كابل: تحقيق مشترك في غارة أميركية قتلت 90 مدنيا

TT

طالب ديفيد دي ماكيرنان، القائد العام لقوات حلف الناتو في أفغانستان بفتح تحقيق مشترك في الغارة الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة والتي يقول عنها مسؤولون في الأمم المتحدة ومسؤولون أفغان إنها قتلت ما يقرب من 90 شخصا. وقد أكد المسؤولون العسكريون الأفغان أن المعلومات المضللة التي حصلت عليها القوات الأميركية أدت إلى إصابة هدف خاطئ.

وتأتي مطالبة الجنرال ماكيرنان بالتحقيق في الحادث بعد أربعة أيام من تصريح مسؤولي الأمم المتحدة في أفغانستان بأن المحققين عثروا على «أدلة مقنعة» بأن الغارة الجوية التي نفذها الطيران الأميركي في 21 أغسطس (آب) على إحدى المناطق في إقليم هيرات غرب أفغانستان قتلت ما لا يقل عن 60 طفلا و30 رجلا وامرأة، غير أن المسؤولين العسكريين الأميركيين أكدوا أن خمسة مدنيين فقط هم الذين قتلوا.

ويصر المسؤولون الاميركيون على أن معظم ضحايا الغارة التي وقعت في إقليم هيرات كانوا من مسلحي حركة طالبان، وأن خمسة فقط من الضحايا كانوا مدنيين. وسيشترك في التحقيق كل من الأمم المتحدة وأفغانستان، إضافة إلى الولايات المتحدة. وجاءت تصريحات حلف الناتو على نقيض الروايتين السابقتين، حيث أكد مسؤولون من حلف الناتو أن ما يقرب من أربعين مقاتلا تابعين لحركة طالبان قد قتلوا في غارة في مدينة عزيز آباد. وقال العميد ريتشارد بلانشت المتحدث باسم ماكيرن: «يود الجنرال التأكد من أن الأرقام يمكن التوفيق بينها، ومن هنا تأتي أهمية التعاون في التحقيق». وأضاف: «من المثير للدهشة، ذلك التناقض العجيب بين الرقمين، وأعتقد أن ذلك يمكن أن يكون مرده إلى الدعاية التي تطلقها طالبان أو إلى المعلومات المضللة». وأكدت المقدم رومي نيلسون جرين المتحدثة باسم الجيش الأميركي، أن القوات الأميركية لا تزال تحقق في الحادث وأنها ترحب بأي تعاون قد يزيل هذا التعارض، وقالت: «نأمل في أن يتوصل التحقيق المشترك إلى الحقيقة».

ومن المتوقع أن يتم نشر نتائج التحقيقات الأميركية خلال الأيام المقبلة، لكن مسؤولين عسكريين أميركيين قالوا الأسبوع الماضي إن التحقيق الأولي في الهجوم أكد مقتل 25 مسلحا و5 مدنيين، وهو ما سماه البنتاغون غارة «شرعية تم إعدادها بصورة جيدة» على أحد معاقل طالبان.

وعلى الطرف الآخر، أكد دان ماكنورتون المتحدث باسم الأمم المتحدة في أفغانستان، أن المنظمة متأكدة من الأدلة التي جمعتها، لكنها ترحب بدعوة الناتو لفتح تحقيق مشترك، وقال في تصريحه: «لا بد وأن يكون التحقيق موسّعا وأن يشمل الأطراف الرئيسة في القضية: الأفغان والقوات الأميركية والأمم المتحدة». ونتيجة السخط الشعبي الذي يجتاح أفغانستان بسبب الضحايا المدنيين لعمليات القوات الأجنبية في البلاد قام الرئيس حامد كرزاي بتسريح اثنين من قيادات الجيش المتورطين في قصف عزيز آباد، كما طالب أعضاء حكومته بتوقيع اتفاقية تنص على مزيد من التعاون بين القوات الأميركية والناتو والقوات الأفغانية. وكان من بين الذين تم تسريحهم الجنرال جالاندار شاه بهنام قائد الفرقة المسؤولة عن الغارة والذي قال: إن الرئيس كرزاي فصله من دون سبب بسبب معلومات أعلنت الأسبوع الماضي عن العملية. وقال بهنام في مقابلة معه إن العملية العسكرية بدأت حوالي السادسة مساء في الحادي والعشرين من أغسطس بناء على معلومات من قائد وحدة القوات الخاصة الأفغانية في هيرات، بأن القوات الأمنية اكتشفت مخبأ أحد قادة طالبان المحليين، ومن ثم أُعطيت القيادة الإذن للتنسيق لشن غارة وأن تقدم القوات الأفغانية المساعدة.

ويكمل بهنام: بعد ساعتين من الهجوم أعلمني قائد وحدة القوات الخاصة أن القوات الأميركية والأفغانية ألغت الهجوم لأن الهدف، وهو القائد الطالباني المعروف باسم الملا صديق، قد انتقل إلى موقع آخر. وفي الساعة العاشرة اتصل به مرة أخرى ليقول إن العملية ستنفذ لأن القوات الأميركية والأفغانية حددت موقع صدّيق الجديد.

وذكر بهنام أن القصف وقع في الفترة ما بين منتصف الليل والساعة الواحدة بعد أن فتح مقاتلو طالبان النار على القوات الأميركية والأفغانية. وفي اليوم التالي اتصل به قائد الشرطة في المنطقة وزعيم قبلي هناك، ليقولا إن 75 مدنيا قضوا في الهجوم بينهم نساء وأطفال.

وتقترب روايات الشهود من الإحصاءات التي ذكرتها الأمم المتحدة. فيقول حاجي جول أحمد، 50عاما ويعمل سائقا، والذي يعيش في القرية التي تعرضت للقصف، أنه كان نائما هو وأسرته في أحد المباني القريبة و«كانت هناك طائرات ضخمة فوقنا واستمر القصف من الساعة الواحدة مساء وحتى الثامنة صباحا، وقد قضى جميع أقاربي في هذا الهجوم»، وأضاف أنه وبعض القرويين الآخرين أحصوا 75 قتيلا على الأقل.

وتعد تلك الغارة هي الثانية خلال 13 شهرا والتي يشكو فيها المسؤولون في إقليم هيرات من أن الغارات الأميركية قتلت عددا كبيرا من المدنيين. ففي مايو من عام 2007 قال مسؤولون أفغان إن الغارة الأميركية راح ضحيتها 42 مدنيا من بينهم نساء وأطفال.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»