خادم الحرمين: الحاجة للحوار بين أتباع الديانات والثقافات تستدعيها الظروف العالمية الراهنة

قال إن الحل لإزالة الريبة والشكوك بين الجميع يكمن بالدرجة الأولى في تأسيس مبدأ التحاور في ما بيننا

TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أن الحاجة للحوار بين أتباع الديانات والثقافات «تستدعيها الظروف العالمية الراهنة في ظل ما تشهده المجتمعات البشرية من أزمات وتواجهه من تحديات متنامية تنذر بالمزيد من المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، من شأنها تعميق المعاناة الإنسانية».

وأعرب في حديث مع صحيفة «لاروبيليكا» الإيطالية تنشره في عددها الصادر اليوم (الأربعاء)، عن تطلع بلاده لأن يسود الوئام والسلام ليس بين المسلمين بمختلف مذاهبهم وحسب، لكن أيضا بين شعوب العالم بكافة معتقداتهم. وأكد الملك عبد الله أن الحل لإزالة الريبة والشكوك بين الجميع «يكمن بالدرجة الأولى في تأسيس مبدأ التحاور في ما بيننا».

وتطرق خادم الحرمين الشريفين في حديثه مع الصحيفة الإيطالية إلى جملة من المواضيع والمستجدات السياسية والاقتصادية، خاصة ما يتعلق باستقرار سوق النفط العالمي، وقال «إن استقرار سوق النفط العالمي هدف نشترك فيه جميعا كمنتجين أو مستهلكين، ونسعى جاهدين لبلوغه»، وأضاف أنه على الرغم من قيام المملكة وعدد من الدول المنتجة بزيادة طاقاتها الإنتاجية «غير أننا لم نلمس استجابة سوق البترول العالمي». وفي ذات السياق تناول الملك عبد الله أزمة الغذاء التي تجتاح العالم حاليا، وقال «ينبغي على العالم أن يضع هذه الأزمة على قائمة أولوياته».

وشمل الحديث جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط، وقال «إن مبادرة السلام العربية الشاملة تعبر عن الإرادة العربية المخلصة والجادة نحو تحقيق السلام». وشمل في حديثه أيضا مواجهة المملكة العربية السعودية للإرهاب بكافة أشكاله، حيث قال «إن المتابع لجهود المملكة في مكافحة الإرهاب، سوف يلمس الإنجازات الكبيرة التي حققناها في محاربة هذه الآفة البغيضة على مدى السنوات الماضية»، وفيما يلي نص حديث خادم الحرمين الشريفين:

* خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ما الذي دفعكم لعقد مؤتمر مدريد لحوار الأديان ودعوة أتباع ديانات وثقافات مختلفة من أنحاء العالم؟ ما هي النتائج التي ترجونها؟ وما الذي يدعوكم للقلق على مصير الإنسانية في هذا العالم؟

ـ الحاجة للحوار بين أتباع الديانات والثقافات تستدعيها الظروف العالمية الراهنة في ظل ما تشهده المجتمعات البشرية من أزمات، وتواجهه من تحديات متنامية تنذر بالمزيد من المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من شأنها تعميق المعاناة الإنسانية، خاصة مع تفشي الظلم والفساد والانحلال الأخلاقي وما يستتبعه من تفكك للأسرة التي تعتبر قوام المجتمع، وذلك نتيجة لابتعاد البشرية عن القيم والمبادئ النبيلة التي جاءت بها الأديان السماوية. ونحن جزء من هذا العالم نتأثر به ونؤثر فيه. كما أننا أصحاب رسالة وتراث حضاري عريق، وديننا يحثنا على الحوار والتعاون والتعايش السلمي وإشاعة المحبة والسلام والوئام والقيم الفاضلة بين البشرية. وتفاؤلنا مرده الصدى الإيجابي الواسع الذي حظيت به الدعوة للحوار، سواء على صعيد العالم الإسلامي أو على صعيد مختلف أصحاب الديانات والثقافات في شتى أرجاء العالم.

* قمتم بأخذ رأي قادة وعلماء المسلمين في المؤتمر الإسلامي الدولي الذي انعقد في مكة المكرمة.. هل أتاح المؤتمر أيضا فرصة لتحسين العلاقات بين أقطار العالم الإسلامي وبين السنّة والشيعة؟ دخلتم المؤتمر ممسكا بيد مفتي السعودية من جهة، ويد الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني من الجهة الأخرى، هل ترمز هذه الصورة لفهم أفضل بين الدولتين والطائفتين؟

ـ نتطلع دائما إلى أن يسود الوئام والسلام، ليس بين المسلمين بمختلف مذاهبهم وحسب، لكن أيضا بين شعوب العالم بكافة معتقداتهم، وعلماء الأمة الإسلامية لم يجدوا مشقة في مؤتمرهم الإسلامي بمكة المكرمة في إقرار مبدأ الحوار، كونه يعد جزءا أصيلا من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، أمرنا الله به في القرآن الكريم، كما حثنا عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم، وهي نفس المبادئ التي تستند إليها سياسة المملكة العربية السعودية.

* ما هو الوضع الحالي للحوار مع الفاتيكان بعد زيارتكم التاريخية للبابا بينيدكتوس السادس عشر؟ هل سيساعد الحوار على تضميد الجراح العميقة التي تعرض لها الجانبان، ويحد من خوف المسلمين من حرب صليبية جديدة، وخوف المسيحيين من المتطرفين الذين يهددون قيم وثقافات الغرب؟ ما هو ردكم على تنديد «القاعدة» بالحوار بين الأديان؟

ـ الحل لإزالة الريبة والشكوك بين الجميع يكمن بالدرجة الأولى في تأسيس مبدأ التحاور في ما بيننا، وثانيا الانطلاق من مبدأ المشترك الإنساني النابع من جوهر الرسالات السماوية والمعتقدات والثقافات التي تدعو جميعها إلى الخير بكل صوره وأشكاله، وتنبذ الشر بكافة عناصره. وسوف نلمس حينها أن ما يجمعنا من قيم ومبادئ أكثر مما يفرقنا، والاختلافات بين الثقافات والمجتمعات أمر طبيعي، ومن سنن الكون. إلا أن قوى التطرف والبغي والضلال عادة ما تسعى إلى تضخيمها واستغلالها لبث الفرقة وإثارة النزاعات والحروب وخلق حالة الفوضى، لذلك نجدها دائما تصاب بالذعر والهلع عندما تستشعر نزوع البشرية إلى الحوار والتفاهم عوضا عن الصدام والتناحر، لأنها تدرك جيدا أن الحوار هو السبيل الفعال لإجهاض مخططاتهم الشريرة التي تتنافى وجميع الديانات والمعتقدات الإنسانية والفطرة الإنسانية السليمة.

* اجتمعت مجموعة الثماني، بعد اجتماع قمة جدة للطاقة، في محاولة لحل أزمة ارتفاع أسعار البترول الخام وأسعار العقود الآجلة، ولكن التوقعات غير متفائلة والأسعار مستمرة في الارتفاع. ما أكثر ما يثير قلقكم بخصوص العواقب الدولية لهذه الأزمة؟ وما هي ـ في رأيكم ـ الأسباب الرئيسية للارتفاع المستمر في أسعار البترول؟

ـ استقرار سوق النفط العالمي هدف نشترك فيه جميعا منتجين أو مستهلكين، ونسعى جاهدين لبلوغه. وعلى الرغم من قيام المملكة وعدد من الدول المنتجة بزيادة طاقاتها الإنتاجية غير أننا لم نلمس استجابة سوق البترول العالمي، مما يشير إلى تأثير أسباب وعوامل أخرى على أسعار السوق خارجة عن إطار العرض والطلب، لعل من أهمها المضاربات في سوق البترول العالمي، وفرض العديد من الدول المستهلكة لضرائب إضافية على البترول، من هذا المنطلق دعت المملكة إلى اجتماع للدول المستهلكة والمنتجة في جدة لمناقشة الأوضاع الراهنة للسوق البترولية، ونعتقد بأن تعزيز التعاون بين الطرفين في معالجة الأوضاع النفطية العالمية من كافة الجوانب هو الكفيل بتحقيق استقرار سوق البترول العالمي الذي ننشده جميعا.

وقد تابعنا اجتماع دول مجموعة الثماني، وما نجم عنه من توصيات، من بينها الدعوة للحوار بين المنتجين والمستهلكين ولعل من المهم الإشارة إلى أنه سبق أن تم إنشاء منتدى للطاقة العالمي تستضيف الرياض أمانته العامة لتحقيق أغراض التحاور والتنسيق بين المنتجين والمستهلكين، كما أنه وفي نطاق سعينا للحفاظ على البيئة ومواجهة التغير المناخي العالمي، فقد بادرت المملكة بإنشاء مركز الملك عبد الله للدراسات والأبحاث البترولية، للوصول إلى تقنيات من شأنها الحفاظ على البيئة من جهة والإسهام في النمو الاقتصادي العالمي من جهة ثانية. كذلك إنشاء صندوق الأبحاث الخاص بالطاقة والبيئة والتغير المناخي الذي بادرت المملكة إلى الإعلان عنه خلال قمة الأوبك الثالثة في الرياض، وأسهمت فيه بمبلغ ثلاثمائة مليون دولار لخدمة الأبحاث في مجال الابتعاثات الكربونية، ونحن نحث دول مجموعة الثماني بدعم هذه البرامج والمشاريع القائمة عوضا عن إنشاء برامج أخرى من شأنها تشتيت الجهود.

* نقص الغذاء هو الأزمة الثانية التي تؤثر في العالم بعد أزمة البترول. ما السيناريو ـ الذي ترون ـ أنه سينشأ في المستقبل في ما يختص بندرة الغذاء وأسباب نقص الغذاء؟ هل ستحذو المملكة العربية السعودية حذو الصين وتشتري أراضي خصبة في دول أخرى لضمان الأمن الغذائي في المستقبل؟

ـ ينبغي على العالم أن يضع هذه الأزمة على قائمة أولوياته، وبذل جهد دولي واسع ومضاعف لمعالجتها كونها تمس الإنسان مباشرة، كما هو الحال بالنسبة للمملكة، حيث تعاملنا مع هذه الأزمة عبر ثلاثة محاور رئيسية:

الأول: دعم برنامج الأغذية العالمي بمبلغ 500 مليون دولار استجابة لنداء البرنامج لجميع دول العالم لمواجهة الزيادات العالمية في أسعار الوقود والسلع الغذائية.

والمحور الثاني: بانتهاج استراتيجية متوسطة وطويلة المدى بإطلاق مبادرة الاستثمار الزراعي الخارجي الهادف إلى تطوير وزيادة المنتجات الزراعية في الدول التي تتوفر بها الخصوبة وتفتقد إلى الإمكانات، والمملكة بفضل من الله تعالى تمتلك الخبرة الزراعية، والتكنولوجيا المصاحبة لها، ورؤوس الأموال اللازمة للاستثمار في هذا المجال. ولا تقتصر المبادرة على شراء الأراضي أو حتى استئجارها، بل تشمل أيضاً نقل التقنية وتبادل الخبرات، وتطوير الشركات الزراعية، وغيرها من الخطوات التي من شأنها المساهمة في زيادة المحاصيل الزراعية وتوفير الغذاء العالمي، التي تهدف إلى التخفيف من الأزمة.

المحور الثالث: العمل على تكريس التعاون الدولي لحل الأزمة من خلال دعوتنا في مؤتمر جدة إلى إطلاق مبادرة «الطاقة من أجل الفقراء» لتمكين الدول النامية من مواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة، كما أننا دعونا البنك الدولي إلى تنظيم اجتماع في أقرب وقت ممكن للدول المانحة والمؤسسات المالية والإقليمية والدولية لمناقشة هذه المبادرة وتفعيلها، واقترحنا على المجلس الوزاري لصندوق أوبك للتنمية الدولية الاجتماع والنظر في إقرار برنامج مواز للبرنامج السابق له صفة الاستمرارية وتخصيص مليار دولار أميركي له، واستعداد المملكة بالمساهمة في تمويل البرنامجين المشار إليهما أعلاه ضمن الإطار الذي يتم الاتفاق عليه، مع تخصيص المملكة لمبلغ 500 مليون دولار أميركي لقروض ميسرة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية لتمويل مشاريع تساعد الدول النامية في الحصول على الطاقة وتمويل المشاريع التنموية التي تحتاجها. وبدون شك فإن هذه الجهود تحتاج إلى تضافر جميع دول العالم لحل هذه الأزمة التي تمس البشرية قاطبة.

* تعثر السلام مع إسرائيل هو الأزمة الثالثة. في حال فشل مؤتمر انابوليس، تكون خطة السلام الوحيدة الباقية على الطاولة هي مبادرة السلام العربية التي قدمتموها في عام 2002.. ما الذي دفعكم لطرح مبادرة السلام؟ هل هذه المبادرة ما زالت قائمة وقابلة للتطبيق؟ بعد 60 عاما على قيام دولة إسرائيل، هل اقتربت إسرائيل من العيش في سلام مع جيرانها العرب؟

ـ مبادرة السلام العربية الشاملة تعبر عن الإرادة العربية المخلصة والجادة نحو تحقيق السلام العادل والدائم والشامل لأزمة الشرق الأوسط على أسس الشرعية الدولية وقوانينها، كما أن المبادرة العربية تعتبر إحدى مرجعيات السلام الرئيسية، التي أعادت قمة الرياض العربية التأكيد عليها. وبالإضافة إلى المبادرة العربية هنالك العديد من المبادرات الدولية الهادفة إلى الدفع بعملية السلام في المنطقة، إلا أن جميع هذه الجهود والمبادرات لا تزال تصطدم بسياسة الرفض الإسرائيلية، بل وإمعانها في استقطاع المزيد من الأراضي الفلسطينية من خلال بناء المستوطنات وتوسيع القائم منها وفرض جميع أنواع الحصار الجائر على الشعب الفلسطيني في تحد واضح لجميع القوانين الدولية والمبادئ الأخلاقية. كلما اقترب العرب والعالم خطوة نحو السلام، جنحت إسرائيل خطوات تجاه غيها وعدوانها على الشعب الفلسطيني، لذلك فان المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى بالتعامل الجاد مع هذا التعنت الإسرائيلي، حتى تجد أطول أزمة في تاريخنا المعاصر طريقها للحل.

* هل تشعرون بالقلق من تكريس إيران لوجودها القوي في العراق واستعراض قوتها الجديدة في المنطقة؟

ـ العراق في أمس الحاجة إلى البعد عن التدخلات الخارجية في شأنه الداخلي من أي طرف كان، حتى يتسنى له المضي قدما في جهوده الرامية إلى تحقيق أمنه واستقراره وازدهاره والحفاظ على وحدته الوطنية وسيادته وسلامة أراضيه، وشعب العراق قادر بمشيئة الله على تحقيق هذه الأهداف في ظل الإرادة الوطنية المخلصة والجادة، وتعميق الشعور بالمواطنة لدى جميع العراقيين بكافة فئاتهم وأعراقهم وأطيافهم السياسية والمذهبية.

* هل لإيران الحق في الاستمرار في برنامجها النووي؟ ما مدى ضرر تصريحات الرئيس أحمدي نجاد حول ضرورة إزالة إسرائيل من الوجود؟ أجرت إسرائيل أخيرا تدريبات عسكرية تحاكي هجوما على إيران. ما هي نتائج مثل هذا الهجوم؟

ـ انتشار السلاح النووي في المنطقة لا يخدم أمنها واستقرارها، ونحن نأمل أن تتبع كافة دول المنطقة سياسة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجامعة العربية الرامية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط والخليج خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية. فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني نحن ندعو إلى البعد عن لغة التوتر وكافة أنشطة التصعيد، ونحث على الحلول الدبلوماسية لهذه الأزمة، وطالما أن الحلول الدبلوماسية لا تزال نشطة ومستمرة، فلا أعتقد أن هناك مجالا للحديث عن أي خيارات أخرى، وما يصدر من تصريحات عن الدول تعتبر هي المسؤولة عنها.

* يرى البعض أن الولايات المتحدة فقدت نفوذها التقليدي في المنطقة، بسبب سياساتها وبسبب بروز قوى جديدة منافسة تبحث عن دور لها، ما رأيكم في هذا؟ هل أصبح من الصعب على أصدقاء أميركا أن يقفوا مدافعين عنها؟

ـ نحن نعتقد أن الوضع في المنطقة يحتاج إلى كل جهد دولي ممكن، في ظل الأزمات الطاحنة التي تمر بها، سواء كان هذا الجهد أميركيا أو روسيا أو أوروبيا أو إسلاميا أو عربيا، بل وندعمه طالما كان هذا الجهد مخلصا وجادا في معالجة هذه الأزمات ويحقق أمن واستقرار المنطقة وازدهارها، وبما يكفل الحقوق المشروعة لشعوبها. وصداقاتنا الدولية قائمة على الدفاع عن هذه الحقوق ومصلحة المنطقة وشعوبها أولا وأخيرا.

* ما الذي تم إنجازه حتى الآن في المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب؟ هل ترون أنكم هزمتم «القاعدة» وخلصتم البلد من أتباعها، أم ما زالت هناك جهود ينبغي بذلها في هذا الإطار، وهل يقوم العالم بما يكفي لمحاربة الإرهاب؟

ـ أعتقد أن المتابع لجهود المملكة في مكافحة الإرهاب، سوف يلمس الإنجازات الكبيرة التي حققناها في محاربة هذه الآفة البغيضة على مدى السنوات الماضية، وهذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا فضل الله وتوفيقه، ثم بسالة رجال الأمن وتضحياتهم، ووقوف الشعب السعودي صفا واحدا في التصدي لهذه الظاهرة الدخيلة على دينه ومجتمعه وثقافته. ومنذ بداية الأحداث الإرهابية التي شهدتها المملكة اعتمدنا على استراتيجية شاملة لمحاربته، لم تقتصر هذه الاستراتيجية على جانبها الأمني فحسب، بل اشتملت أيضا على مكافحة تمويله، ومعالجة جوانبه الفكرية من خلال اعتماد برنامج متكامل لمقارعة الفكر الضال وإعادة تأهيل المغرر بهم ومناصحتهم، وذلك بالإضافة إلى العمل الدؤوب نحو توثيق التعاون الإقليمي والدولي للتصدي لها. وفي هذا السياق دعونا إلى مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي عقد في مدينة الرياض، ودعونا جميع الدول إلى إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب، الهدف منه تبادل وتمرير المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة الأحداث وتجنبها قبل وقوعها ورغم موافقة بعض الدول على دعوتنا إلا أن المركز لم ير النور، ونحن مستمرون بمشيئة الله تعالى في هذه الاستراتيجية حتى نقضي تماما على هذه الظاهرة ونجفف منابعها والفكر الضال المؤدي إليها. وما زلنا نعتقد بأن المجتمع الدولي يمكن أن يبذل جهودا أفضل في توثيق التعاون والتنسيق لتضييق الخناق على الشبكات الإرهابية أينما وجدت، وحرمانها من أي ملاذات آمنة يمكن أن تستخدم في تهديد الأسرة الدولية.