تلاميذ يوسف شاهين يستعيدون لحظاتهم معه

في مهرجان الإسكندرية السينمائي

يسرا ومحمود حميدة أثناء حضورهما الندوة (أ.ف.ب)
TT

ما بين دموع الفراق وابتسامات الذكريات كانت أجواء ندوة تكريم المخرج العالمي يوسف شاهين، في الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي.

الندوة التي جمعت تلاميذه ومحبيه، مثل يسرا والمخرج علي بدرخان وخالد يوسف ولبلبة وهاني سلامة، أدارها الناقد السينمائي رفيق الصبان وقال في تقديمه له: «شاهين قدوة لكل العاملين في السينما، كان شيئا متفردا ومدهشا وجسرا صامدا ربط بين السينما المصرية والعالمية». في المقابل تحدث ابن شقيقته «جابي خوري الذي تسلم درع تكريم المهرجان لـ«جو» وقال: اعتقد أن الكلام عن شاهين سهل للغاية لأي شخص لأنه كان كتابا مفتوحا لكل الناس، ترك لنا الإصرار والعزيمة كي نكمل مسيرته، وإن كان غيابه قد ترك فراغا لا يمكن ملؤه، وبقدر الإمكان سنتحرى الدقة في اختياراتنا القادمة ليرضى عنها، فمن حقه علينا أن تظل أفلام مصر العالمية ترفع رايته وتكمل مسيرته». أما الفنانة يسرا، التي شاركت في الندوة، رغم إصابتها بقطع في الوتر أدى إلى استعانتها بعكازين لتتمكن من السير، قالت: هو من وضع بصماته في، وشكلني بما أنا عليه الآن، كان اختياره لي للمشاركة في فيلم «إسكندرية كمان وكمان» بمثابة التحدي، خاصة أنني كنت بديلة للممثلة أنستازيا كنسكي، هو أستاذي ومعلمي وصديقي وأشعر الآن بأنني يتيمة، فقدت والدها الذي رباها». وعن دور شاهين في اكتشاف المواهب ورعايتها تحدث هاني سلامة عن تجربته الشخصية معه وقال: «لم أدرس السينما وتعلمت منه، كان صدره رحبا يتسع لكل أسئلتي، للدرجة التي قال لي في إحدى المرات: هو أنت عاوز تبقى مخرج ولا إيه؟»، لم يقدم يوسف شاهين ممثلين فقط، بل أسس مدرسة فنية تتسع لكل فنان له رؤية وهدف.

الفنانة لبلبة تحدثت بدورها عن تفاصيل أستاذية يوسف شاهين وكيفية تعليمه لتلاميذه فقالت: «علمني كيف أتحكم في دموعي، في فيلم الآخر عندما جمعني مشهد مع حنان ترك، وفيه تخبر البنت أمها بهية بأنها قابلت حب حياتها، طلب مني أن تكون الدموع على عدة مراحل أولها الاكتفاء باللمعان ثم بداية ظهور الدموع ثم نزول الدمع».

أما أبرز مفاجآت ندوة الاحتفاء بالراحل يوسف شاهين فصدرت من الفنان محمود حميدة، عندما انتقد الندوة ذاتها، معتبرا أنها مجرد احتفاء سريع لا تعطي «الأستاذ» حقه، وقال إنه كان من المفترض أن يقدم المشاركون فيها أبحاثاً حول أعماله ورؤيته السينمائية.

وحكي حميدة قصة بداية عمله معه قائلا: «ذات مرة أخبرته أنني لا أحب أن أعمل معه، لأنني أشعر بأني حمار، ثم أصبحنا أصدقاء». ولفت حميدة إلى أن شاهين كان يهتم بالإعداد للحظة الدرامية وكنت أختلف معه في ذلك، فقد كان يقول للممثل تذكر وفاة شخص عزيز عليك حتى تكون الدموع طبيعية، ولكنني كنت أرفض أن يتدخل المخرج في المواقف الإنسانية للممثل، وكنت أقول له «شوف اللي حاعمله وبعدين أطلب تعيد المشهد أو لأ، وكان يتقبل ذلك». ومن جانبه أشار حسين مرزوق، مدير التصوير السينمائي الى أن جو كان يفهم جيدا في تقنيات الإضاءة وكذلك في الموسيقى وتقنيات الصوت وكل ما له علاقة سينما ولذلك استحق لقب المخرج العالمي.

وتابع «في فيلم المهاجر كنا نصور في معبد إدفو أحد المشاهد الصعبة للغاية، لأن المعبد 14 متراً وكانت من الصعوبة إنارة الموقع، ولكنه أصر على زاوية معينة حتى تكلفت معدات الإضاءة أكثر من 40 ألف جنيه، وهو مبلغ كبير جدا في ذلك الوقت وبالفعل خرج المشهد رائعا للغاية». واعترف المخرج علي بدرخان أن شاهين هو الذي علمه السينما وفي الوقت نفسه علمه كيف يناضل من أجل التنوير، بينما أكدت المخرجة أسماء البكري أنه كان السبب في قربها من الفن السابع بعد أن كانت بعيدة عنه تماما.

أما الوجه الجديد يسرا اللوزي، التي أدت دور حبيبة شاهين في فيلم «إسكندرية نيويورك»، فأكدت أنها كانت تشعر بأنه طفل وقت تصوير الفيلم، وأضافت: «كانت طاقته في العمل تفوق الشباب، فكان يخرج معنا بعد البروفات لكي نشاهد أفلاما في بيته، وكان يعاملني أنا وبطل الفيلم أحمد يحيى مثل أصدقائه».

وأشار خالد النبوي بطل فيلم «المهاجر» إلى أن شاهين تعدت أستاذيته السينما إلى الحياة بأسرها ويكفي أنه كان يعلم تلاميذه كل شيء حتى طريقة أكل الأسماك. وقال السيناريست ناصر عبد الرحمن عن يوسف شاهين الذي كتب له آخر أفلامه «هي فوضى»، قابلته 2003 وقلت له فكرة هي فوضى، وبلغت دقته الحد الذي عدلنا فيه السيناريو 22 مرة، فهو يظل وراء أي شخص حتى يأخذ منه أفضل ما عنده، كانت تجربة شديدة الصعوبة ولكنها ممتعة.

أما تلميذه خالد يوسف فقال: «لقد تحدثت عن شاهين أكثر من نفسي، ولكن في حياته وهذه هي المرة الأولى التي أتحدث عنه وهو غائب، وقد عرفته لما يزيد عن 20 عاماً، وكان بمثابة الأب، اختار أن يكون مصرياً يدافع عن وطنه حتى آخر يوم في حياته».

أما النجم محمود ياسين، فاعترف بأن الندم يعتصره لأنه لم يحالفه الحظ ويكون بطلا لفيلم من أفلامه، وقال «لقد اختارني بالفعل بطلا لفيلم الاختيار، ولكننا لم نتفاهم ولا أدري ما هو السبب للآن».

وحكى ياسين عن موقف طريف جمعه بشاهين يسجل مبررات عدم التعامل معه فقال: اختارني شاهين بعد الموقف السابق بخمس سنوات لفيلم «إسكندرية ليه»، وكنت في ذلك الوقت ذاهباً لتصوير فيلم «رجل بمعنى الكلمة» في تونس وجاء لي في ستوديو الأهرام وظل يحكي عن الفيلم لمدة ساعة وأوقف التصوير ولم أفهم شيئا، فطلبت منه أن يرسل لي السيناريو لأفهم الفيلم، فكان رده «أنت عمرك ما حتفهم». ولما أرسله لي وقرأته بعثت له برسالة تقول (يؤسفني أنني لم أفهم شيئاً)، وأنا معجب بتلاميذه الذين حصلوا على هذا الشرف وشاركوا في أفلامه.