غوانتانامو : 120 سجينا خطرا لا يمكن إطلاق سراحهم أو تقديمهم للمحاكمة

تفاقم الجدل بشأن ما يجب فعله بمن تبقى من المعتقلين

TT

تنوي إدارة بوش تنفيذ خطة طويلة الأجل لإخلاء معتقل خليج غوانتانامو العسكري، وقد تتضمن الخطة تقديم طلب للكونغرس بالكشف عن الإجراءات الخاصة بعدد من المتهمين بالإرهاب ممن لا تنوي الحكومة تقديمهم للمحاكمة، حسبما أفاد مسؤولو الإدارة الأميركية وبعض المسؤولين الآخرين ممن على اطلاع بالمناقشات التي تجري داخل البيت الأبيض حول هذا الموضوع. وبموجب أحد السيناريوهات التي يتم التفكير فيها بين أعضاء الفريق المعاون للرئيس بوش، فإن نحو 80 معتقلا سوف يتم الإبقاء عليهم داخل المعتقل في كوبا، لتتم محاكمتهم من قبل اللجان العسكرية، كما سيتم تسليم نحو 65 آخرين إلى بلادهم الأصلية، حسبما أفاد العديد من المصادر التي لها اطلاع على المناقشات، والتي اشترطت عدم الإفصاح عن هويتها، نظرا لحساسية هذه المشكلة. لكن الأهم في هذا الجدل المحتدم هو ما يجب فعله بمن تبقى من المعتقلين، الذين يبلغ عددهم نحو 120 آخرين، والذين تنظر إليهم الإدارة الأميركية على أنهم معتقلون يمثلون خطورة كبرى ولا يمكن إطلاق سراحهم، كما لا يمكن تقديمهم للمحاكمة العسكرية كذلك نظرا لنقص الأدلة اللازمة لإثبات التهم الموجهة إليهم. ويبحث المسؤولون فيما إذا كانوا سوف يقومون بتقديم قانون جديد خلال الأيام المقبلة يمكن أن يؤسس لإجراءات قانونية لهؤلاء المعتقلين، حيث يمكن نقلهم إلى سجون عسكرية أو مدنية على الأراضي الأميركية، حسبما أفادت المصادر. ويأتي هذا الجدل بعد حكم المحكمة العليا في الشهر الماضي بإعطاء معتقلي غوانتانامو الحق في استئناف محاكمتهم أمام المحاكم المدنية في الولايات المتحدة. وقد كان مسؤولون كبار في الإدارة يحاولون جاهدين صياغة رد مناسب، حيث كانوا يعقدون اجتماعات على مستوى مساعدي الإدارة حول هذا الموضوع خلال العامين الماضيين، حسبما أفاد المسؤولون. وقد دأب الرئيس بوش خلال العامين الماضيين على تكرار رغبته في إغلاق معتقل غوانتانامو، لكنه ومعاونيه أفادوا ردا على تقرير «ايه بي سي نيوز»، بأنه لم يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن بعد. وقد أفاد المسؤولون بأن الجدال في الإدارة الأميركية يدور حول الخطوات اللازمة لإغلاق هذا المعتقل بما في ذلك نقل عدد من المشتبهين بصلتهم بالإرهاب إلى معتقلات أميركية أخرى. وقد أفاد الرئيس بوش في مقابلة صحافية مع «فوكس نيوز» بقوله: «إننا نحلل القرار وكيفية التقدم في تنفيذه، وليس هناك قرار وشيك بشأن معتقل غوانتانامو. ومع ذلك، فإن علينا التزاما تجاه القانون.. وسوف نحاول الانتهاء من هذا الموضوع في أقرب وقت ممكن».

وقد أفاد أحد المسؤولين. ممن على اطلاع بالمناقشات الداخلية التي تجري، بأن هناك إجماعا على تفضيل تقديم قانون جديد من شأنه أن يحل المشكلة التي سببها قرار المحكمة العليا، لكن التفاصيل بشأن ذلك لم يتم حسمها بعد. ومن غير الواضح كذلك، حسبما يفيد المسؤول، ما إذا كان الكونغرس الذي يمثل الديمقراطيون أغلبيته سيمرر مثل هذا القانون المثير للجدل والذي يتم تقديمه خلال العام الذي يشهد انتخابات الرئاسة الأميركية. فعلى سبيل المثال، كان رد فعل المشرعين في كانساس سلبيا لعرض تقدم به السيناتور جون ماكين وهو المرشح الجمهوري لمنصب الرئاسة، بنقل بعض المعتقلين للسجن الحربي في فورت ليفينورث، بولاية كانساس. وقد أفاد منافسه الديمقراطي السيناتور باراك أوباما بأنه يمكن أن ينقل هؤلاء المعتقلون للسجن الحربي في فورت ليفينورث أو غيره من السجون المدنية، وأنه سوف يقوم بإغلاق معتقل غوانتانامو.

وقد تبقى نحو 265 معتقلا في غوانتانامو، الذي تم تأسيسه عام 2002، ليضم المشتبهين بالإرهاب بعد وقوع هجمات 11 سبتمبر 2001. وقد سبب قرار احتجاز هؤلاء المشتبه بصلتهم بالإرهاب في هذا المعتقل الكثير من النقد الدولي. وقد تم توجيه الاتهام لعشرين من المعتقلين كجزء من النظام القضائي العسكري الذي أسسه الكونغرس عام 2006، بما في ذلك خمسة معتقلين تم توجيه الاتهام إليهم بالمشاركة في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر. وقد أفادت المصادر بأنه تم إرسال 20 معتقلا فقط إلى معتقل غوانتانامو منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2004. كما أفادت المصادر بأنه بموجب الخطة الجديدة التي تفكر فيها إدارة الرئيس بوش، فإنه لن يتم إرسال المزيد من المعتقلين إلى المعتقل من دون توجيه تهم رسمية إليهم، على الرغم من أنه يمكن نقل بعضهم من المعتقلات التي تديرها القوات الأميركية في أفغانستان وبعض الأماكن الأخرى، بصورة مؤقتة لحضور المحاكمات العسكرية. وقد حكمت المحكمة العليا بأغلبية 5 إلى 4 أصوات يوم 12 يونيو (حزيران) بأن المشتبهين بصلتهم بالإرهاب من الأجانب والمعتقلين في غوانتانامو، لهم الحق بموجب الدستور في استئناف محاكمتهم أمام المحاكم المدنية في الولايات المتحدة، وأن النظام المعمول به، والذي يقسم المتهمين إلى أعداء مقاتلين ويتم استخدامه في مراجعة القرارات الخاصة بهم، غير مناسب. وقد تعهد وزير الدفاع روبرت غيتس بإغلاق معتقل غوانتانامو منذ توليه منصبه عام 2006، حيث كان يعتقد أن هذا المعتقل يضر بسمعة الولايات المتحدة على المستوى الدولي. وقد اقترح بأن يقوم الكونغرس بإيجاد أفكار لحل هذه المشكلة، لكن المشرعين لم يفعلوا ذلك.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»