موريتانيا: رئيس الحكومة المقال يرفض تسليم السلطة.. وموفد أميركي يدعو لعودة النظام الدستوري

مقترح برلماني بتشكيل محكمة قد تكلف ملاحقة الرئيس المخلوع

مؤيدون للرئيس الموريتاني المخلوع يرفعون صوره خلال مظاهرة لهم في شرفة إحدى البنايات في العاصمة نواشكوط إثر الانقلاب العسكري الأخير عليه (أ.ب)
TT

أعلن رئيس الحكومة الموريتاني المخلوع يحيى ولد الواقف رفضه تسليم مهامه لخلفه مولاي ولد محمد لغظف الذي كلفه المجلس الأعلى للدولة أول من أمس تشكيل حكومة جديدة ستضم فعاليات سياسية متعددة.

وجدد ولد الواقف الذي كان معتقلا على خلفية الانقلاب الأخير، تمسكه بسيدي ولد الشيخ عبد الله رئيسا شرعيا للبلاد، وعدم اعترافه بحكومة معينة من طرف العسكر «الذي استولى على السلطة بالقوة».

وقال إن أسلوب «جبهة الدفاع عن الديمقراطية» في رفض هذه الخطوة سيكون مبنيا على العمل السياسي السلمي من أجل استعادة الحياة الدستورية في البلاد ويعولون في ذلك على شركائهم الدوليين.

وشدد ولد الواقف الذي كان يتحدث في لقاء صحافي الليلة قبل الماضية هو الأول له منذ انقلاب السادس من أغسطس (آب) الحالي، على ضرورة الإفراج الفوري عن الرئيس المخلوع واستعادته مسؤولياته كرئيس شرعي منتخب من طرف غالبية الموريتانيين.

وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة قد كلف مولاي ولد محمد لغظف وهو تكنقراطي يعمل سفيرا لموريتانيا في بروكسل برئاسة الحكومة خلفا لولد الواقف الذي شغل نفس المنصب لفترتين متقاربتين انتهت أولاهما باستقالته بعد مساعي النواب البرلمانيين لحجب الثقة عن حكومته، فيما اكتملت الثانية باعتقاله إثر الانقلاب الذي وضع حدا لحكم ولد الشيخ عبد الله على خلفية صراع حاد مع ضباط سامين في المؤسسة العسكرية من جهة، وفريق البرلمانيين الساعين لحجب الثقة عن الحكومة الماضية من جهة ثانية.

إلى ذلك، أحال رئيس الجمعية الوطنية مسعود ولد بولخير رسالة تقدم بها فريق برلماني مؤيد للانقلاب للمطالبة بعقد دورة برلمانية طارئة الأربعاء المقبل لتشكيل «محكمة العدل السامية»، وهي المحكمة الوحيدة المخولة لمقاضاة رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين الحكوميين.

وحسب مصادر برلمانية، فإن جدول أعمال هذه الجلسة يتضمن تشكيل لجنة للتحقيق في مصير عائدات النفط، فيما سيشكل مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية في البرلمان) هو الآخر لجنتين تعنى إحداهما بفتح تحقيق في مصادر تمويلات هيئة خت بنت البخاري، عقيلة الرئيس المخلوع، فيما ستتكلف الثانية التحقيق في التسيير المالي لميزانية هذا المجلس، وهي خطوة تهدف، بحسب مراقبين، لإزاحة رئيس هذه الغرفة با امباري الذي ينظر إليه على أنه مناوئ للانقلاب وصديق حميم للرئيس المخلوع.

وكان با امباري الموجود في فرنسا منذ فترة قد أعلن أن غرفة الشيوخ غير مخولة قانونيا للتحقيق في هيئة غير حكومية، مما دفع أعضاء في هذه الغرفة لمهاجمته واتهامه بالفساد وسوء التسيير من خلال تمريره صفقات كبيرة لمقربين منه من دون مناقصات.

ويرى مراقبون سياسيون أن الهدف من طلب دورة طارئة في هذا الظرف بالذات هو محاولة الضغط على الرئيس السابق ولد الشيخ عبد الله للتنازل عن مطالبته بالعودة للحكم مقابل تقديم ضمانات بعدم محاكمته بتهم الفساد، خصوصا أن ملفات عديدة يجري البحث فيها حاليا وتتحدث عن تورطه المزعوم، بشكل غير مباشر، في قضايا اختلاس المال العام وفي مقدمتها برنامج التدخل الخاص الذي أطلقه الرئيس نفسه ورصد له مبالغ ضخمة، وقد شهد اختلالات عديدة في بعض المناطق الداخلية، إضافة إلى موضوع تقديم رشى لبعض النواب للحيلولة دون انسحابهم من حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية «عادل»، وهي معلومات تحدث عنها الرئيس الجديد الجنرال محمد ولد عبد العزيز وقال إنه يمتلك إثباتات عليها.

وتأتي هذه التطورات في وقت التقى موفد أميركي أمس في نواكشوط زعيم المجموعة العسكرية التي نفذت انقلاب السادس من الشهر الحالي وطالب «بالعودة الى النظام الدستوري». وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون الافريقية تود موس في بيان صحافي: «ندعو للعودة الى النظام الدستوري ونرفض الانقلاب بالقوة على النظام الشرعي».

واضاف بحسب الاذاعة الوطنية الموريتانية: «اننا ننسق مواقفنا مع فرنسا والاتحاد الاوروبي». وكانت الأسرة الدولية بددت بالإجماع بالانقلاب الذي اطاح بسيدي ولد شيخ عبد الله اول رئيس موريتاني ينتخب ديمقراطيا منذ استقلال البلاد.

وذكرت مصادر مطلعة أن الموفد الأميركي الذي وصل فجر أمس التقى أيضاً برئيس الحكومة السابق يحيى ولد الواقف ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي أحمد ولد سيدي باب في منزليهما لبحث التطورات الأخيرة، كما أجرى مشاورات مع رئيس الجمعية الوطنية وزعيم التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بولخير.