الشعلة الأولمبية من بكين إلى لندن 2012

الإبهار الذي قدمته الصين في حفل الختام وضع العاصمة البريطانية في موقف صعب

TT

لم يتمكن المشاهد بعد من نسيان الإبهار الذي قام به الصينيون خلال افتتاح الدورة الأولمبية، التي ابتداءت بدقات الطبول معلنة انفتاح الصين على العالم. وها هي عادت الصين من جديد يوم أمس لتضع حدودا جديدة للإبهار، فأسدلت الستار عن «بكين 2008» الدورة الأكثر متابعة في تاريخ الأولمبياد. كان حفل الوداع جزءا سيسجله التاريخ فراحت الألعاب النارية تخلب الأبصار، بينما راحت عروض الرقص والتمثيل تتدفق داخل الملعب لتذكر بحفل افتتاح الأولمبياد، الذي اعتبر أفضل الافتتاحات في تاريخ الدورات الأولمبية. وانطلق الحفل الختامي الدرامي للدورة الأولمبية التاسعة والعشرين للأولمبياد الحديث مع عروض لألعاب نارية باهرة، تحولت بسرعة إلى عرض كوريوغرافي للرقص وقرع الطبول.

ثم رفع الدراج الاسكوتلندي كريس هوي، الذي حصل على ثلاث ميداليات ذهبية في بكين، العلم الأولمبي للفريق البريطاني، مع تحرك 204 أشخاص يحملون الأعلام ليقودوا آلاف الرياضيين المشاركين في الدورة إلى خارج الملعب.

يمكن القول، إن العد التنازلي لدورة 2012 قد بدأ، فالمنظمون سيعرفون أن أمامهم أعباء كبيرة للتنافس مع ما حققته الصين، حيث اعتبرت أفضل من نظم دورة أولمبية طوال تاريخها، وقدمت في افتتاحها واختتامها، عروضا ستظل تقاوم النسيان نظرا لما فيها من عروض خلابة لم يجر لها مثيل من قبل.

تجدر الإشارة إلى أن الصين نظمت الأولمبياد في وقت كانت هناك مخاوف من التلوث ومخاوف حول الأمن، وحول المظاهرات الاحتجاجية المتعلقة بسجل الصين بما يتعلق بحقوق الإنسان.

لكن النتائج الرياضية التي تحققت خلال الدورة كانت مثيرة وآسرة، بما فيها ما حققه السباح الأميركي مايكل فيلبس بحصوله على رقم قياسي من الميداليات الذهبية، إضافة إلى إنجاز العداء الجامايكي أوسين بولت الذي تمكن من كسر ثلاثة أرقام قياسية.

وقال جاك روج رئيس اللجنة الأولمبية الدولية في الخطاب الختامي: «نحن وصلنا إلى نقطة الختام بعد 16 يوما ستظل عالقة في الذاكرة. وخلالها ولد نجوم جدد مع استمرار نجوم آخرين من الدورات السابقة بالتألق ثانية». بعد ذلك ارتفع العلم البريطاني وراح فريق من الكورس يغني النشيد الوطني، قبل أن يتسلم عمدة لندن بورس جونسون، العلم الأولمبي من جيو جينلونغ، كبير مسؤولي بكين.

الحفل الذي استغرق سبع سنوات من العمل، وضع العاصمة البريطانية لندن في موقف قد لا تحسد عليه، اذ سوف تصبح هي العاصمة المضيفة للدورة المقبلة في عام 2012. لم يكن عمدة لندن هو الشخصية البريطانية الوحيدة التي شاركت في الحفل، حيث ظهر اللاعب البريطاني الأشهر ديفيد بيكهام والمغنية البريطانية ليونا لويس التي فازت بالدورة الماضية من برنامج تلفزيون الواقع «اكس فاكتور» للمواهب الغنائية في نسخته الأنجليزية. ودخل الباص اللندني الشهير والمكون من طابقين الى ارض الملعب، وسط تصوير للشارع البريطاني على شاشات الملعب الكبيرة. فتح باب الباص الأحمر وكانت هناك طفلة صغيرة تخرج منه لتتسلم كرة قدم من أخرى صينية، لتمثل عملية انتقال المهمة من الصين الى بريطانيا. وما ان تسلمت الطفلة تلك الكرة وعادت الى الباص، حتى انكشف الطابق الثاني من الحافلة لتخرج المغنية ليونا لويس في زي غير تقليدي وترتفع بواسطة رافعات الى الأعلى. ومن الجهة الثانية كانت الطفلة التي تحمل الكرة برفقة اللاعب ديفيد بيكهام الذي ركل الكرة ليتلقفها أحد المشاركين في الرقصات والعروض الذين امتلات بهم ارض الملعب. ولمن كان يتوقع بأن الكرة الأرضية التي ظهرت من تحت أرض المعلب، خلال حفل الافتتاح كانت مبهرة، كان لا بد ان ينتظر ليرى الهرم البشري، الذي وقف صامدا على ارض ملعب «عش الطير». فقد ارتفع مبنى مكون من عدة طوابق في وسط الملعب، ولمن يراه من بعد قد يعتقد بأنه كعكة زفاف ذات ألوان متميزة، ولكن لمن يدقق النظر فيه يجده مكونا من أشخاص ارتفعوا فوق بعضهم بطريقة هندسية مميزة وتتطلب جهدا وتدريبا مكثفا. وأما في العاصمة البريطانية فكان اليوم لا يزال في أوله مع اختلاف التوقيت بين العاصمتين. فاحتشدت جموع غفيرة من سكان العاصمة الذي استمتعوا بالجو الجميل، الذي غطى لندن ليستقبوا الشعلة الأولمبية التي انتقلت الى عهدتهم. فاقيمت عدة حفلات موسيقية متنوعة في ارجاء مختلفة من العاصمة البريطانية وتم التحضير لها مع بداية الأسبوع الماضي، حيث شيدت عواميد من الحديد التي حملت شاشات كبيرة في حديقة قصر بكينغام واخرى في ساحة الطرف الأغر. السؤال الذي لن نتمكن من اجابته حاليا، هو هل ستستطيع لندن ان تتجاوز حدود الإبهار التي قام بها الصينيون؟ هل من الممكن ان يتم التحضير والتنظيم للدورة المقبلة بمستوى افضل من الذي تم تقديمه غي بكين؟ هل ستتمكن الحكومة البريطانية من اتمام جميع البنى التحتية المقررة لاستضافة أولمبياد 2012 في الموعد المحدد؟ يجب علينا الانتظار أربع سنوات أخرى للكشف عن تلك الأجوبة.