روسيا تطلق صاروخا بعيد المدى.. وقمة شنغهاي تدعمها في نزاعها مع جورجيا

موسكو: التهديدات الأوروبية بفرض عقوبات هي نتاج «خيال مريض»

TT

أعلنت الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون تأييدها لما وصفته بدور روسيا الفعال في حل النزاع مع جورجيا، ودعت إلى حل الأزمة سلميا، في حين اعتبر وزير الخارجية الروسي التهديدات الأوروبية بفرض عقوبات على بلاده نتاج «خيال مريض» وارتباك للفشل الذي منيت به جورجيا.

وفي نفس الوقت، اجرت روسيا تجربة على صاروخ «توبول» القادر على اختراق نظام دفاعي مضاد للصواريخ كما اعلنت وكالات الانباء الروسية نقلا عن القوات الاستراتيجية النووية.

وقالت وكالات أنباء ان روسيا أعلنت امس انها اطلقت بنجاح صاروخ توبول بعيد المدى من موقع الاطلاق في بليسيتسك. والصاروخ مصصم بحيث يتجنب رصد نظم الدفاعات الصاروخية له. من جهته صرح الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشنكو ان روسيا لم يكن لديها «خيار آخر» سوى الاعتراف باستقلال الجمهوريتين الانفصاليتين في جورجيا. وقال الرئيس البيلاروسي «في الوضع الناشئ لم يكن امام روسيا خيار اخلاقي آخر، سوى دعم طلب شعبي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا» اللذين طالبا باعتراف موسكو «انسجاما مع القوانين الدولية».

وكانت الصين وكزاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان، قد أعربت امس عن دعمها لـ«الدور الفعال» الذي تقوم به روسيا في حل النزاع مع جورجيا، حسب ما ورد في مشروع إعلان مشترك لقمة منظمة شانغهاي للتعاون ـ التي تضم الدول الخمس بالإضافة إلى روسيا ـ في العاصمة الطاجيكية دوشانبي.

كما دعت القمة في الإعلان المشترك إلى حل الأزمة سياسيا من دون تصعيد الأوضاع وتعريض المنطقة إلى حالة تضر بالأمن والاستقرار الإقليميين.

من جانبه أعرب الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف عن ارتياحه لتبني الصين وباقي الحلفاء الآسيويين لموسكو في منظمة شانغهاي للتعاون «موقفا موحدا» من التحركات الروسية في جورجيا.

وقال في إشارة إلى هجوم القوات الجورجية على أوسيتيا الجنوبية في السابع من أغسطس(آب) الحالي، إن هذا الموقف «سيكون له صدى دولي كبير» معربا عن أمله في أن يوجه هذا الموقف «رسالة قوية للذين يسعون إلى تبرير هذا الفعل المشين والعدوان».

وفي تصريح له من العاصمة الطاجيكية، قلل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أهمية التهديدات الأوروبية بفرض عقوبات على بلاده، واصفا ذلك بأنه «نتاج خيال مريض وارتباك في الغرب».

وقال لافروف ـ الذي كان يتحدث على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون ـ إن الاتحاد الأوروبي غاضب لأن بعض العواصم الغربية مستاءة من أن «دميتها» جورجيا لم تكن على قدر توقعاتها. وأضاف متهكمًا من وزير الخارجية الفرنسي «ناهيك كذلك عما قاله صديقي كوشنير من أننا سنهاجم قريبا مولدافيا وأوكرانيا والقرم، هذا خيال مريض ربما ينطبق على العقوبات أيضا».

وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ـ الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي ـ قد قال إن الاتحاد سيبحث في قمته الطارئة المقررة في الأول من الشهر المقبل إمكانية فرض عقوبات على موسكو.

وقال كوشنر خلال مؤتمر صحافي في باريس «هناك تفكير بفرض عقوبات ووسائل أخرى طبعا»، مشيرا إلى أن دول الاتحاد تسعى لوضع مشروع قانون يعبر عن رفضها للوضع الراهن في جورجيا، من دون أن يوضح طبيعة الإجراءات التي ينوي الاتحاد اتخاذها. ومن المقرر أن يجتمع رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الاثنين في بروكسل في قمة طارئة، دعا إليها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لبحث مستقبل العلاقات الأوروبية بروسيا في ضوء النزاع في جورجيا واعتراف موسكو باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.

من جهة اخرى, سيظل الاتحاد الأوروبي وروسيا ينظران إلى بعضها بعضا عن كثب لسنوات طويلة لاكتشاف أي منهما يخدع الآخر، كما لو كانا مقامرين يلعبان لعبة البوكر.

لكن قادة الاتحاد الاوروبي لن يكون أمامهم يوم الاثنين المقبل سوى خيارات قليلة لإكمال اللعبة، وإظهار ما إذا كانت لديهم بعض الاوراق الرابحة التي يخفونها. وفي نفس الوقت اتجهت روسيا امس شرقا في صراعها مع الغرب، حيث أعربت الصين وكزاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان عن دعمها لـ«الدور الفعال» الذي تقوم به روسيا في حل النزاع مع جورجيا، حسب ما ورد في مشروع إعلان مشترك لقمة منظمة شنغهاي للتعاون ـ التي تضم الدول الخمس بالإضافة إلى روسيا ـ في العاصمة الطاجيكية دوشانبي.

وتعقد يوم الاثنين المقبل قمة طارئة للاتحاد في بروكسل ستكون أول اجتماع أزمة منذ حرب العراق عام 2003 بدعوة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي لمناقشة الحرب الاخيرة بين روسيا وجورجيا.

وتعقد القمة الطارئة بعد أسابيع من الدبلوماسية الاوروبية المكوكية في منطقة القوقاز، وبعد أيام قليلة من قرار روسيا المفاجئ الاعتراف باستقلال إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الانفصاليين في جورجيا والذي أثار مخاوف أوروبا.

ومن المنتظر أن يستغل الاتحاد الاوروبي قمة بروكسل في زيادة حجم الرهان في هذه اللعبة من خلال تقييم تداعيات الصراع بين روسيا وجورجيا على العلاقات المستقبلية برمتها بين الاتحاد الاوروبي وروسيا. لكن المحللين يشيرون إلى أن خيارات الاتحاد الاوروبي محدودة.

وقال البروفيسور هانز هينينج شرودر رئيس قسم أبحاث روسيا في المعهد الالماني للسياسة الخارجية والامنية لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ): «هناك إمكانات ضئيلة جدا أمام الاتحاد الاوروبي للتأثير على صنع القرار الروسي في منطقة قريبة للغاية من حدوده».

وحث عدد من القادة خاصة من دول شرق أوروبا التي كانت في الماضي جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق الاتحاد الاوروبي على اتباع نهج صارم مع روسيا، خوفا من أن تقرر موسكو معاملة جيران آخرين بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع جورجيا. ووجدت هذه المخاوف آذانا صاغية في الغرب.

ويرى المحللون أن الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة لديه العديد من البدائل في جعبته.

فمن الممكن أن يعوق الاتحاد منح روسيا عضوية منظمات دولية مثل مجموعة الثماني ومنظمة التجارة العالمية كما يمكنه تجميد المحادثات الحالية حول تجديد اتفاقية التعاون واسعة النطاق بين الاتحاد الاوروبي وروسيا، ويمكنه فرض عقوبات تجارية كما أنه بوسعه رفض إعفاء الروس من تأشيرات السفر لدخول دول الاتحاد الاوروبي.

لكن حتى إذا اتفق قادة أوروبا على اتخاذ إجراءات انتقامية من روسيا يوم الاثنين المقبل، وهو أمر غير مضمون بالمرة، فإن الخبراء يتساءلون ما إذا كانت هذ الاجراءات تعد أوراقا رابحة بما فيه الكفاية لهزيمة روسيا في اللعبة.

يذكر أن روسيا هي أكبر موردي الطاقة إلى أوروبا وأكبر جيران الاتحاد الاوروبي، كما أنها سوق ضخم ومتنام ولاعب دبلوماسي بارز في مناطق كأفغانستان والشرق الأوسط وإيران.

ولم يجد قادة روسيا أية غضاضة في إهانة المشاعر الاوروبية إما عن طريق قطع إمدادات الطاقة إلى أوكرانيا عامي 2005 و2006 ثم إلى ليتوانيا عام 2006 أو استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع دعم الامم المتحدة لاستقلال إقليم كوسوفو عن صربيا (2007).

وبالفعل فإن السؤال الرئيسي المرجح أن يدور في خلد قادة الاتحاد الاوروبي خلال قمتهم يوم الاثنين هو: هل سيكون من المحرج بشكل أكبر أن يفشل الاتحاد الاوروبي في الاتفاق حول الاوراق التي يلعب بها، أم أن يعترف بأن روسيا في الحقيقة تملك كل أوراق اللعب الرابحة؟