خبراء ماليون سعوديون يحذرون من الاستثمار في المؤسسات العالمية المتعثرة

برروا الأسباب حول ضبابية مستقبلها مع أزمة الأنظمة المالية الحالية

سيتي غروب من إحدى المؤسسات التي أغرت المستثمرين بالشراء أثناء تعثرها (أ.ب)
TT

مع انهيار كبرى المؤسسات المالية الاميركية، ومرورها بأزمة خانقة في ظل وقوف الأنظمة المالية عاجزة عن إصلاح ما يحدث لتلك المؤسسات، وتدخل الحكومة الاميركية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، برزت على السطح فرص استثمارية مغرية في تلك المؤسسات المنهارة التي لاقت بعض العروض من شركات استثمارية ومالية حول العالم. إلا أن خبراء ماليين في السعودية دعوا الصناديق الاستثمارية والمستثمرين في منطقة الخليج بالتريث وعدم التسرع بالاستثمار في أذرع تلك المؤسسات الاميركية المنهارة، وهو ما يشكل في الغالب بالعالم الاقتصادي فرصة مواتية لشراء تلك الشركات أو الأذرع التي تحتاج لسيولة مالية لإنقاذها، الحل الذي يمكن للمستثمرين في دول الخليج تحقيقه، مشيرين الى أن ضبابية الوضع وعدم وضوحه هما أحد الأسباب التي تدعو إلى الانتظار لمعرفة مصير تلك الفرص الاستثمارية التي قد تتسبب في خسارة المستثمرين.

وجاءت مطالبة الخبراء السعوديين بعد أن ذكر محللون أن رأس المال الخليجي والآسيوي وعبر الصناديق السيادية هو الحل الوحيد لإنقاذ الموسسات المالية المتعثرة والمهددة بالإفلاس، كما حدث قبل فترة من ضخ مبالغ من تلك الصناديق لاستثمارات في كل من سيتي غروب وميريل لينش اللتين واجهتا مشكلة الأزمة الائتمانية العقارية، تحققت بسببها خسائر لتلك المصارف العالمية الضخمة.

وذكر الدكتور إحسان أبو حليقة الخبير الاقتصادي أن الأمور ليست واضحة إلى أين تتجه تلك المؤسسات وأين سيكون وضعها، وهو ما قد يتسبب في وجود مخاطرة كبرى، لافتاً في ظل وضع غير واضح في مستقبل تلك المؤسسات في ظل الأنظمة المالية التي تسببت في إفلاس وتعثر عدد من المؤسسات.

وعن توجه الصناديق السيادية للاستثمار في مثل هذه الفرص، ذكر ابوحليقة، وهو أيضا عضو في مجلس الشورى السعودي، أن الصناديق السيادية تعمل وفق رؤية معينة عبر تنويع استثماراتها، موضحاً أنه لا يعتقد بوجود فرص في مرفقات الشركات الاميركية المنهارة، خاصة في ظل التبعات التي تحدث من جراء إفلاس بعضها وتعثر الأخرى.

وأشار إلى أن النظام المالي المثالي في العالم يمر بحالة كارثة، مشيراً الى أن إفلاس احد الأعمدة الأربعة العالمية المالية دليل على أن الوضع غير مطمئن للاستثمار في تلك الشركات، موضحاً أن بنك «ليمان براذرز» عرض نفسه على عدة مؤسسات لشرائه، الا أن تلك المؤسسات رفضت شراءه ما يؤكد انه غير مجد ومن ثم أعلن إفلاسه. ودعا ابوحليقة الصناديق السيادية أن تكون أكثر توحطاً فتتوجه للاعتماد على نشاطات حقيقة كالصناعة والخدمات والزراعة، مبيناً أن الفرصة مواتية للصناديق السيادية للاستثمار في أسواق أوروبا، والتي تعتبر من أفضل الأسواق في الوقت الحالي، بالإضافة إلى الأسواق المحلية في دول الخليج العربي التي تعتبر أسواقا واعدة، ولكنها بحاجة إلى روح، لإعطاء الثقة من خلال ضخ سيولة بشكل مدروس، لافتاً أنه لا بد أن تكون السياسة النقدية في دول الخليج أكثر مرونة. من جهته ذكر مطشر المرشد، عضو جمعية الاقتصاد السعودية، أن الوضع الاستثماري في المؤسسات الأميركية المنهارة غير مطمئن، ومن المخاطرة الدخول فيها في الوقت الحالي، مشيراً إلى وجود أسواق أفضل للاستثمار من الأسواق الاميركية التي تمر بأزمة في الوقت الحالي، كأسواق آسيا التي تعتبر أفضل بكثير، وأكد أن التوقيت مهم في عملية توجه الاستثمارات المختلفة. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودي إن توزيع المخاطر بما يتعلق بالصناديق السيادية أو صناديق الاستثمار أفضل بكثير من توجيهها نحو استثمار من الممكن أن يستمر أو لا يستمر كما هو الحال في وضع المؤسسات المالية الاميركية، مشيراً الى أن رأس المال الخليجي أصبح محور اهتمام تلك المؤسسات، كما حدث لأكبر مجموعة مالية «سيتي غروب» وسعت إلى جذب استثمارات لها في ظل الازمة التي كانت تعاني منها المجموعة قبل فترة، ما دعا عددا من الصناديق السيادية الن تضخ مبالغ لمساعدة المجموعة التي كانت تعصف بها عمليات شطب واسعة ترتبط بأزمة الرهون العقارية عالية المخاطر بالولايات المتحدة وما زال الوضع مستمراً.

ودعا المرشد إلى إعادة النظر في الأنظمة المالية في منطقة الخليج، وعدم التوجه وتطبيق أنظمة مستنسخة من دول أخرى، حيث أنه يجب رسم أنظمة مالية تتناسب مع احتياجيات البلاد، وعدم استخدام أنظمة أخرى قد لا تكون متواكبة مع البيئة المالية أو الاستثمارية في البلاد، ما يستدعي التخطيط وتطبيق أفضل المعايير التي تتناسب مع طبيعة العمل المالي في البلاد.

يذكر أن المؤسسات المالية الاميركية، التي كانت ملاذا للاستثمارات العالمية، تشهد حالياً أزمة تعثر تسببت بها أزمة الرهونات العقارية في الولايات المتحدة، ما تسبب في إعلان إفلاس «ليمان براذرز» احد اكبر البنوك العالمية، بالإضافة إلى قرب إفلاس عدد من المؤسسات الكبرى لولا تدخل الحكومة الاميركية التي أنقذت مجموعة «اميركان انترناشونال غروب» التي كانت مهددة بالانهيار، وبالتالي قد تسبب في أزمة مالية عالمية، وركود اقتصادي عام.