السعودية تسجل إنجازا علميا باكتشاف بصمة حيوية لتحديد سرطان الرئة

بعد 15 عاما من الأبحاث بمشاركة عدد من العلماء والطلاب بجامعة الملك سعود

TT

أعلن في السعودية أمس، عن إنجاز علمي جديد، يتمثل في اكتشاف بصمة حيوية لتحديد سرطان الرئة، وذلك بعد سلسلة من الأبحاث التي أجريت على مدى 15 عاما.

وقام الفريق البحثي بتوظيف طريقة ضوئية تعتمد على الليزر لتحليل البصمات الحيوية الموجودة في بلازما الدم والبول واللعاب، وبنيت الدراسة على خبرة تمتد لمدة خمسة عشر عاماً في جامعة الملك سعود وجامعة أنّا (Anna) بالهند وكندا وايطاليا واعتمدت على تحليل الدم لأكثر من 3300 مريض بالسرطان و2800 عينة سليمة، حيث وجدت هذه البصمة في 83 في المائة من المصابين بسرطان الرئة وغابت تماماً عن الأشخاص السليمين.

وسُمّيت هذه الطريقة «تشخيص السرطان بالليزر»، وتحتاج إلى قرابة 5 ملليلترات من الدم و5 ملليلترات من البول لإنسان صائم للتأكد ما إذا كان الشخص مصابا بالسرطان في أي جزء من جسمه، وتم اكتشاف بصمة محددة محملة فقط في بلازما الدم ولعاب المريض بسرطان الرئة. وأكد البروفيسور فاديفيل مسلماني، رئيس الفريق البحثي في جامعة الملك سعود، أن هذه البصمة لا توجد في المصابين بالأنواع الأخرى من السرطان، لذا فهي طريقة مناسبة فقط لسرطان الرئة، وأن الامتداد الطبيعي لهذا الاكتشاف أن هذه البصمة المحددة محمّلة جزئياً في 20 إلى 60 في المائة من الأشخاص المدخنين لفترات طويلة، وهو علامة قوية على قابليتهم للسرطان، ولهذا يمكن الحكم على التلف الحاصل بالرئة لهؤلاء المدخنين وبالتالي يمكن إقناعهم بالحقائق والأرقام بأنهم معرضون خلال سنتين أو ثلاث للسرطان. وتكمن أهمية هذه النتائج في عدم وجود بصمة مؤكدة مثل تلك التي لسرطان الرئة سابقاً مما يعني فتح بُعدٍ جديد لتشخيص هذا المرض، إضافة إلى أن هذا البحث تم بالتعاون بين باحثين وطالبات دراسات عليا في قسم الفيزياء بكلية العلوم بجامعة الملك سعود، كذلك لباحثين من مستشفى الملك خالد بالجامعة، إضافة إلى التعاون البحثي مع باحثين في الهند وأميركا، مما يعطي أهمية بالغة لهذا الاكتشاف النوعي للباحثين وللجامعة. من جانبه، قال الدكتور عبد الله العثمان، مدير الجامعة، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس بالجامعة: «الجامعة لا تريد بحوثا توضع على الأرفف، بل تريد أبحاثا تتحول إلى منتجات تخدم البشرية كهذا الإنجاز»، موضحا أن تحقيق هذا الانجاز يوضع في سجل شرف الجامعة وينسب للوطن ويحقق الرؤية المستقبلية للجامعة الطامحة إلى مجال البحث والتطوير من خلال الشراكة المجتمعية لبناء مجتمع المعرفة. وأكد الدكتور العثمان، أن الاكتشاف الجديد ليس وليد اللحظة، لكنه استمرار لعراقة هذه الجامعة، حيث بدأ هذا البحث منذ قرابة 15 سنة وهم يعملون عليه وقد تميز هذا الانجاز بشراكة داخل الجامعة بين كليتي العلوم والطب وشراكة بين جامعات عالمية في أكثر من دولة، كذلك فيه تفعيل لطلاب الدراسات العليا الذين يعدون جزءا من المنظومة البحثية لهذا المشروع، مشيرا إلى أن الاكتشاف له دلالاته الأولى بأن يأتي في إطار الدور الحيوي للسعودية في خدمة الإنسانية، يؤكد على المستقبل المشرق لجامعة الملك سعود في تحقيق الريادة العالمية لهذه الجامعة.

وأشار إلى أنه تم التقدم لمكتب براءات الاختراع في الولايات المتحدة الأميركية بهذا الاكتشاف ليكون له قيمة اقتصادية، مضافة إلى الاقتصاد الوطني، موضحا أنه تم تخصيص مكافأة مالية بقيمة 50 ألف ريال لكل من ساهم في الاكتشاف، ومنحهم الميدالية الذهبية للبحث العلمي في جامعة الملك سعود، وهذا يأتي في إطار التحفيز الذي تنتهجه حكومة خادم الحرمين الشريفين في تكريم من يسجل براءة اختراع، وسيكون ضمن المجموعة التي ستكرم من لدن خادم الحرمين الشريفين. وساهم في الاكتشاف الجديد عدد من العلماء والباحثين وطلاب الدراسات العليا، والفريق البحثي المكون من البروفيسور فاديفيل مسلماني، الدكتور محمد الصالحي، الدكتور عبد الله الضويان، طالبتي الدراسات العليا نادية الدليلي ووفاء الصالح من قسم الفيزياء والفلك بكلية العلوم، الدكتور عبد الرحمن الذياب، الدكتور محمد العقيلي، والدكتور محمد الحجار من المستشفى الجامعي.

إلى ذلك، أكد الدكتور علي الغامدي، وكيل الجامعة للتبادل المعرفي، أن الجامعة ستنشئ كرسي بحث في مجال «تشخيص أمراض السرطان بالليزر» بقيمة 5 ملايين ريال، موضحا أن الجامعة تعلم جيدا أن نتائج تمويلها للأبحاث العلمية يحتاج إلى وقت للحصول على النتائج، مشيرا إلى أهمية دعم العلماء والبحث العلمي وتقديم الحوافز المعنوية والمادية لهم في إطار إيمان الجامعة ومسؤوليها بأهمية الاستثمار في العقول، مؤكدا أن طلاب الدراسات العليا أسهموا بشكل جيد في هذا الاكتشاف الذي يسجل باسم الوطن.