القذافي يلغي الوزارات ويدعو الليبيين إلى تسلم أموال النفط مباشرة

قال إن ليبيا لا تطمح لصداقة أميركا ولا عداوتها

القذافي أثناء استقباله الرئيس البوليفي موراليس في بنغازي الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

أكد الزعيم الليبى معمر القذافي مجددا، عزمه إلغاء الحكومة التي يقودها الدكتور البغدادي المحمودي مطلع العام المقبل، وتسليم الشعب الليبي عائدات النفط مباشرة. لكن القذافي تجاهل الاشارة الى مصير نجله الثاني سيف الاسلام رئيس مؤسسة القذافي للتنمية الذي أعلن مؤخرا عزمه الانسحاب من الحياة السياسية والتفرغ للعمل الخيري والنشاطات الاقتصادية.

وكان يعتقد على نطاق واسع أن القذافي سيتعرض فى خطابه الى موقف نجله سيف الاسلام، خاصة بعدما أطلق مؤيدو القذافي الابن حملة سياسية واعلامية ضخمة لحشد الرأي العام المحلي لدعوة سيف الاسلام الى التراجع عن قراره ومطالبة القذافي الاب بالتدخل لاستمراره في مشاريعه السياسية والاقتصادية ذات الطابع الاصلاحي نسبيا.

واعتبر القذافي في الخطاب الذي ألقاه مساء أول من أمس أمام أنصاره ومؤيديه، في الاحتفال الذي أقيم في مدينة بنغازي بمناسبة مرور 39 عاما على توليه السلطة، أن الفساد مقرون بالادارة في أي مكان بالعالم والحل هو انهاء الادارة التي تتولى انفاق الاموال وتسلم الناس الاموال في أيديهم مباشرة وتدبير شؤونهم بها بأنفسهم.

وبعدما لفت الى أن الفساد وسرقة المال العام سيبقى اذا بقيت البيروقراطية، كشف القذافي النقاب عن قيام مسؤولي احد البنوك الحكومية بسرقة الملايين من الاموال العامة وشكاوى الليبيين من الفساد وسوء الادارة والمحسوبية. وقال القذافي انه يتعين على الليبيين ألا يخافوا من عواقب التغيير الذي قال انه سيشجعهم على انشاء قطاع خاص يجعلهم اكثر صحة وثراء وحرية.

وأضاف انه يتعين على الليبيين ان يقرروا بأنفسهم كيفية انفاق اموال النفط مثل تحسين التعليم لاولادهم والرعاية الصحية وزيادة حرية استيراد السلع لمواجهة الاحتكارات ومكافحة زيادة الاسعار.

ورغم ان القذافي كرر فى خطابه ما كان أعلنه في وقت سابق من العام الحالي بشأن ضرورة انهاء الدور المعلن والمعروف للحكومة وقصرها على خمس وزارات سيادية هي الامن والخارجية والدفاع والعدل بالاضافة الى وزارة للخدمات، فانه عاد الليلة قبل الماضية ليحذر من ان توزيع اموال النفط بشكل مباشر وانتهاء الادارة سيسبب فوضى في المرحلة الاولى. وأكد القذافي على وجوب أن يبدأ التطبيق مطلع العام القادم وأن يتم حسب المخطط له وأن يكون الليبيون مستعدين نفسياً لتسلم هذه الأموال.

وأعلن أنه بهذا تكون ليبيا قد دخلت في الجماهيرية وفي أن تكون الثروة والسلطة بيد الشعب فعلياً، مؤكداً أنه لاحقاً ستتشكل شركات مساهمة تبني الطرق والمنازل وتقيم الجسور والمطارات ليصبح هناك تراكم لرأس المال عند الأفراد بمرور الزمن يجعل الشعب قادراً على أن يؤسس لاحقا شركات ومؤسسات وأجهزة شعبية عديدة خاصة به وليست قطاعاً عاماً.

ودعا الليبيين إلى عدم التردد أو الخوف من تسلم أموالهم، وإلى أن يعدوا أنفسهم ويبدأوا في كل مكان من العائلة والشارع وبكل المؤسسات في مناقشة هذا الموضوع.

وتطرق القذافي الى معاهدة الصداقة والشراكة والتعاون التي تم توقيعها مؤخرا بين ليبيا وايطاليا، حيث كشف النقاب عن أن ليبيا قد هددت قبلها بالعودة بالعلاقات مع إيطاليا إلى نقطة الصفر ما لم يتم حل هذا الملف، مشيراً إلى أن الإعلان المشترك الإيطالي الليبي الذي صدر في 9 يوليو (تموز) 1998، في عهد حكومة رومانو برودي والذي يتضمن اعتذاراً واعترافاً بالتعويض، لم ينفذ بسبب تعرضه للمماطلة وعدم وجود جدية من الطرفين. وأوضح أنه مع مرور نحو عشر سنوات على عدم تنفيذ ذلك الإعلان، كان لا بد أن نعيد النظر في العلاقة مع إيطاليا بتخييرها بين أن يكون هناك التزام بالاعتراف بالتعويض والاعتذار وأن تصبح العلاقة جيدة بين البلدين، أو أن تنتهى هذه العلاقة.

وأكد أنه بعد أن تتم المصادقة على هذه المعاهدة من البرلمان الإيطالي ومن المؤتمرات الشعبية الليبية، ستدخل العلاقة بين البلدين فعلياً مرحلة جديدة من الصفاء والتعاون والصداقة ونسيان الماضي البغيض والأجيال الاستعمارية التي صنعته.

وأوضح أن ليبيا ستستفيد من ذلك اقتصادياً وتقنياً بنقل التقنية من إيطاليا؛ حيث من ضمن الفوائد التي نصت عليها المعاهدة تعليم الليبيين التقنية في إيطاليا وجلبها لليبيا، مشيراً إلى أن إيطاليا المستفيدة بالطبع من الغاز والنفط الليبيين ستبدأ شركاتها في العمل بليبيا وإقامة المشاريع وستكون لها الأولوية باعتبارها أصبحت دولة صديقة. وتطرق القذافي إلى علاقات بلاده مع واشنطن وباريس، حيث أكد على اغلاق كل الملفات العالقة نهائياً معهما، وقال إن المشاكل والقضايا والتعويضات مع أميركا قد انتهت بالاتفاق الذي تم التوقيع عليه مؤخراً في طرابلس، فيما وصف العلاقة مع فرنسا بأنها ممتازة وهي علاقة صداقة وتعاون. ووجه القذافي الشكر إلى دولتي قطر والامارات العربية المتحدة اللتين ساهمتا في إغلاق الملف مع أميركا نهائياً، وخص بالشكر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر وأبناء الشيخ زايد بن سلطان الذين يتولون شؤون الدولة في الامارات.

وقال القذافي ان «ملف الخلاف بين الولايات المتحدة الاميركية وليبيا اقفل نهائيا ونحن لا نطمع في صداقة اميركا ولا في عداوتها، فقط يتركوننا في حالنا والمهم ان العلاقات لن تكون فيها حروب ولا غارات ولا ارهاب». وجدد القذافي التأكيد على أن ليس من مصلحة بلاده أن تعادي دولة مثل أميركا، مشدداً على تمسكه بـ«موقفنا الثابت وبأننا لا نقبل أن نخضع أو ننصاع لها».