صفحتان تحكمان سلوك الجيش الأميركي في أفغانستان

انتقادات حادة عقب الضربة الجوية التي أودت بحياة 90 مدنيا

TT

على مدى الأعوام الستة الماضية، حكمت «مذكرة دبلوماسية» مكونة من صفحتين، العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وأفغانستان، وتمنح تلك المذكرة القوات الأميركية تفويضا مطلقا كي تقوم بالعمليات التي تراها مناسبة. وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي جورج بوش تعهد في وثيقة عام 2005 وُقِّعت مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي بـ«بالتجهيز للترتيبات والاتفاقيات المناسبة» التي تحدد رسميا طبيعة العلاقة بين أفغانستان والقوات الأميركية وغيرها من العلاقات الثنائية، فلم يتم صياغة أي من تلك الاتفاقيات حتى الآن. ولكن، في أعقاب الضربة الجوية التي حدثت خلال الأسبوع الماضي وأودت بحياة ما يصل لـ90 مدنيا معظمهم من الأطفال، حسبما أفادت به الأمم المتحدة وما قاله مسؤولون أفغان، دعا الرئيس الأفغاني إلى إعادة النظر في وضعية كل القوات الأجنبية في أفغانستان والنظر في «اتفاقية وضع القوات» على نسق الاتفاقية التي يجرى التفاوض عليها بين الولايات المتحدة الأميركية والعراق. ويقول مسؤول أميركي: «لم يحدث ذلك لأن القضايا ذات الصلة أكبر بكثير ممن يمكن تجاوزه». ويضيف أن الحكومة الأفغانية «لا تتحلى بالنظام الأكثر فاعلية». «ولذا سيكون لديك العديد من اللاعبين في ذلك الجانب».

ويصف بعض المسؤولين الأميركيين عناصر في حكومة كرزاي بأنها عناصر فاسدة ولا تتسم بالكفاءة. وعلى الرغم من أن معظم قتلى الحرب الأهلية في أفغانستان يتسبب فيهم المقاتلون التابعون لحركة طالبان، يكون القتلى من ضحايا الضربات الجوية مبعثا لغضب شعبي يصعب على كرزاي أو الإدارة تجاهله. ويتسم الجانب الآخر من المعادلة بتعقيد أكبر، فمن بين القوات الأميركية في أفغانستان التي يبلغ عددها 33000، يعمل 19000 تحت القيادة المركزية الأميركية بينما يشكل 14000 المكون الأكبر لقوات تمثل 40 دولة وتعمل تحت قيادة الناتو بموجب قرار للأمم المتحدة. وقد تسببت تلك الهيكلة المتباينة في مشاكل لكل الدول المشاركة، ولكن حسبما يقوله مسؤولون أفغان، ساعد ذلك على تعويم المسؤولية عن الضحايا من بين المدنيين، كما هو الحال مع الضربة التي وقعت الأسبوع الماضي في الجزء الغربي من أفغانستان. وتدير القوات الأميركية ما يصل لـ90 في المائة من كافة الطائرات التي تستخدم في الضربات الجوية في أفغانستان، وقلما يكون واضحا ما إذا كانت الضربة الجوية المنفذة تأتي في إطار عملية للناتو أم علمية للقوات الأميركية . ويعد تفويض الأمم المتحدة للناتو بمثابة اتفاقية وضع قوات مفروضة على أرض الواقع، ومع ذلك فإن السلطة والحماية اللتين يحظى بها الناتو بموجب الاتفاقية لا تنطبق على القوات الأميركية خارج إطار الناتو والتي تعمل تحت مذكرة دبلوماسية وقعت بين الولايات المتحدة وحكومة مؤقتة غير منتخبة في الأشهر التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وهجمات القاعدة والعمليات التي شنتها الولايات المتحدة في أفغانستان لمحاربة الإرهاب. وتخصص المذكرة أسطرا قليلة إلى «إدارة العمليات العسكرية المستمرة» وتمنح القوات الأميركية «وضعية معادلة» للحصانة الدبلوماسية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»