بوش يؤكد ثقته في الاقتصاد الأميركي.. وبرنانكي يحذر من المخاطر

الذهب يزحف نحو حاجز الألف دولار > خطط الإنقاذ الأميركية تفشل في إقناع المستثمرين > البورصات العالمية والدولار تتعرض لـ«صفعة» قوية

متعاملة في بورصة فرانكفورت في ألمانيا تراقب المؤشر بقلق (ا.ب)
TT

أكد الرئيس الاميركي جورج بوش أمس ان الاقتصاد الاميركي يمر بمرحلة صعبة، لكنه عبر عن ثقته في دعائم هذا الاقتصاد على المدى الطويل. وقال بوش في مؤتمر صحافي عقده في البيت الابيض «إننا نمر في مرحلة صعبة لكن اقتصدنا ينمو». وأضاف «يمكننا ان نثق في دعائم اقتصادنا على المدى الطويل». ورفض الرئيس الاميركي جورج بوش أمس فكرة استخدام الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لتخفيف وطأة ارتفاع أسعار البنزين على المواطنين الاميركيين.

قال الرئيس الامريكي جورج بوش أمس ان اقتصاد الولايات المتحدى أبدى «صمودا ملحوظا» وعبر عن ثقته في أسس الاقتصاد على المدى الطويل. وأضاف قائلا «المؤشرات المبكرة مشجعة»، وذلك في إشارة الى تأثير حزمة تحفيز الاقتصاد. وقال ان النظام المصرفي الاميركي «سليم في جوهره»، وان على المودعين ألا يساورهم القلق نظرا لان ودائعهم مؤمن عليها. وأبلغ مؤتمرا صحافيا «اعتقد أن النظام سليم في جوهره. أعتقد هذا حقا. أعلم أن هناك قلقا كبيرا.. الاقتصاد ينمو والإنتاجية مرتفعة والتجارة في ازدياد. الناس تعمل». وقال بوش أيضا انه يجب على الحكومة ألا تتدخل لإنقاذ المؤسسات الخاصة.

من جهته قال بن بيرنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) أمس ان المخاطر التي تواجه النمو الاقتصادي في تزايد، ومؤشرات التضخم في تصاعد، ليتراجع بذلك عن تصريحات الشهر الماضي التي أشارت الى المخاطر «في انحسار».

وشدد بيرنانكي على أن «هناك مخاطر نزولية معتبرة لتوقعات النمو الاقتصادي، وفي المقابل فان المخاطر الصعودية للتضخم تتكثف».

وقال بن بيرنانكي ان استعادة استقرار سوق المال هو أولوية قصوى لمجلس الاحتياطي مع تعرض الاقتصاد لخطر ضعف سوق الإسكان وشح الائتمان وارتفاع أسعار النفط.

وقال بيرنانكي في تصريحات معدة سلفا ليدلي بها أمام توقعات النمو بمجلس الشيوخ الاميركي «التقييم الدقيق والموازنة المتناسبة للمخاطر التي تحفز توقعات النمو والتضخم تحد كبير لصناع السياسة النقدية».

«احتمال ارتفاع أسعار الطاقة بدرجة أكبر وشح الائتمان وحدوث انكماش أشد في أسواق الإسكان تفرض جميعها مخاطر تراجع كبيرة لتوقعات النمو. وفي غضون ذلك تتكثف مخاطر ارتفاع توقعات التضخم في الآونة الأخيرة».

وأضاف بيرنانكي أن الأسواق والمؤسسات المالية لا تزال واقعة تحت »ضغوط كبيرة.» وتأتي تصريحاته بعد يومين فحسب من إعلان وزارة الخزانة الاميركية بالتنسيق مع مجلس الاحتياطي الاتحادي عن تدابير لمساعدة شركتي الإقراض العقاري فاني ماي وفريدي ماك اللتين تتعرضان لضغوط مع تدهور سوق الإسكان.

وفي تقريره نصف السنوي الى الكونغرس عن السياسة النقدية رفع مجلس الاحتياطي توقعاته للنمو في 2008 الى نطاق ما بين واحد و1.6 في المائة بدلا من 0.3 الى 1.2 بالمائة في تقديرات ابريل نيسان وذلك على أساس تكهنات بتحسن إنفاق المستهلكين.

وفي ظل ارتفاع أسعار الطاقة رفع البنك المركزي الاميركي حدود توقعاته للتضخم الى ما بين 3.8 و4.2 في المائة وذلك بزيادة كبيرة من تقديرات سابقة كانت في حدود 3.1 الى 3.4 في المائة.

وتأتي هذه التطورات بعد أن تعرضت الأسهم العالمية والدولار أمس الى ضربات نزولية قاسية بعد ان فشلت خطط الإدارة الاميركية لإنقاذ مجموعتي « فريدي ماك» و «فاني ماي» اللتان تمثلان «قلب» صناعة الرهون العقارية في الولايات المتحدة، في كسب تأييد المستثمرين. وتعرض الدولار لضربة قوية نتيجة استمرار المخاوف، الأمر الذي ساهم بدوره في زيادة أسعار النفط لتبقى تحوم حول المستويات القياسية. في حين أدى توجه المستثمرين نحو إيجاد ملاذات آمنة الى رفع أسعار الذهب لأعلى مستوياتها في 4 أشهر. ومع تصاعد المخاوف الاقتصادية لمع نجم المعدن الأصفر من جديد حيث تحدد سعر الذهب في جلسة القطع المسائية في لندن اليوم الثلاثاء على 986.00 دولارا للأوقية (الاونصة) ارتفاعا من 981.75 دولار في جلسة القطع الصباحية. وبلغ سعر الذهب عند الإقفال السابق في نيويورك 971.20ـ972.20 دولار للأوقية طبقا للبيانات المالية لوكالة رويترز.

وقال لصحيفة « نيويورك تايمز»بول روبسون المحلل الاستراتيجي في مجال العملات لدى مجموعة «رويال بنك أوف سكوتلند أمس ان «الناس بدأت في التفكير ان هذه هي الموجة التالية.. المستثمرون يهربون من متاعب البنوك الاميركية الإقليمية.» وأظهرت لقطات تلفزيونية في محطات التلفزة الاميركية المودعين في جنوب كاليفورنيا، يقفون في طوابير أمام فروع بنك «اندي ماك بانكورب» بعد أن أدى إقبال المودعين على سحب ودائعهم الى إفلاسه في ثالث أكبر انهيار مصرفي في الولايات المتحدة وكانت «وول ستريت» في البداية قد استقبلت الخطط الحكومية الاميركية بشكل إيجابي، ولكن استمرار مخاوف المستثمرين من ان خطط الإنقاذ غير كافية تركت مؤشرات الأسهم الاميركية والعالمية تكافح.

قلص الدولار الامريكي خسائره مقابل اليورو والين أمس مع هبوط أسعار النفط الخام تسعة دولارات للبرميل. وكان اليورو مرتفعا في أحدث معاملاته 0.2 في المائة مقابل العملة الامريكية عند 1.5941 دولار مقارنة مع 1.5963 دولار قبل تراجع أسعار النفط. وهبط الدولار 1.4 في المائة أمام الين مسجلا 104.64 ين مقارنة مع 104.44 ين في وقت سابق من الجلسة. وبلغ أحدث سعر للخام تسليم أغسطس (اب) 138.96 دولار للبرميل. وفي وقت سابق احتفظ الدولار الاميركي بخسائره أمس مقابل الين واليورو في أعقاب تقارير أظهرت زيادة أكبر من المتوقع لأسعار المنتجين الاميركيين وارتفاع مبيعات التجزئة دون المتوقع في شهر يونيو (حزيران).

وارتفع اليورو 0.5 في المائة الى 1.5982 دولار اثر التقرير بعد تداوله عند 5985 ر1 دولار قبله. وتراجعت العملة الاميركية 1.4 في المائة الى 104.62 ين وكانت حوالي 104.06 ين قبل إعلان الأرقام التي أوردتها وكالة رويترز.

وكانت العملة الأوروبية الموحدة في وقت سابق قد قفزت الى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار الاميركي أمس إذ طغت المخاوف على سلامة النظام المالي الاميركي على تقرير أظهر انخفاض معنويات المستثمرين في ألمانيا الى مستوى قياسي.

وجاء هبوط الدولار بعد يومين فحسب من تحرك الحكومة الاميركية لمحاولة إعادة الثقة إلى الأسواق بمجموعة من التدابير التي تهدف لدعم شركتي التمويل العقاري «فاني ماي» و«فريدي ماك».

ورغم أن الأسواق اعتبرت هذه الإجراءات ايجابية في البداية فسرعان ما ركز المستثمرون على التكلفة المحتملة لهذه التدابير وعلى أن خطة الدعم الحكومي نفسها تؤكد مبلغ شدة مشكلات سوق الائتمان وأنه بالنظر الى المخاوف التي يثيرها ضعف سوق الإسكان بشان النظام المالي وارتفاع أسعار النفط الذي يضر بالنمو الاقتصادي فانه لا يوجد حافز لشراء الدولار.

ولذلك لم يتأثر ارتفاع اليورو إلا لفترة وجيزة بتقرير معهد «زد.اي.دبليو» الألماني الذي أظهر تراجعا أكبر من المتوقع في معنويات المستثمرين.

وكانت وزارة الخزانة الاميركية قد قالت مساء يوم الأحد انها ستعزز خطوطها الائتمانية المتاحة للشركتين اللتين تمولان نصف الرهون العقارية تقريبا في الولايات المتحدة وتشتري أسهمهما إذا اقتضت الضرورة. كما فتح مجلس الاحتياطي الاتحادي تسهيل الإقراض المباشر للشركتين.

وانخفضت أسهم البنوك الاميركية الكبرى أمس وسط مخاوف بشأن استقرار القطاع عقب تولي السلطات إدارة بنك «اندي ماك بانكورب» بعد أن أدى إقبال المودعين على سحب ودائعهم الى إفلاسه في ثالث أكبر انهيار مصرفي في الولايات المتحدة.

وفي أوروبا انخفض المؤشر الرئيسي للأسهم الأوروبية أمس الى أدنى مستوياته منذ أواخر مايو (أيار) عام 2005 وسط تشاؤم عام في أسواق الأسهم بشأن التوقعات لقطاع البنوك.

وانخفض مؤشر يوروفرست 300 الرئيسي لأسهم الشركات الكبرى في أوروبا ظهر أمس ثلاثة في المائة الى 1099.83 نقطة. وقاد القطاع المصرفي الانخفاض فتراجعت أسهم بنك (اتش.اس.بي.سي) و(بانكو سانتاندر) الاسباني 4.2 في المائة و5.2 في المائة. وانخفض سهم رويال بنك أوف سكوتلند بنسبة ثمانية في المائة. وأنهت الأسهم اليابانية تعاملات أمس في بورصة طوكيو للأوراق المالية بتراجع جديد ليصل مؤشر نيكي إلى أقل مستوى له منذ 3 أشهر على خلفية المخاوف من انهيار المزيد من البنوك في الولايات المتحدة وتأثير ذلك على المؤسسات المالية اليابانية التي تستثمر في السوق الاميركية.

فقد تراجع مؤشر نيكي القياسي بمقدار 255.6 نقطة بنسبة 1.96 في المائة ليصل إلى 12754.56 نقطة. في الوقت نفسه تراجع مؤشر توبكس للأسهم الممتازة بمقدار 27.6 نقطة أي بنسبة 2.16% إلى 1253.12 نقطة الى ذلك تراجعت الأسهم الاميركية عند الفتح أمس مع هبوط البنوك وسائر شركات الخدمات المالية وسط مخاوف من تفاقم تداعيات أزمة الائتمان. وهبط مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الاميركية الكبرى 96.40 نقطة أي ما يعادل 0.87 في المائة ليصل الى 10958.79 نقطة. وفقد مؤشر ستاندرد اند بورز 500 الأوسع نطاقا عشر نقاط أو 0.81 في المائة مسجلا 1218.30 نقطة. ونزل مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 15.17 نقطة أو 0.69 في المائة الى 2197.70 نقطة.