قمة الاتحاد الأوروبي تجمد مفاوضات الشراكة مع روسيا لحين انسحاب قواتها من جورجيا

روسيا طالبت بإرسال قوة شرطة دولية إلى أوسيتيا وأبخازيا.. ودعت لحظر الأسلحة إلى جورجيا

الرئيس الفرنسي ساركوزي يستمع الى حديث رئيس وزراء لوكسمبورغ جان ـ كلود يونكر، والى يساره رئيس وزراء بريطانيا غوردون براون (رويترز)
TT

قرر الاتحاد الأوروبي إرجاء مفاوضات الشراكة القوية مع روسيا، التي كان يفترض أن تبدأ هذا الشهر، إلى أن تسحب موسكو قواتها من جورجيا، وفق ما أعلن أمس رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروسو، اثر القمة الطارئة للاتحاد حول جورجيا.

وأكد رئيس المفوضية الأوروبية في مؤتمر صحافي أن توقيت المحادثات يعتمد على تحريك روسيا لقواتها. وكان من المفترض بدء المحادثات في 15 سبتمبر (أيلول). وقال دبلوماسي من الاتحاد الاوروبي «ستؤجل المفاوضات لحين انسحاب القوات الروسية للمواقع التي كانت فيها قبل السابع من أغسطس (آب)».

وعقد قادة دول الاتحاد الأوروبي أمس قمة طارئة في بروكسل، لمناقشة تطورات الأزمة بين روسيا وجورجيا، وسط خلافات حول تحديد طبيعة علاقاته المستقبلية مع موسكو. ودعت روسيا القمة الأوروبية الى الابتعاد عن «لغة العقوبات»، فيما طالبت بإرسال قوة شرطة دولية الى أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.. ودعت الى حظر الأسلحة الى جورجيا، لتجنب نشوب نزاع مسلح جديد في المنطقة.

وجاء في وثيقة الاتحاد الاوروبي التي تمت مناقشتها خلال القمة «نتوقع من روسيا تصرفا مسؤولا تحترم بموجبه تعهداتها. وسيتوخى الاتحاد الحذر». وأضاف النص ان «الاتحاد الاوروبي سيدرس بعناية وبعمق الوضع وأبعاد العلاقة بينه وبين روسيا». وتابع ان «هذا التقييم سيتم على ضوء القمة المقبلة بين الاتحاد وروسيا، المقررة عقدها في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) في نيس، والتي قد تؤدي بحسب تطورات الوضع وخصوصا تطبيق موسكو لكافة تعهداتها الواردة في خطة السلام (في جورجيا) الى اتخاذ قرارات حول مواصلة المفاوضات المتعلقة بمستقبل العلاقات بين الاتحاد وروسيا في مختلف الميادين».

وحاول الزعماء ايجاد صيغة لإرضاء كافة الاطراف، خاصة ان هناك دولا طالبت بلهجة اكثر صرامة مع موسكو لدرجة التهديد بتجميد التفاوض حول اتفاق شراكة بين الجانبين، ودول أخرى طالبت ببقاء الحوار مفتوحا. وعلى هامش أعمال القمة الأوروبية الطارئة في بروكسل، طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بألا يوقف الاتحاد الاوروبي حواره مع روسيا ردا على تدخل موسكو في جورجيا.. وقالت ميركل للصحافيين «الموقف الألماني هو ألا نوقف الحوار مع روسيا»، وطالبت بضرورة ان تكون هناك رسالة اوروبية واضحة تقول بأن اعتراف موسكو بالجمهوريات الانفصالية في جورجيا يتنافى تماماً مع القانون الدولي»، وأعربت المستشارة ميركل عن «عدم رضى وخيبة أمل عميقة لأن روسيا لم تنفذ بعد خطة السلام ذات النقاط الست حول جورجيا بالكامل رغم موافقتها على ذلك». وأضافت «علينا من هذه القمة أن نبعث برسالتين، الأولى تتضمن الإشارة الى حرصنا على دعم تبليسي وبأننا نريد إعادة إعمار جورجيا. اما الثانية فمؤداها أن علينا التعامل مع اعتراف يتنافى تماما مع القانون الدولي لكل من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية من جانب موسكو». وأردفت «آمل أن يظهر الاتحاد الاوروبي لحمة وتعاضدا، مما يعطي إشارة تنطوي على الذود عن سلامة أراضي جورجيا وعدم شرعية الاعتراف بالجمهوريات الانفصالية».

وعلى النقيض طالبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقف المحادثات حول ابرام اتفاق شراكة جديد مع روسيا احتجاجا على تدخل موسكو العسكري في جورجيا. وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون للصحافيين في لندن «في ضوء تحركات روسيا يتعين أن نوقف المفاوضات حول (اتفاق يأتي) خلفا لاتفاق الشراكة والتعاون». أما باريس فقد أعلنت من خلال رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا فيون، ان «الرئيس نيكولا ساركوزي مُستعد لزيارة موسكو والعاصمة الجورجية مرة أُخرى للمساعدة في تسوية الصراع. وقال فيون للإذاعة الفرنسية إن قضية احتمال فرض عقوبات ضد روسيا لم تكن مُدرجة على جدول الأعمال خلال القمة. وأضاف انه من بين المبادرات التي طرحها ساركوزي هو أنه «سيتوجه الى عاصمتي روسيا وجورجيا لدعم قضية السلام».

من جانبه قال وزير الخارجية الايطالي الاثنين انه لا ينبغي اعتبار روسيا التي تزود أوروبا بربع غازها ونفطها، «دولة معادية» بل «شريكا استراتيجيا» لا ينبغي قطع العلاقات معه. وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ جان ـ كلود يونكر ان «كلمة النظام في هذه القمة لا يجب ان تكون معاقبة روسيا بل مساعدة جورجيا واجراء حوار نقدي مع روسيا».

وقال الممثل الأعلى للسياسات الخارجية والأمنية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ان القمة الأوروبية الاستثنائية جاءت لتقيم العلاقات الأوروبية الروسية دون البحث بإمكانية فرض عقوبات على موسكو. وأضاف سولانا في تصريح عقب لقائه رئيس الوزراء الجورجي فلاديمير لادو جوجوندزي ان قضية فرض عقوبات على روسيا غير مطروحة على جدول الأعمال، وأشار الى ان القمة الاستثنائية بحثت العلاقة مع جورجيا وكيفية التعامل مع روسيا والتأثيرات الإقليمية. ودعا سولانا كافة الاطراف المعنية الى تطبيق خطة النقاط الست التي قدمها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نيابة عن الاتحاد الاوروبي.

وأوضح ان الاتحاد الاوروبي يرغب بإرسال بعثة الى جورجيا لمراقبة الأوضاع على الأرض، معلنا عن احتمال توجهه الى روسيا وجورجيا قريبا لبحث الأزمة الحالية. وكان سولانا قد صرح على هامش القمة، ان التكتل الاوروبي الموحد على استعداد لارسال بعثة أمنية تضم مائة من المراقبين الى جورجيا، منتصف الشهر القادم، تكون مهمتها الرئيسية مراقبة تتفيذ الاتفاق الذي جرى التوصل اليه بين الرئاسة الحالية للاتحاد الاوروبي وروسيا الشهر الماضي، وهو اتفاق السلام الذي يضم ست نقاط لوضع حد للصراع المسلح الذي نشب بين روسيا وجورجيا.

وقال سولانا، ان الاتحاد الاوروبي لديه الآن بعثة تضم أربعين فردا في جورجيا، ولكن مهمة العناصر الإضافية هى توفير ديناميكية افضل للبعثة التي ستتحول مع الوقت الى مراقبة الحدود في جورجيا، ولن تنتشر في أبخازيا أو أوسيتيا الجنوبية. من جهتها أكدت وزارة الخارجية الروسية أمس على وجوب عدم استخدام «لغة العقوبات» في العلاقات بين روسيا والاتحاد الاوروبي. وقال المتحدث باسم الخارجية الروسية أندري نسترنكو «لا اعتقد أن لغة العقوبات يتوجب استخدامها في علاقاتنا» مع الاتحاد الاوروبي. وأضاف في مؤتمر صحافي «نأمل إجراء تحليل متوازن ومنصف» في الاتحاد الاوروبي في ما يتعلق بالوضع في جورجيا. وأعلن نسترنكو تأييد روسيا لإرسال قوة شرطة دولية لتوفير الامن حول جمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الانفصاليتين في جورجيا.

ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس الى فرض حظر على شحنات الأسلحة الى جورجيا، قائلا انه إجراء ضروري لتجنب نشوب نزاع مسلح جديد في المنطقة.