مسؤولون: الصراع السياسي يهدد مستقبل شركة نفط الجنوب

قالوا إن ترقية رئيسها إلى منصب مستشار تعني «إقصاءه»

TT

تحول صراع الارادات بين وزارة النفط العراقية وشركة نفط الجنوب وهي واحدة من تشكيلاتها، الى قضية تشغل الرأي العام بمحافظة البصرة الغنية بالنفط، فقد استقطبت اهتماما واسعا بين أوساط حكومية وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني وخبراء وأكاديميين وشخصيات اجتماعية مؤثرة.

وكانت بداية الصراع في مايو (أيار) الماضي عندما اتخذت الحكومة المركزية قرارا بإعفاء عبد الجبار علي اللعيبي مدير عام شركة نفط الجنوب وترقيته الى درجة مستشار في وزارة النفط بعد مرور شهرين على الشروع بتنفيذ عملية «صولة الفرسان» الامنية في اطار إعفاءات شملت عددا من المسؤلين في اربع شركات للنفط وأخرى في الموانئ والمطار. وقال مسؤولون حكوميون في البصرة ان «الاعراف الادارية تعني تجريده (اللعيبي) من منصبة واركانه جانبا في الوزارة بلا صلاحيات محددة»، مشيرين الى «النجاحات الهائلة التي حققتها الشركة بإدارته بعد احداث عام 2003 وقدرة الشركة على ضمان الانتاج وتصدير النفط الى الخارج رغم عمليات النهب والتخريب والافتقار الى التمويل الكافي لعملية الاعمار والتأهيل». واتصفت ردود افعال المسؤولين السياسيين والنفطيين بالمحافظة  بـ«الغضب»، متهمين الحكومة بمحاولة تثبيت سلطة تكتل سياسي على الشركة قبل الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات التي من غير المؤكد اجراؤها في أكتوبر (تشرين الاول) المقبل. وقال اللعيبي لـ«الشرق الاوسط» في وقت سابق ان «الشركة هي خارج السياسة، وان لكل عراقي له حصة في نفط الجنوب، وأنا لا أنتمي الى اي حزب سياسي». من جهته، قال جواد كاظم الحلفي رئيس نقابة المهندسين بالمحافظة لـ«الشرق الاوسط» إن «المرحلة التي يمر بها البلد تتطلب الحفاظ على الطاقات الوطنية المبدعة والخلاقة سواء الباقية منها في الداخل او في الخارج بالعمل على استقطاب المهاجرة منها، كي نختزل الزمن في اعمار العراق»، مشيرا الى ان «وصول المحاصصة السياسية الى الشركة التي تعد بمثابة بيت المال العراقي سيؤدي الى نتائج سلبية مؤثرة على الامن والاقتصاد، وانها باتت مصدر قلق لكل اعضاء النقابة من المهندسين». وتحاول الحكومة المركزية التقليل من اهمية الخلاف؛ إذ اعلن حسين الشهرستاني وزير النفط  مؤخرا عن ان «اللعيبي طلب ترقية وقد وافق على ان يمنح وظيفة رفيعة»، فيما نفى مدير عام الشركة ما جاء على لسان الوزير. وأوضح جابر خليفة جابر عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، ان «اللعيبي كان الوحيد الذي كان باستطاعته جعل شركة نفط الجنوب قادرة على العمل»، واضاف ان «التداعيات الجارية فيها قد تؤثر على مستقبل الشركة التي تعد واحدة من اكبر اربع شركات عالميه، تنتج حاليا اكثر من مليوني برميل وتلبي اكثر من 2 % من الطلب العالمي للنفط، وستوفر نسبة الثلثين من العوائد المالية للبلد والتي من المتوقع ان تصل الى 75 مليون دولار».

وتوقع الدكتور صالح اسماعيل عميد كلية الهندسة وعضو لجنة الاعمار، ان «تنفيذ قرار الوزارة بترقية مدير عام الشركة سيخلق الكثير من التداعيات فيها»؛ في اشارة الى ما اعلنه منتسبو الشركة ونقابة عمال النفط بتنظيم اعتصام وإضراب عن العمل، وأضاف ان «مدير عام الشركة عمل فيها منذ تخرجه من كلية الهندسة حتى بات من الخبراء المعروفين دوليا في مجال النفط والغاز، لدية القدرة في فهم الواقع المحلي وابعاد الشركة عن الكثير من اعمال العنف بقدرته على التعامل مع مختلف الفعاليات السياسية، وعلى الرغم من ذلك نجا من الموت بأعجوبة من محاولة لاغتياله». وأشار اسماعيل «بعد سقوط النظام السابق واجتياح قوات الاحتلال للحقول النفطية وإيقاف عمل الآبار النفطية والمحطات، بذل اللعيبي جهودا كبيرة لجعل حقول الجنوب تعاود الضخ من جديد، وقاوم التدخل في شؤون الشركة من قبل المستشارين الاميركيين والمسؤولين في بغداد.