار به لا رجعة فيها». وكانت شبكة «سي بي اس» الأميركية قد أفادت في مايو 2007 عن عمليات تخريب استهدفت البرنامج النووي الايراني وقامت بها اجهزة استخبارات غربية قامت بترتيبات لتزويد ايران بتجهيزات غير صالحة. وأكد مسؤول البرنامج الذري الايراني غلام رضا اغازاده في يناير 2007 ان تجهيزات كهربائية مستوردة من تركيا وتم «التلاعب بها» تسببت عام 2006 بتعطيل خمسين جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم بشكل نهائي في محطة نطنز.

وكانت محاكمة أشتاري استمرت يومين وبدأت يوم السبت الماضي. وهو احتجز قبل عام ونصف العام. وقالت وكالة الطلبة الايرانية للانباء «صدر حكم بإعدام علي أشتاري الذي اتهم بالتجسس لحساب الدولة الصهيونية والضلوع في أنشطة تجسس لجهاز الموساد». واعترف أشتاري، 43 عاما، بالتهم المنسوبة له وطلب الرأفة. ونقلت وكالة «فارس» للأنباء عن أشتاري قوله لمحكمة في طهران «أعتذر لشعب ايران ولأي منظمة تضررت من أفعالي». ويجيء الحكم على رجل الأعمال الإيراني في وقت يشهد زيادة في حدة التوتر بين اسرائيل وايران وتكهنات باحتمال شن هجوم اسرائيلي على منشات نووية إيرانية. وزادت التكهنات بشأن ضربة إسرائيلية لايران بعد تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» هذا الشهر جاء فيه أن الدولة اليهودية أجرت مناورة تدربت خلالها على توجيه ضربة لمنشات نووية ايرانية. لكن اسرائيل نفت صلتها برجل الأعمال الإيراني أو بقضية التجسس، وقال مسؤول في الحكومة الإسرائيلية أمس «لا علم لنا بأي حال من الأحوال بهذه القضية»، وكان مسؤول في وزارة الخارجية الاسرائيلية قد كرر هذا المعنى يوم السبت. وأعلنت ايران مرارا من قبل ضبط شبكات تجسس واتهمت الولايات المتحدة و«الصهاينة» بمحاولة زعزعة استقرار البلاد. ففي عام 2000 أدين عشرة يهود من مدينة شيراز بالتجسس في محاكمة مغلقة اثارت غضبا دوليا. وأفرج عن آخر خمسة احتجزوا في عام 2003. الى ذلك، شهد فريق التفاوض النووي الايراني تعديلا جديدا. وقالت وكالة أنباء الطلبة الايرانية «إسنا» ووكالة «مهر» إن كبير المفاوضين النوويين الايراني سعيد جليلي عين المدير العام السابق بوزارة الخارجية الايرانية علي باقري نائبا جديدا له للشئون الدولية ليحل محل جواد وعيدي الذي كان حاضرا في جميع جولات المفاوضات. وتم استبدال جواد وعيدي الذي كان يتولى منصب مساعد الأمين العام للمجلس المكلف الشؤون الدولية بعلي باقري الذي كان حتى الآن مديرا للشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الايرانية. ويأتي هذا التغيير اثر تعيين سعيد جليلي الأمين العام للمجلس السبت، ممثلا شخصيا للمرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي داخل هذه الهيئة. وجليلي المعروف بأنه مقرب من الرئيس محمود احمدي نجاد تولى مهامه في المجلس الخريف الماضي ليحل محل علي لاريجاني. وعين وعيدي في منصب مستشار لجليلي الذي يتولى المحادثات مع القوى الكبرى في محاولة لتسوية الملف النووي الايراني.

ويتوجب على إيران الرد على عرض التعاون الذي قدمته هذه الدول في مقابل التزام بتعليق انشطة تخصيب اليورانيوم وهو ما لا تزال ترفضه. والمجلس الأعلى للأمن القومي هيئة مصغرة لصنع القرار تضم ممثلين للمرشد الأعلى للجمهورية ورئيس البرلمان (علي لاريجاني حاليا) ورئيس السلطة القضائية ورئيس هيئة اركان الجيوش ووزارة الاستخبارات.

وخلف جليلي نفسه علي لاريجاني في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في منصب كبير المفاوضين النوويين في أعقاب خلافات بين لاريجاني والرئيس محمود أحمدي نجاد حول كيفية التعامل مع النزاع النووي مع الغرب.

وقالت مصادر إيرانية إن تعيين باقري ليحل محل وعيدي جاء نظرا لان وعيدي لم تكن لديه علاقات عامة كافية تدعم الموقف الايراني بشأن القضية النووية في الخارج. ويأتي ذلك فيما من المقرر أن تستأنف إيران الاسبوع المقبل المحادثات النووية مع الدول الاعضاء بمجلس الامن الدولي بالاضافة إلى ألمانيا حيث يتوقع أن تكشف إيران عن ردها على حزمة الحوافز التي قدمتها تلك الدول لها في مسعى لإقناعها بوقف تخصيب اليورانيوم.