المغرب: المتحزبون ضمن خلية بلعيرج يقرون بأنهم كانوا يهدفون لتغيير النظام

الركالة للمحققين: معتصم اقترح عليّ الهجوم على سوق بالرباط لكن العملية فشلت

TT

أقر محمد أمين الركالة، الناطق الرسمي باسم حزب «البديل الحضاري» المغربي المحلول، والمعتقل في ملف خلية «بلعيرج» المشتبه في تورطها بالارهاب، بأنه تعرف على المصطفى معتصم، أمين عام الحزب، عام 1981، من أجل إحداث تنظيم سري اسلامي مناهض للنظام السياسي القائم.

وأوضح الركالة للمحققين الأمنيين، أنه عقد اجتماعات مكثفة في عدد من المدن المغربية رفقة معتصم، ومحمد المراوني، أمين عام جمعية «الحركة من اجل الامة» المحلولة، والعبادلة ماء العينين، عضو حزب العدالة والتنمية المعارض، ذي المرجعية الاسلامية.

وأبرز الركالة أن معتصم تكلف هيكلة التنظيم السري «الاختيار الاسلامي»، في منطقة طنجة (شمال المغرب)، بينما تكلف المراوني التنظيم في منطقتي الرباط والدارالبيضاء، وتكلف هو منطقة الشاون (شمال المغرب)، حيث كان يعلم اتباعه كيفية تحمل الصعاب اثناء سقوطهم في قبضة الشرطة، كما وقع الاتفاق في المرحلة الاولى، على التمويل الذاتي للتنظيم السري «الاختيار الاسلامي»، وذلك بتخصيص نسبة 10 في المائة شهريا من أجرة كل واحد، لطبع المنشورات. وفي المرحلة الثانية اللجوء الى عملية السطو على مصارف ومتاجر المجوهرات، وسيارات نقل الأموال، والمتاجر الكبرى العصرية، والاتصال بعبد القادر بلعيرج، لشراء أسلحة متنوعة لتنفيذ عمليات إرهابية. وقال الركالة للمحققين الأمنيين: «اقترح علي معتصم الهجوم على السوق الممتاز بمدينة الرباط، رفقة آخرين، لكن العملية باءت بالفشل».

ومن جهته، قال العبادلة ماء العينين إنه التزم دينيا بشكل صارم، منذ أن غادر المغرب الى بلجيكا عام 1980، وذلك تحت تأثير شخص اسمه ابيض بلقاسم، الذي كان ينشط في صفوف التنظيم السري «الاختيار الاسلامي»، مكلف المغاربة المقيمين بالخارج، وخاصة بمدينة لييج البلجيكية.

واعترف ماء العينين، بأنه حضر لقاء ببروكسل لتخليد ذكرى قيام الثورة الايرانية، رفقة مجموعة من الأشخاص، حيث حصل على وثيقة توجيهية، أرسلها اليه المراوني والركالة، تتحدث عن أهداف التنظيم السري. وقال ماء العينين للمحققين الامنيين: «تعرفت على بلعيرج عام 1987 ببروكسل، حيث كان يوزع منشورا صادرا عن حركة المجاهدين المغاربة المنبثقة عن حركة الشبيبة الاسلامية، يدعو فيه الى خوض «الكفاح المسلح»، ضد الدولة المغربية، وهو نفس المطمح الذي قرره تنظيمنا «الاختيار الاسلامي»، مشيراً إلى أنه ناقش مع بلعيرج كيفية تنسيق الجهود بين التنظيمين، حيث اتفقا على دراسة الخطوط العريضة لذلك بالمغرب، تحت إشراف معتصم والمراوني والركالة.

وروى ماء العينين للمحققين الامنيين، أنه عاد الى المغرب عام 1990، وحضر اجتماعا أشرف عليه معتصم ومرواني والركالة، حيث طلب منه إحضار مواد مخدرة من المختبر الذي كان يشتغل به ببروكسل، من أجل استعمالها في عمليات سطو لتحصيل أموال قصد القيام بعمليات إرهابية، واستهداف شخصيات مدنية وعسكرية.

وأكد ماء العينين أنه التقى الصحافي عبد الحفيظ السريتي، بحي الفتح بالرباط، قصد سرقة وكالة الماء والكهرباء، لكنه في آخر لحظة عدل عن القيام بذلك، مشيرا الى أن تنظيم الاختيار الإسلامي، وجد نفسه عاجزا عن الوفاء بأهدافه، فقرر عقد المؤتمر الثاني في شهر أكتوبر (تشرين الاول) 1993، وخرج بخلاصات أهمها، توسيع دائرة استقطاب الشباب، القادرين على تنفيذ العمليات، ولذلك تم إصدار منشور سري تحت اسم «الجسر»، وفتح باب المساهمة المالية في وجه جميع الاعضاء، القدامى منهم والجدد. واضاف ماء العينين، أن حركة المجاهدين المغاربة التي كان ينشط فيها بلعيرج، قررت الانضمام الى «الاختيار الاسلامي» فتم تغيير اسمها عام 1996 الى «جمعية الحركة من اجل الأمة»، حيث عين فيها مسؤولاً عن الجانب التربوي، وقامت الحركة بإصدار منشور باسم «النبأ».

وفي السياق نفسه، صرح الصحافي عبد الحفيظ السريتي للمحققين بأنه كان من دعاة التغيير السياسي، ومناهضة الفساد بمراكز القرار، وعمل على لعب دور كبير أثناء إحداث تنظيم الاختيار الاسلامي، حيث حضر لقاءات كثيرة تطرقت إلى الوضع السياسي القائم بالمغرب، إذ أعرب في أحد اللقاءات عن أمله في أن يحدث التغيير في المغرب، على طريقة الثورة الايرانية، التي كان كافة أعضاء التنظيم السري «الاختيار الإسلامي» معجبون بها. وقال حميد نجيبي، رئيس شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد (يسار معارض)، إنه التقى بلعيرج بمنزله عام 2001، وتحدثا عن العمل السياسي، حيث صرح نجيبي بأنه كان منتميا الى حزب منظمة العمل الديمقراطي الشعبي الماركسية المعارضة، قبل أن تتوحد مع تيارات حزبية أخرى، وتنشئ حزبا واحدا أطلق عليه اسم «الاشتراكي الموحد»، مؤكدا أن بلعيرج أخبره أنه أسس تنظيماً سريا إسلامياً جهادياً بالمغرب، وطلب منه تقديم المساعدة، من خلال استقطاب شباب يساري ناقم على الوضع.

وأقر نجيبي للمحققين الأمنيين بتوافق وجهة نظره مع بلعيرج، وعمل على استقطاب الشباب إلى صفوف «المجاهدين». وكان المراوني ومعتصم، قد أقرا بدورهما بأنهما كان يحضران لتنفيذ عمليات إرهابية خطيرة بالمغرب، باستعمال السلاح، الذي أدخله بلعيرج الى المغرب على دفعات.

وكان عبد القادر الشنتوف، القاضي المغربي المكلف الارهاب، قد قال في حيثيات قرار الاحالة الى الادعاء العام: «إن المتهمين الستة عمدوا خلال مرحلة التحقيق الاعدادي الى عدم الإدلاء بأي تصريح، مؤكدين انهم اتفقوا في ما بينهم على الاستعداد للإدلاء بتصريح، والإجابة على أي سؤال موجه اليهم، شريطة تمكين دفاعهم من تصوير وثائق ملف النازلة».

وأشعر قاضي التحقيق المتهمين الستة، بحضور دفاعهم، بأن تصوير وثائق الملف أصبح أمراً متجاوزاً، نظرا لصدور أمر يوم 29 مايو (ايار) الماضي، يرمي إلى رفض ما ورد في مذكرة الدفاع، مع الإشارة إلى أن لهم الحق في الاطلاع على الوثائق، من دون نسخها، وذلك وفق الفصل 139 من قانون المسطرة (الاجراءات) الجنائية.

واخبر قاضي التحقيق المتهمين الستة، أن تصريحاتهم تعتبر بمثابة «رفض بالإدلاء بأي تصريح»، ورفض «الجواب على أي سؤال». ولذلك قال قاضي التحقيق إن ما جاء في محاضر الشرطة القضائية من أفعال ووقائع منسوبة اليهم، تعد صحيحة.

ويتوقع أن تصل العقوبة التي توبع بها المتحزبون الستة، إلى الاعدام، في حالة إدانتهم بما نسب اليهم، وذلك وفق القانون الجنائي، وقانون مكافحة الارهاب، إذ وجهت لهم تهمة «محاولة المس بسلامة الدولة الداخلية عن طريق ترؤس عصابة إجرامية مسلحة، بهدف الاستيلاء على الأموال العامة ونهبها، والمشاركة في ذلك عن طريق الأمر بتأليف فرق مسلحة، والأمر بتنظيمها، وتزويدها بالأسلحة والذخائر، وتكوين عصابة إجرامية، وأخرى لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية».

وبالمقابل انتقد المتحزبون الستة الكيفية التي تمت بها معالجة ملفهم من قبل الأمن والشرطة القضائية، وأيضا من قبل قضاء التحقيق، مؤكدين في بيان لهم، أن حرمانهم من حق الدفاع، يعد خرقاً سافراً لحقوق الإنسان، وحرمان دفاعهم من وثائق الملف، يعد «إعداما مسبقا للعدالة بالمغرب»، وأنهم ابرياء من كل التهم المنسوبة اليهم.