فرق الفولكلور المغربي تنقل فرحة انتهاء موسم الحصاد إلى مراكش

احتفالا بالدورة الـ 43 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية

الرجل والمرأة يجتمعان في أداء الأهازيج الشعبية والرقصات المتناسقة، بطريقة تثير الإعجاب والانبهار
TT

لا يكاد يمر أسبوع أو شهر حتى نسمع عن تنظيم مهرجان فني في مدينة مراكش المغربية. وتتفاوت مهرجاناتها وتختلف من حيث مضمونها وشكليات تنظيمها، لكنها تشترك في أنها تعطي المدينة الحمراء إمكانية الرفع من مستوى العرض الثقافي والفني، الذي يضاف إلى السحر التاريخي الذي توفر للمدينة عبر ساحتها الشهيرة وروح النكتة التي تميز أهلها، الشيء الذي جعل منها مهرجاناً مفتوحاً على البهجة والفرجة.

ومن بين تظاهرات مراكش الشهيرة، يراكم المهرجان الوطني للفنون الشعبية تجربته وأهميته، بعد أن وصل هذا العام إلى محطته الثالثة والأربعين، حيث يجمع المهتمون على أهميته كملتقى للفنون الشعبية، الملخصة لتاريخ الموروثات الموسيقية المغربية والرقصات الفلكلورية والأهازيج الغنائية، التي يحكمها التنوع الثقافي للبلد من جهة اللهجات والتقاليد، غير أنه تنوع له طابع التوحد في الخصوصيات الإيقاعية المحملة بالإيحاءات الحربية والمتميزة بفرحة انتهاء موسم الحصاد، عبر استعمال أدوات موسيقية، تجمع الطبل والدف والمزمار، وتأدية حركات ورقصات فلكلورية تعتمد على الأرجل والأكتاف، من خلال عروض فنية تعتمد شكل رقص وطريقة لباس تجعلك تميز هذه الفرقة عن تلك، من دون أن تجد كبير عناء في التعرف على المنطقة التي جاءت منها.

وبقدر ما تحول المهرجان الوطني للفنون الشعبية إلى ملتقى فني كبير، يساهم في التعريف بالتراث المغربي الغني والمتنوع، بالنسبة للمغاربة وللأجانب، وبالتالي إغناء المنتوج السياحي والثقافي لمراكش، فإنه ظل يساهم في الحفاظ على هذا الموروث من الاندثار، من خلال استمرارية تنظيم المهرجان، الشيء الذي مكن الفرق الشعبية من فرصة للعرض والاستمرار في العمل والعطاء، وتشبيب أعضائها، وهي فرق ظلت توحد وتجمع الرجل بالمرأة في أداء الأهازيج الشعبية والرقصات المتناسقة، بطريقة تثير الإعجاب والانبهار.

وتنظم مؤسسة مهرجانات مراكش ابتداء من اليوم (الاثنين) ولغاية 19 من الشهر الجاري المهرجان الوطني للفنون الشعبية، في طبعته الـ 43، وتناهز تكلفة الدورة 5.5 مليون درهم.

وتنظم دورة المهرجان الحالية تحت شعار «سيمفونيات التراث بين الأمس والحاضر»، حيث سيمتد الحدث على مدى 6 أيام بدلاً من 5، كما ستقدم عروض على 9 خشبات، موزعة على مختلف أحياء المدينة، وذلك «للتواصل مع أكبر عدد من سكان المدينة الحمراء»، كما سيتم تنظيم موكب استعراضي لأصوات الآلات والأغاني ورقصات الفرق المشاركة في المهرجان، في أمسية 14 يوليو على طول شارع محمد الخامس (حي جليز)، وهي لحظة جميلة، سيشارك فيها نحو 600 فنان، يجوبون خلالها طول هذا الشارع «العصري»، الشيء الذي سيجعله يستعيد بعضاً من عمقه التراثي المغربي عبر شكل اللباس وملامح الوجوه ومضمون وطريقة أداء الأهازيج والرقصات. وستفتتح الدورة بحفل فني كبير ينظم بقصر البديع، اليوم، يترجم سيمفونيات التراث بين الأمس والحاضر، فيما سينظم حفل الاختتام يوم السبت 19 يوليو في نفس المكان، حيث ينتظر أن يستوعب هذا الموقع التاريخي أزيد من 2000 مقعد.

ويشارك في دورة هذه السنة 40 فرقة فلكلورية، يبلغ عدد أفرادها 700 فنان وفنانة، من جميع جهات البلاد، فضلاً عن 25 فرقة مشاركة في المسابقات المبرمجة.

وكانت مؤسسة مهرجانات مراكش قد شددت منذ السنة الماضية على الرجوع بالتظاهرة إلى الأهداف الرئيسية التي من أجلها أحدث المهرجان، والمتمثلة في المساهمة في الحفاظ على التراث الوطني وتقريبه من المواطن المغربي ومن السائح الأجنبي.

وشكلت العودة الموفقة إلى قصر البديع التاريخي، فرصة لاكتشاف طريقة إخراج جميلة خرجت عن مألوف التقديم البارد للفلكلور التقليدي المغربي، وذلك عبر ربط العروض بحكي جاب بالحضور ربوع الخارطة الفلكلورية والموسيقية للمغرب، عبر خيط رابط لحكاية بحث وجري خلف فتاة أخذت بحب الراوي، الذي نجح في الانتقال من قبيلة إلى أخرى، ومن محطة جغرافية إلى أخرى. وبالإضافة إلى العودة الموفقة إلى قصر البديع، الذي احتضن فعالياته أول مرة، في بداية عقد الستينات من القرن الماضي، فقد اختار منظمو المهرجان، الاقتصار على مشاركة الفرق الوطنية، وذلك عكس بعض الدورات السابقة، التي كانت توجه خلالها دعوات المشاركة للعديد من الفرق الأجنبية، وبرر المنظمون هذا التوجه في «الاحتفاظ للمهرجان بحلته الوطنية». وتجدر الإشارة إلى أن المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش انطلق في دورته الأولى سنة 1960، وفي دورته الأربعين صنفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ضمن التراث العالمي اللامادي للإنسانية.