شركات صناعة الطائرات من السرعة.. إلى البيئة والتكلفة

60 مليار دولار مبيعات إيرباص وبوينغ في معرض فارنبره

يبتعد صناع الطائرات أيضا عن المواد التقليدية، مثل الألومنيوم والفولاذ
TT

يبدو المعرض الجوي هنا مثل كأس العالم للطيران، حيث تتنافس شركات صناعة المقاتلات الحربية والطائرات التجارية وطائرات الهليكوبتر والطائرات الخاصة من جميع أنحاء العالم على من يكون الأكبر والأسرع والأقوى.

فقد حصلت شركات ايرباص الاوروبية لصناعة الطائرات على طلب جديد لشراء الطائرات في اليوم الاخير للجانب التجاري لمعرض فارنبره الدولي للطيران، فقد اعلنت الشركة بيع 10 طائرات من طراز ايه 350 طويلة المدى لشركة سينرجري الكولومبية وهي شركة متخصصة في الاستثمار في مجال الطيران، وبلغت قيمة الطلبية 2.1 مليار دولار.

وبحلول منتصف يوم الخميس تلقت كل من ايرباص ومنافستها بوينغ طلبات شراء مؤكدة لـ 444 طائرة قيمتها 62 مليار دولار، وهو ما يتعدى توقعات العديد من الخبراء، الذين لم يتوقعوا زيادة العدد عن نصف المبيعات التي تحققت في معرض باريس قبل عامين وهو 600 طائرة.

فقد حصلت ايرباص على عقود مؤكدة لبيع 251 طائرة قيمتها 39.1 مليار دولار، بينما حصلت شركة بوينغ الاميركية على عقود مؤكدة لبيع 197 طائرة قيمتها 23.6 مليار دولار. ويعني ذلك ان مبيعات ايرباص هذا العام بلغت 734 طائرة هذا العام، بينما بلغت مبيعات بوينغ هذا العام 672 طائرة. وقد اشاد رئيس «ايرباص» توماس اندرز الخميس بنجاح معرض فارنبره واصفا اياه بأنه «على الارجح ثاني افضل معرض لإيرباص على الاطلاق حيث فاقت قيمة العقود التي وقعتها خلاله 40 مليار دولار.

واعرب المدير التجاري لايرباص جون ليهي عن ضرورة قيام شركات الطيران التي تواجه مشاكل مالية كبيرة جراء ارتفاع اسعار النفط باعادة هيكلة اسطولها لصالح الطائرات الاقل استهلاكا للوقود. واضاف «في غضون خمسة اعوام هناك ستة الاف طائرة سيفوق عمرها 20 عاما او اكثر، وهذه الطائرات سيتم ابدالها بأسرع مما يعتقد الجميع، وهذا امر ايجابي جدا».

من جهة اخرى، قلل مسؤولو ايرباص من مخاطر الغاء الشركات الاميركية طلبياتها بسبب مواجهة الكثير من هذه الشركات مشاكل مالية مشيرا الى انها لا تمثل اكثر من 11% من اجمالي عقود الشركة. ولكن ان ارتفاع أسعار البترول ادى الى أسلوب جديد في التسويق هذا العام، حيث أثرت أسعار الوقود على شركات الطيران حول العالم، بما فيها دلتا والخطوط الجوية الأميركية، التي أعلنت عن تكبدها خسائر ربع سنوية فادحة يوم الأربعاء.

ويحاول المصنعون دعم أوراق اعتمادهم بالتقليل من أهمية السرعة والإثناء على مبادرات تقليل تأثير الطيران على البيئة، وكذلك التكلفة. على سبيل المثال، في جناح بوينغ، كان محط الأنظار خزان سعته 75 غالون من الطحالب الخضراء، وهي مصدر بديل ممكن لوقود الطائرات.

ووضعت في جميع أنحاء فارنبورو صناديق إعادة التدوير، برعاية شركة بومبارديير، معلنة شعار «كوكب جديد.. طائرة جديدة»، في إشارة إلى مجموعة طائراتها الجديدة طراز C-series، التي تقول إنها تستهلك كمية وقود تقل بنسبة 20 في المائة عن منافساتها. وكتب على ذيل طائرة آيرباص العملاقة طراز A380 المؤلفة من طابقين: «بيئة أفضل في الداخل والخارج. ومع توقع زيادة حركة النقل الجوي العالمي في الأعوام المقبلة، تمارس جهات التنظيم الحكومية، ومن بينها المفوضية الأوروبية، ضغوطا لجعل الطائرات أكثر هدوءا ونظافة وفعالية، مهددة بفرض عقوبات في حالة عدم الالتزام. وقال توم ويليامز نائب الرئيس التنفيذي لشركة آيرباص: «يتعرض عملاؤنا لضغوط كبيرة لتحقيق التحسينات». ولا توجد حلول رخيصة أو سهلة. فاستخدام مواد خفيفة وأنواع جديدة من الوقود وتجديدات أخرى لجعل الطائرات صديقة للبيئة، يعني تكاليف أكبر ووقتا أطول في التطوير. ويتضمن ذلك المليارات التي تنفقها مصانع المحركات لتطوير منتجات جديدة.

من الممكن أن يجعل كل ذلك من الصعب على المصنعين تقديم التخفيضات التي يتوقعها عملاؤهم الكبار، مما يجعل من المحتمل القضاء على ما قد توفره هذه الطائرات. وصرح بيسيغاني بأن الصناعة أدركت في وقت متأخر أنها تحتاج إلى فعل المزيد من أجل اعتماداتها البيئية، مما جعلها عرضة لهجوم جماعات المحافظة على البيئة وتهديدات بفرض ضرائب جديدة في أوروبا وأماكن أخرى.

ويقول بعض رؤساء الشركات إن هذه الانتقادات بلا أساس. فقد قال توني تايلر الرئيس التنفيذي لكاثاي باسيفيك في المؤتمر: «لا يجب معاملة الملاحة الجوية كالشخص المنبوذ... يتفهم الجميع التزاماتنا، ويأخذونها على محمل الجد». ويتناقض محور اهتمام المعرض هذا العام بشكل كبير عنه في عام 2006، عندما أصر خبراء التكنولوجيا في بوينغ أثناء الاجتماعات على أنه من المستحيل تطوير وقود يمكن أن يحل محل الكيروسين المشغل للطائرات. والآن، تجري بوينغ اختبارات مع أربع شركات طيران: فيرجين أتلانتك، والخطوط الجوية اليابانية، وآير نيوزيلاند، وكونتننتال، لمعرفة أفضل وقود بديل. وفي الوقت نفسه، دعت الخطوط الجوية البريطانية منتجي الطاقة إلى إحضار أنواع من الوقود إليها لتختبرها في المعامل، وفقا لتصريحات رئيسها التنفيذي ويلي ويلش.

من جانبها، تريد بوينغ نوعا من الوقود لا يهدد إمدادات الغذاء، أو يلوث المياه، أو يتطلب زراعة أراض، كما ذكر بيلي غلوفر، مدير الأداء البيئي في بوينغ. ويشبه سكوت كارسون الرئيس التنفيذي لطائرات بوينغ التجارية البحث عن وقود حيوي مناسب بجهود إرسال الإنسان إلى القمر. وقال كارسون في فيديو يتكرر تشغيله في معرض بوينغ: «لم نكن نعرف كيف نفعل ذلك في حينها؛ ولا نعرف كيف نفعل ذلك الآن»، ولكنه أضاف: «ولكننا سنفعله، تماما مثلما فعلنا في السابق».

وصرح كارسون يوم الثلاثاء بأن جهود التطوير «واعدة وقريبة» من الوصول إلى وقود حيوي جديد يمكن استخلاصه من الطحالب أو أي نبات آخر مثل الجاتروفا، وهو نبات استوائي بذوره غنية بالزيوت. ويتضاعف حجم الطحالب مرتين كل 24 ساعة، كما يقول دارين مورغان مدير تحليل نظم استراتيجية البيئة. ويعتبر البحث عن وقود جديد مجرد جزء من الجهد المبذول. فالمحركات عامل مهم، حيث يمكنها إحداث نتائج أفضل في توفير الوقود وتقليل انبعاثات الكربون. وأعلنت جنرال إلكتريك عن محرك جديد، تم تطويره بالاشتراك مع شركة فرنسية هي سافران، وصرحت بأنه سيكون جاهزا عام 2016.

وعلى نحو مستقل، كشفت شركة برات أند ويتني عن محركها طراز PW-1000G، الذي تعمل به مروحة توربينية يظن بعض الخبراء أنها ستصبح سائدة في المستقبل.

وتستخدم المروحة بطيئة الدوران كمية أقل من الوقود، وتنتج عنها حرارة وضوضاء أقل، وينبعث من محركها أوكسيد نيتروجين أقل من المحركات الأخرى.

لم تحصل جنرال إلكتريك على مشتر حتى الآن، ولكن يظهر محرك برت آند ويتني في طائرة بموبارديير ذات الـ100 مقعد، في مجموعة C-series، التي أعلن عنها يوم الأحد. وقد أوقفت بومبارديير، التي تملك أيضا ليرجيتس، تطوير C-series منذ عامين، حتى تركز على جعلها أكثر فعالية.

وتذكر الشركة أن C-series، المقرر دخولها في الخدمة عام 2013، ستوفر 20 في المائة من الوقود مقارنة بالطائرات الأخرى. وتذكر بوينغ الشيء نفسه مع طائرتها الأكبر حجما 787 Dreamliner، المقرر وصولها إلى العملاء العام المقبل.

يبتعد صناع الطائرات أيضا عن المواد التقليدية، مثل الألومنيوم والفولاذ، من أجل المركبات البلاستيكية المصنعة من ألياف الكربون والمعادن مثل التيتانيوم، الذي يستخدم في صنع هياكل الدراجات والطبقات المعدنية في بعض الحقائب، وأجهزة الكومبيوتر المحمولة من آبل.

لكن ربما يزيد الطلب من جانب شركات صناعة الطائرات على هذه المواد فيفوق العرض منها، كما قال فيليب توني، المدير الإداري في شركة أليكس بارتنرز في ساوث فيلد، في ولاية ميتشغان، حيث يتابع مجال الطيران». ويضيف: «لا توجد بدائل رخيصة لهذه المواد الآن».

ويقول ويليامز من آيرباص، إن شركات الخطوط الجوية تحتاج إلى تفكير أشمل عندما تصمم طائرة جديدة. وتبدأ شركته في دراسة شكل الجيل القادم من طراز A320، الذي لن يطرح في الأسواق قبل عام 2017. ويقول: «هل نقوم بحل مؤقت؟» وفقا لتصميم الطائرة الحالي، «أو حل نهائي؟» يمكنه توفير الوقود على نحو كبير، ولكنه يحتاج إلى اختبارات شاملة للفوز بالاعتماد الحكومي.

*خدمة نيويورك تايمز