موريتانيا: رفض زعيم المعارضة دخول الحكومة يزيد الضغوط على القادة الجدد

مسؤول القاعدة في البلاد يدعو لعدم الاعتراف بالنظام العسكري

TT

رجحت مصادر في الحزب الذي يتزعمه زعيم المعارضة في موريتانيا، أن هذا الاخير تراجع عن المشاركة في الحكومة المرتقبة بعد أن كان أكد نيته المشاركة فيها الأسبوع المنصرم. ومن شأن هذه الخطوة إذا تأكدت أن يزيد الضغوط على القادة الجدد في البلاد.

وحسب المصادر ذاتها، فان قرار أحمد ولد داداه، زعيم حزب «تكتل القوى الديمقراطية» جاء نتيجة لقاء مطول جمعه مع رئيس المجلس الأعلى للدولة، الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وحضره أيضاً رئيس حزب «التحالف من أجل العدالة والديمقراطية» صار إبراهيم في القصر الرئاسي. وأوضحت المصادر أن عبد العزيز أبلغ ولد داداه وصار ابراهيم أول من أمس أن مطالب المعارضة لا يمكن البت فيها قبل تشكيل الحكومة، ما دفعهما للتريث في المشاركة لغاية الحصول على ضمانات واضحة بشأن تنظيم انتخابات رئاسية في وقت معين.

وكانت أحزاب المعارضة الداعمة للانقلاب الذي قاده الجنرال محمد ولد عبد العزيز في السادس من أغسطس (آب) الجاري، أعلنت أنها تقدمت بعريضة مطلبية للقادة الجدد، تتضمن تحديد الفترة الانتقالية ومنع أعضاء المجلس الأعلى للدولة من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة وتلقت وعوداً من العسكر بالتشاور معهم بخصوص هذا الشأن في لقاءات مقبلة.

وأبدى قادة الأحزاب الثلاثة وهم أحمد ولد داداه وصار إبراهيم وصالح ولد حننا استعدادهم للمشاركة في الحكومة المقبلة دون أية شروط معولين في ذلك على التزام العسكريين بتعهداتهم حيال تحديد موعد للانتخابات وتنحيهم وعدم ترشح أعضاء المجلس الأعلى لدولة لهذه الانتخابات.

بيد أن رئيس المجلس الأعلى للدولة أبلغ حلفاءه الجدد أن مهمة تحديد الفترة الانتقالية ستوكل للحكومة المقبلة وسيتم ذلك من خلال تنظيم أيام تشاورية ستشارك فيها كافة القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني لوضع جدول لهذه الانتخابات، مما دفع هؤلاء لمحاولة الضغط على الرئيس الجديد لانتزاع الضمانات قبل تشكيل الحكومة.

وفي سياق متصل ذكرت مصادر في الوزارة الأولى أن رئيس الحكومة المعين مولاي ولد محمد لغظف أنهي كافة مشاوراته بشأن تشكيلة حكومته، ولا يزال ينتظر لوائح وزراء الأحزاب المشاركة، فيما ينتظر أن يتم الإعلان عنها خلال اليومين المقبلين.

وكان ولد محمد لغظف أعلن أنه يتطلع لتشكيل حكومة كفاءات قادرة على مواجهة التحديات التي تواجه البلد بغض النظر عن الانتماءات السياسية لأعضاء هذه الحكومة. وفي حال رفضت هذه الأحزاب الدخول في التشكيلة المقبلة فإن ذلك سيزيد من صعوبة الحكام الجدد الذين يعولون على قادة هذه الأحزاب لامتصاص الضغوط الدولية التي تطالب بعودة موريتانيا إلى النظام الدستوري في أقرب الآجال مع التأكيد على عودة الرئيس المخلوع للسلطة.

في غضون ذلك، دعا الخديم ولد السمان الذي يعتقد انه يتزعم فرع تنظيم القاعدة في موريتانيا المسلمين الى عدم الاعتراف بالنظام «الذي يخالف الشرع» الذي يقوده الجنرال محمد ولد عبد العزيز. وقال ولد السمان في رسالة كتبها من السجن: «لقد حكم هذه البلاد احد افراد القبيلة التي انتمي اليها وقد طبل له المطبلون وصفق لهه المصفقون، لكن ولانني صاحب عقيدة تفرض عليه البراءة من اي كافر اصليا كان او مرتدا ولو كان اقرب الناس الي فانني اعلن براءتي من هذا النظام الذي يخالف الشرع وأحذر من عبادة الطواغيت».

واضاف في الرسالة المكتوبة بالعربية في صفحتين: «يجب على كل مسلم في هذه البلاد ان لا يعترف بهذا الحكم الجديد وان يبتعد عنه ويواجهه لانه ليس على الحق». واكد ان «واجب هذا الشعب المغلوب على امره ان يوقف المطبلين وان يوقف الرافضين للنظام وان يتبع فقط ما انزل الله ويبحث عن سلطة تطبق الشريعة الاسلامية». والخديم ولد السمان هو المتهم الرئيسي في الاعتداء الذي استهدف في الاول من فبراير (شباط) الماضي سفارة اسرائيل في نواكشوط وتبنته القاعدة.

ومن ناحية أخرى، تباحث رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ في نواكشوط مع الجنرال محمد ولد عبد العزيز، قبل أن يلتقي ممثلين عن الطبقة السياسية الموريتانية من مؤيدي ومعارضي الانقلاب. وكان بينغ قال لدى وصوله الى نواكشوط مساء أول من أمس: «لم نأت لتوجيه تهديدات وإنما جئنا للمناقشة والسعي للتوصل لحلول». وفي الوقت نفسه، قال نجل الرئيس المخلوع ان الانقلاب الذي اطاح بوالده سيدي محمد ولد شيخ عبد الله يهدد مستقبل الديمقراطية في افريقيا اذا ترك وشأنه. وذكر احمد اصغر ابناء الرئيس عبد الله في مقابلة مع «رويترز» في نواكشوط انه يعتقد ان والده سيعود الى السلطة في نهاية المطاف بعد ضغط من داخل موريتانيا ومن المجتمع الدولي الذي قطع مساعدات يبلغ حجمها ملايين الدولارات بعد الانقلاب. وقال احمد انه لا يساوره أدنى شك في عودة والده الى السلطة وان الامر قد يستغرق 15 يوما او شهرا، وان موريتانيا لن تستطيع البقاء دون مساعدات اقتصادية. وشكا من ان قادة الانقلاب يمنعون افرادا من اسرة عبد الله من زيارة الرئيس المخلوع المحتجز.

ووصف احمد الانقلاب واحتجاز والده بانه قرصنة. وقال ان البلاد تشهد انقلابا عسكريا على الدولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. واضاف ان مستقبل الديمقراطية في افريقيا في خطر وانه اذا سمح لهذا الانقلاب بالاستمرار وهو امر لا يتوقعه فان كل الانظمة الديمقراطية في افريقيا ستكون مهددة تماما.