مستشار خامنئي لـ«الشرق الأوسط» : تغييرات جوهرية في علاقاتنا مع سورية إذا وقعت اتفاق سلام مع إسرائيل

متقي في سورية للقاء الأسد والمعلم الخميس المقبل * مندوب إيران في «أوبك» : صادرات كل دول الخليج من النفط ستهدد.. إذا هددنا

TT

أكد مستشار للمرشد الاعلى لإيران آية الله علي خامنئي أن «عواقب وتغييرات جوهرية» ستحل على طبيعة العلاقات الإيرانية ـ السورية، إذا ما وقعت دمشق اتفاق سلام مع اسرائيل واعترفت بها. وأوضح حسين شريعتمداري، ممثل المرشد الاعلى في صحيفة «كيهان» الإيرانية المحافظة التي يرأس تحريرها، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ان إيران لا تعترف بدولة اسمها اسرائيل في المنطقة، وأنها لا تشعر بالرضاء لقيام دولة اسلامية مثل سورية او تركيا بالتفاوض معها. موضحا في الوقت ذاته ان مفاوضات حماس مع اسرائيل، عبر مصر، للتوصل للهدنة، ومفاوضات حزب الله مع اسرائيل، عبر المانيا، لتبادل الاسرى «شيء مختلف» عن تفاوض سورية مع اسرائيل، عبر تركيا.

ويأتي ذلك فيما أعلن في دمشق ان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي سيتوجه الى دمشق يوم الخميس المقبل للقاء الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم، حيث من المقرر ان يبحثوا التطورات الاقليمية في المنطقة. وحول رأى إيران في التفاوض غير المباشر بين سورية وإسرائيل بهدف الوصول لتسوية لقضية الجولان والتوصل لاتفاقية سلام بين البلدين، قال شريعتمداري في اتصال هاتفي من لندن: «قلنا مرارا أنه لا يوجد شيء اسمه اسرائيل في المنطقة. لا نقبل بإسرائيل، ليس هناك دولة اسمها اسرائيل، اسمها فلسطين. طبيعي اننا لا نوافق اطلاقا على المفاوضات بين اي بلد اسلامي مثل سورية او تركيا، مع دولة غير شرعية، وغير موجودة.. لماذا يريدون الحديث مع دولة غير شرعية؟». ورفض شريعتمداري اجراء مقارنة بين المفاوضات غير المباشرة التي تجريها سورية وإسرائيل عبر تركيا، وبين المفاوضات التي اجرتها حركة حماس مع اسرائيل، بوساطة مصرية، للوصول الى اتفاق التهدئة، أو المفاوضات التي اجراها حزب الله مع اسرائيل، بوساطة المانيا، لتبادل الاسرى، موضحا: «هناك فرق كبير بين مفاوضات سورية، ومفاوضات حزب الله وحماس مع اسرائيل. حزب الله مثل إيران لا يعترف بدولة اسمها اسرائيل في المنطقة. تبادل الاسرى مسألة مختلفة عن المفاوضات من اجل السلام، وهي لا تعني ان حزب الله يتفاوض مع اسرائيل او يعترف بها. حماس ايضا مثل حزب الله وإيران لا تعترف بشيء اسمه اسرائيل. واتفاق الهدنة ليس اعترافا بدولة اسرائيل».

وأكد شريعتمداري أن توقيع سورية اتفاق سلام مع اسرائيل سيغير بشكل جوهري طبيعة علاقات دمشق وطهران، موضحا: «إذا وقعت سورية اتفاق سلام مع اسرائيل، فهذا يعني قبولها بإسرائيل. هذا سيؤدي الى تغييرات في علاقات سورية وإيران. هذا رأيي الشخصي. وأعتقد أنه رأي الشعب الإيراني. الإيرانيون دائما ما أدانوا الأعمال الاسرائيلية ضد حزب الله وحماس». وتابع: «توقيع اتفاق سلام سيكون تماما ضد رأي إيران، والحكومة الإيرانية، والشعب الإيراني. هذا سيؤدي الى عواقب وتغييرات جوهرية في طبيعة العلاقات الإيرانية ـ السورية». وحول رأي إيران في مطالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من الرئيس السوري بشار الاسد التوسط لدى إيران حول ملفها النووي خلال قمة المتوسطي أمس في باريس، قال شريعتمداري: «لم أر هذا التقرير. لكن هناك بالفعل مواعيد للقاء بين سولانا وجليلي. نحن نتحدث مباشرة مع الغرب، ونخبرهم بما نريده مباشرة.. نحن نعلن مواقفنا بأنفسنا، لدينا متحدثون باسم إيران، لكن إذا أراد الأسد، ان يكرر مواقف إيران المعروفة، فلا مانع». وتابع: «لا ادري ما المقصود بوساطة سورية. هل يريدون ان تحضر سورية اللقاء (بين سولانا وجليلي)؟ أعتقد أن ساركوزي طلب من الأسد أن يبلغنا بمطلب وقف التخصيب. ونحن موقفنا واضح من هذه القضية، لن نقبل بوقف التخصيب». ويأتي ذلك فيما قالت مصادر إيرانية مطلعة في دمشق إن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي يعتزم زيارة دمشق الخميس المقبل حيث يلتقي خلال الزيارة الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره وليد المعلم وعددا من المسؤولين السوريين. وقالت المصادر الإيرانية إن «زيارة متقي تأتي في إطار التشاور بين دمشق وطهران كصديقين قديمين في معظم ملفات المنطقة الساخنة، ولاسيما التهديدات التي تتعرض لها إيران من قوى إقليمية ودولية». وأشارت المصادر إلى أن زيارة متقي إلى العاصمة السورية تأتي عقب زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى فرنسا، وهي تأتي أيضا بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية التي حصلت فيها المعارضة على «الثلث الضامن». وأوضحت أن «متقي سيجتمع إلى المعلم للتباحث في عدة ملفات مطروحة على الساحة الإقليمية والدولية، والتشاور معه بخصوص هذه الملفات».

الى ذلك وعلى صعيد آخر، حذر مندوب إيران في اوبك من ان صادرات النفط من كل منطقة الخليج ستكون مهددة اذا تعرضت ايران لتهديد. واضاف محمد علي خطيبي لرويترز «اذا حدث تهديد في منطقتنا فلن يكون ذلك ضد صادراتنا فقط.. سيؤثر على المنتجين الآخرين وليس ايران فقط. اعني مصدري النفط العراق والكويت والسعودية وقطر والامارات العربية المتحدة. اي مشكلة من الولايات المتحدة او اسرائيل للمنطقة ستكون تهديدا لاربعين في المائة من كل النفط المتداول في العالم». إذ يمر حوالي 40 في المائة من شحنات النفط العالمية من الخليج عبر مضيق هرمز الذي هددت إيران بإغلاقه في حالة الهجوم عليها. ويأتي ذلك فيما نقلت صحيفة «صنداي تايمز» عن مسؤول بوزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) قوله ان ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش أعطت إسرائيل موافقة على التحضير لخطوات مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، إذا واصلت طهران رفضها وقف تخصيب اليورانيوم. وقال مسؤول البنتاغون الذي رفض الكشف عن هويته ان ادارة بوش أعطت الحكومة الاسرائيلية ضوءا اخضر للبدء في التجهيز لاى هجوم محتمل، موضحا ان بوش أكد للسلطات الاسرائيلية أن واشنطن ستدعم خطط اسرائيل لقصف المنشآت النووية الإيرانية بصواريخ بعيدة المدى اذا فشلت الجهود الدبلوماسية لحل الخلاف على الملف النووي الإيراني. وأوضح المسؤول الاميركي ان واشنطن بالرغم من أنها ستدعم اي هجوم اسرائيلي محتمل، إلا أنها لن تتورط بنفسها، ولن تنشر قوات في المنطقة، او تسمح لاسرائيل باستخدام القواعد الاميركية في العراق. غير ان المسؤول الاميركي شدد على ان واشنطن لم تعط تل أبيب «ضوءا أخضر» للهجوم على إيران، موضحا ان دعم واشنطن لاسرائيل مشروط بأن يكون هناك دليل دامغ على ان إيران تطور برنامجا نوويا عسكريا. وردا على التهديدات الاسرائيلية، اكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ان القوات المسلحة الايرانية ستقطع يد اعدائها اذا تجرأوا على مهاجمة المنشآت النووية في البلاد. ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن احمدي نجاد قوله أمس «قبل ان يضع الاعداء الاصبع على الزناد، فان القوات المسلحة الايرانية ستقطع يدهم». وتأتي هذه التصريحات بعد تجارب على صواريخ بالستية اجرتها ايران في اطار مناورات عسكرية ما زاد من حدة التوتر بينها وبين الدول الغربية التي تتهم ايران بالسعي الى امتلاك اسلحة ذرية. وقال الرئيس الايراني عن هذه التجارب ان «هذا يشكل فقط جزءا صغيرا من القدرات الايرانية الدفاعية، وإذا كان ذلك ضروريا، فإننا سنظهر في المستقبل اجزاء اخرى من قدراتنا».

واستغلت واشنطن التجارب الايرانية الاخيرة على اطلاق الصواريخ للتشديد على ضرورة توسيع منظومة الدرع المضادة للصواريخ في اوروبا، لكن عددا من الخبراء والمسؤولين الاميركيين ما زالوا يشككون في قدرة طهران الحقيقية على الضرب. واعتبر وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس هذا الاسبوع ان اطلاق الصواريخ الايرانية الاخيرة يشكل دليلا اضافيا على التهديد الايراني الوشيك. وقال «ان الواقع هو انهم قاموا لتوهم بتجربة صاروخ مداه كاف»، مضيفا «عندما نتحدث عن الدفاع المضاد للصواريخ في اوروبا نقول انه تهديد حقيقي. ويبدو لي ان هذه التجربة تثبت هذا الامر». لكن البنتاغون يقر مع ذلك بان الدرع المقترح نصبها في اوروبا ليست معدة لرصد الصواريخ الايرانية شهاب ـ3. فهذه المنظومة الدفاعية يفترض ان تحمي من الصواريخ البالستية التي يفوق مداها الثلاثة الاف كيلومتر، في حين ان صواريخ إيران يبلغ مداها أقل من 2000 كم. فضلا عن ذلك يؤكد خبراء ومسؤولون في واشنطن ان المناورات الايرانية الاخيرة التي اشتملت على اطلاق صواريخ من نوع شهاب ـ3 قادرة على بلوغ اسرائيل لم تكشف التقدم الحقيقي في البرنامج الايراني الصاروخي. وخفف المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية جيف موريل من اهمية هذا الامر قائلا «ان كل هذه القدرات قد تمت تجربتها من قبل. ويبدو ان ذلك يهدف حقيقة الى التأثير على الجمهور اكثر من تجربة فعلية لهذه القدرات». وترى وكالة الاستخبارات الاميركية ان ايران ستكون قادرة على انتاج صواريخ بالستية عابرة للقارات بحلول العام 2015 بامكانها بلوغ اوروبا. ويقلق الغربيون من تقدم ايران في الصناعة البالستية خصوصا وان هذا البلد منكب في موازاة ذلك على تطوير برنامجه النووي.

لكن بيتر كريل المحلل في منظمة مراقبة الاسلحة قال لوكالة الصحافة الفرنسية انه «ما زال هناك عدد معين من المراحل قبل ان يصلوا الى ذلك» وانه «لا يوجد اي دليل قاطع على انهم يملكون برنامجا سريعا (للتوصل الى صنع صواريخ بالستية عابرة للقارات) على الفور». الا ان بعض الاشارات تميل مع ذلك الى التأكيد على ان ايران تذهب في هذا الاتجاه.

فقد قامت طهران في فبراير بتجربة اطلاق صاروخ فضائي بمساعدة صاروخ شهاب ـ3 مما دفع روسيا الحليف التقليدي للايرانيين في المنطقة الى التعبير عن «قلقها» من هذا البرنامج الذي من شأنه ان يفضي الى اطلاق صواريخ بالستية طويلة المدى. وفي نوفمبر اعلنت ايران عن صنع صاروخ بالستي جديد اسمته «عاشوراء» يصل مداه الى الفي كيلومتر مثل شهاب ـ3 لكن بطبقتين بدلا من واحدة. الى ذلك تحدث مسؤولون عسكريون اميركيون عن تقرير اسرائيلي مفاده ان ايران اشترت صواريخ متوسطة المدى يجري تطويرها في كوريا الشمالية مستوحاة من الصاروخ السوفياتي للغواصة اس.اس.ان ـ6 المعروفة في الغرب باسم بي ام ـ25، وهي قادرة على حمل رأس نووي. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الاميركية طالبا عدم كشف هويته «نعلم انهم يعملون على نظام سيسمح لهم ببلوغ اوروبا. لكن متى، ليس بوسعي ان اقول لكم ذلك».