من اقتصاديات المساجد

سـعود الأحمد

TT

أتمنى لو أقرا بحثاً علمياً لأحد الأكاديميين الاقتصاديين أو المحاسبين المتخصصين بنظام محاسبة التكاليف (أو غيرهم من الطلبة أو أساتذة الجامعات بالدول الإسلامية) يتناول موضوع «اقتصاديات المساجد». بحيث يركز على ما يُنفق على المساجد في المجتمعات الإسلامية. ويشخص السبل المتاحة لترشيدها وحسن استغلالها.. آخذين بالاعتبار التعريف العلمي لكلمة اقتصاد بأنه حسن استغلال الموارد المتاحة، أو الاستغلال الأمثل لها... لا تخفيضها أو قطعها.

اننا كمجتمعات إسلامية بحاجة ماسة إلى تحفيز جامعاتنا لتقوم بدورها الحيوي لمعالجة القضايا الاجتماعية، عن طريق تقديم البحوث العلمية التجريبية التي تركز على خدمة المجتمع. على أن تقدم نتائج هذه البحوث كأوراق عمل للمعنيين وللعامة، ليستفيدوا منها في حياتهم اليومية. وليس لمجرد الحصول على الدرجات العلمية ثم تحفظ أوراقها، أو ربما ترمى (بالجملة) في حاويات النفايات! من ذلك أعتقد أن ما يصرف على المساجد من بناء وفرش وخدمات صيانة ومصاريف استهلاك كهرباء وماء بهذا الوضع الدائم والمتكرر، يعد مجالا يستحق الدراسة لنصل إلى قناعة: بأن الوضع القائم لاستغلال هذه الموارد هو الأمثل... وأن ليس بالإمكان أفضل مما كان. ولنبحث إمكانية توزيع هذه الميزانيات فيما بين الدول الإسلامية، عوضاً عن تكثيفها في دول معينة كالدول الخليجية.. أو حتى بعض المدن الرئيسة داخل البلد الواحد! فعلى سبيل المثال: هل مصاريف استهلاك الماء والكهرباء تتم على الوجه المطلوب؟ وهل هناك تماثل فيما بين المساجد من حيث توفر طاقة المياه والكهرباء ودرجة الإضاءة المتوفرة بساحات المساجد؟ وهل يتم بناء المساجد في الأحياء والمدن بناءً على حاجة الحي تناسباً مع كثافة السكان، أم أن البناء يتم باجتهادات شخصية؟! الأمر الآخر.. إنني أتوجه بمقترح لرابطة العالم الإسلامي ووزارات الشؤون الإسلامية أن تبدأ مبكراً في الاستفادة من التقنيات الحديثة. وتدريب الأئمة والخطباء على استخدامها. فأجهزة العرض الإلكتروني قادمة بقوة إلى المساجد، بل ان بعض الخطباء بدأ بالفعل يخطب من خلال حاسب آلي محمول (لاب توب) ... وحيث أن في الأمر مصلحة فإن الآمال معقودة للمبادرة المبكرة لاتخاذ قرارات تحفيزية للمعنيين للعمل بموجبه. وختاماً.. ان إغفالنا لمنافع خدمات البحث العلمي، لا يقل عن إغفالنا (قديماً) لثروات النفط والغاز الذي كنا نشاهده منذ عشرات السنين يتصاعد في السماء من آبار النفط بالمنطقة الشرقية ليذهب سدى قبل العمل على الاستفادة منه. بل ان أكثر ما يحز في النفس أن معظم أوراق البحث العلمي لطلابنا في الخارج عن مواضع محلية تقدم لجامعات أجنبية، في وقت يختار الباحثون عندنا مواضع عامة أكثرها تعالج مشاكل مجتمعات الآخرين!

* كاتب ومحلل مالي [email protected]