مواجهة بين الخارجية الأميركية والبنتاغون.. وأولمرت يزور «ديمونة»

سخونة الملف النووي الإيراني تتزايد في إسرائيل وأميركا وإيران

أحمدي نجاد والمفاوض الاساسي في الملف النووي سعيد جليلي في قصر الرئاسة في طهران أمس (رويترز)
TT

تزايدت سخونة الملف النووي الإيراني اميركيا واسرائيليا وايرانيا في وقت واحد. ففيما نشبت مواجهة محدودة بين وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول في وزارة الدفاع الاميركية قال لمحطة «ايه.بى. سي نيوز» الاميركية، ان الاحتمال يتزايد بأن تهاجم اسرائيل المفاعلات الإيرانية، قام رئيس الوزراء الاسرائيلي أيهود اولمرت فجأة امس بزيارة غير معلنة الى مفاعل ديمونة الاسرائيلي، مما أدى الى نقاشات فورية في محطات الراديو والتلفزيون الاسرائيلي حول دلالة الزيارة وتوقيتها. أما في إيران، فقد تحدث لأول مرة احد المقربين من المرشد الاعلى لإيران آية الله علي خامنئي، وهو مستشاره للشؤون الخارجية علي أكبر ولايتي ضمنياً ضد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، داعيا، بدون تسمية نجاد، المسؤولين الإيرانيين الى عدم اطلاق «شعارات استفزازية» تزيد مشاكل إيران. وبينما رفض البيت الابيض التعليق على توسيع العمليات السرية داخل إيران، انتقدت وزارة الخارجية الاميركية تصريحات لمسؤول كبير في وزارة الدفاع الاميركية، قال انه يوجد احتمال متزايد لمهاجمة اسرائيل لايران بسبب برنامجها النووي. وقال المسؤول الدفاعي الذي لم يتم الكشف عن هويته لمحطة تلفزيون «ايه.بي.سي نيوز» ان الاحتمال يتزايد أن تهاجم اسرائيل ايران، مما يؤدي الى رد ضد كل من اسرائيل والولايات المتحدة. وتابع «إنه اذا ما انتجت ايران ما يكفي من اليورانيوم المخصب، لانتاج اسلحة ذرية، فقد يمثل هذا تجاوزا لخط أحمر، مما قد يؤدي الى هجوم اسرائيلي». وذكرت المحطة التلفزيونية مستشهدة بمعلومات تقديرية مخابراتية اسرائيلية واميركية، ان هذا قد يحدث في عام 2009 او في وقت لاحق من العام الحالي.

لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية توم كيسي، رد على التصريحات قائلا «ليست عندي معلومات تدعم ذلك واعتقد انه غباء من الناس، الذين غالبا لا تكون لديهم معلومات موثوقة عما يتحدثون عنه ان يؤكدوا امورا ولا تكون لديهم اللياقة لعمل ذلك باسمهم». من ناحيته قال بريان ويتمان المتحدث باسم البنتاغون، عندما سئل بشأن تقرير المحطة التلفزيونية «انا لا اعلق نيابة عن اسرائيل». واضاف «سنعالج قلقنا من ايران دبلوماسيا، ومن خلال منظمات دولية تستطيع ان تمارس بعض الضغوط لتؤثر على هذه القضية.. هذا محور الجهود الاميركية». الى ذلك، رفض البيت الابيض التعليق على معلومات تحدثت عن أن الولايات المتحدة وسعت بشكل كبير عملياتها السرية في إيران أخيراً. وقالت المتحدث باسم البيت الابيض، دانا بيرينو، في مؤتمر صحافي اول من امس «لا يمكنني ان أعبر في اتجاه او في آخر». ورداً على سؤال حول الاسباب التي تجعلها لا تؤكد ولا تنفي المعلومات التي نشرتها مجلة «النيويوركر»، قالت بيرينو إن المجلة تحدثت عن عمليات سرية، وان الادارة لا تعلق على مثل هذه العمليات. وذكرت المجلة في عددها الاخير ان الكونغرس ارسل نهاية 2007 طلبا الى الرئيس جورج بوش حول توسيع العمليات السرية في ايران «بشكل كبير». وتقوم هذه العمليات التي طلب من اجلها بوش مبلغ 400 مليون دولار، على دعم مثلا الاقليات العربية والبالوشية في مناطق يواجه فيها الحكم المركزي اعمال عنف، وكذلك دعم منظمات معارضة للنظام الايراني، حسب ما نقلت المجلة عن مخبرين عملوا او يعملون في الجيش والاستخبارات او في الكونغرس. واشارت المجلة الى ان هذه العمليات تهدف ايضا الى جمع معلومات حول النشطات النووية في الجمهورية الايرانية. إلا ان سفير الولايات المتحدة لدى العراق، ريان كروكر، نفى ان يكون الاميركيون يعبرون الحدود للقيام بعمليات سرية عند الجار الايراني. ولكن هذا الامر لا يستبعد حصول عمليات من نوع آخر. واكدت بيرينو ان بوش «يحرص خصوصاً على محاولة حل هذه المسألة بطريقة دبلوماسية». من ناحيته، قال مسؤول بارز بوزارة الخارجية الاميركية لـ«الشرق الاوسط» حول احتمالات هجوم ضد إيران: «لا نريد التحرك لنظر او التفكير في الحل العسكري.. نريد ان نمضي في اتجاه مفاوضات سلمية على أساس قرارات مجلس الامن الدولي. ونأمل ان القيادة الإيرانية عندما تنظر الى سلة الحوافز وترى كم هي جادة، وترى كيف أنها في صالح إيران، من اجل العمل مع مجموعة 5 + 1 في مسار تفاوضي. تقول القيادة الإيرانية ان إيران تريد طاقة نووية سلمية، وان من حق إيران تطوير برنامج نووي للاستخدام السلمي. نحن نتفق تماما مع هذا. لكن هذا البرنامج النووي السلمي لتوليد الطاقة يجب ان يكون منسجما مع القرارات الدولية والاجماع الدولي ومع معاهدة منع الانتشار النووي. ما نقوله لإيران هو إذا أوقفتم النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، والتزمتم بقرارات مجلس الامن، فإننا في الواقع سنساعدكم للوصول لنقطة امتلاك برنامج نووي سلمي في إيران». ويأتي ذلك فيما اتهم عميل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) الوكالة بتجاهل أدلة تفيد ان إيران أوقفت برنامجها لتطوير أسلحة نووية. ووفقاً لصحيفة «واشنطن بوست» الاميركية، فإن العميل الذي منعته الـ«سي آي ايه» من استخدام اسمه الحقيقي، رفع مذكرة الى محكمة فيدرالية يوم الجمعة الماضي يطلب فيها من الحكومة الاميركية الكشف عن وثائق سرية، توضح ما قال إنه «إخفاء متعمد» لادلة تتعارض مع الأفكار المسبقة التي لدى مسؤولين بارزين بالاستخبارات الاميركية حول مدى تقدم البرنامج النووي الإيراني. وكان عميل الاستخبارات هذا قد قال في قضية اخرى رفعها عام 2004 انه فصل من الاستخبارات الاميركية بسبب تشابكات مع مسؤولين بارزين في «سي آي ايه» بسبب نتائج توصل لها حول اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط تتعارض مع الافكار السائدة في ذلك الوقت داخل الاستخبارات الاميركية، لكن لم يتم الكشف عن تفاصيل متعلقة بهذه النتائج بسبب حساسية المعلومات الاستخباراتية. ويأتي ذلك فيما قال مسؤول بمكتب اولمرت ان الأخير قام أمس بزيارة المفاعل النووي الرئيسي في اسرائيل. ولم يعط المسؤول الاسرائيلي الذي رفض الكشف عن هويته أي تفاصيل حول زيارة اولمرت او سببها، موضحا ان الزيارة سرية، وان الصحافة لم تعلم بها قبل قيام اولمرت بها. وقال راديو جيش اسرائيل أن اولمرت قام بجولة في منطقة المفاعل النووي في صحراء ديمونة. وفور الاعلان عن الزيارة تحدث المعلقون الاسرائيليون في محطات الراديو والتلفزيون حول احتمال قيام اسرائيل بهجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية. وعلى الرغم من ان اولمرت أعرب مرارا عن تأييده لزيادة العقوبات الاقتصادية ضد إيران لإثنائها عن تطوير برنامجها النووي، إلا أنه لم يلغ امكانية القيام بعمل عسكري ضد البرنامج النووي الإيراني الذي يراه أكبر تهديد لأمن اسرائيل. يذكر ان عدد الرؤوس النووية التي لدى اسرائيل تبقى سراً. وكانت الصورة الوحيدة لمفاعل ديمونة النووي قد سربت عام 1986 الى صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية عبر موردخاي فعنونو الذي كان يعمل في المفاعل. ولاحقاً اختطف الموساد فعنونو بروما وعاد به الى اسرائيل حيث مثل للمحاكمة، وبقي في السجن 18 عاماً. لكن دبلوماسي غربي في تل ابيب استبعد شن أي هجوم اسرائيلي أو أميركي على ايران في الشهور الستة المقبلة، موضحا «ان الخيار العسكري هو آخر شيء يتعين علينا استخدامه، ولن يستخدم بسهولة». وقال الدبلوماسي في تصريحات نقلتها «رويترز» أمس انه لا يوجد اجماع في اسرائيل يؤيد شن هجوم، وان الولايات المتحدة ليس من المرجح أن تتخذ اجراء، لأنها ترى ان البرنامج النووي الايراني لن يصل الى مرحلة اللاعودة قبل نحو عامين. واضاف الدبلوماسي «لا اعتقد ان يحدث هجوم في الشهور الستة المقبلة». الى ذلك، حذر علي اكبر ولايتي مسؤولي البلاد من اطلاق الشعارات «الاستفزازية» حول الملف النووي، في انتقاد ضمني للرئيس نجاد. وقال ولايتي في مقابلة مع صحيفة «جمهوري اسلامي» ان «على المسؤولين والخبراء السياسيين.. تجنب التصريحات والشعارات غير المنطقية والاستفزازية». وبخصوص الملف النووي، لفت ولايتي الى ان «مجموعة 5 +1 تزن كل كلمة في تصريحاتها»، معتبرا انه «ينبغي التفوه بكلام اكثر اتزاناً». وفهمت التصريحات فورا على أنها انتقاد لنجاد، ففيما اعلن مسؤولون ايرانيون ان طهران تدرس العرض جدياً، وصفه نجاد في 19 يونيو (حزيران) الماضي بأنه «لعبة جديدة» تؤديها القوى العظمى. وقال ولايتي الذي شغل فترة طويلة منصب وزير الخارجية «بعض الكلام قد يسبب لنا مشاكل».