لبنان: ملامح تبدّلات في المواقف مع اقتراب انتخابات الـ2009

نائب من «حزب الله»: التعايش مع سلاحنا استراتيجي .. ومسؤول من «14 آذار»: جنبلاط لا يزال في موقعه السياسي

TT

أثارت المواقف الأخيرة لرئيس «اللقاء الديمقراطي» والحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط سلسلة من التحليلات ومقدارا من الاستغراب. وغالبا ما تحظى مواقفه باهتمام خاص لأنه ليس لاعبا عاديا، لا بل ان البعض ينظر إليها على أنها مؤشرات إلى مسار الوضع في لبنان. انطلاقا من هنا، تحدثت «الشرق الأوسط» إلى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن حب الله والمسؤول الاعلامي في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس ومنسّق الأمانة العامّة لـ»قوى 14 آذار» النائب السابق فارس سعيد.

بداية، نفى الريّس لـ«الشرق الأوسط» ان يكون الاجتماع الاخير مع «حزب الله» مبيتاً لأي نيّة لفك ارتباط جنبلاط عن «14 آذار». وقال: «لا صحة لهذا التحليل لاننا داخل الاجتماع وخارجه، اكّدنا لحزب الله ان اللقاء يتم من موقع الاختلاف السياسي وانه ليس المطلوب من اي طرف الانتقال من موقع الى آخر. كما اننا عقدنا الاجتماع بعد جولة اتصالات واسعة مع كل حلفائنا في 14 آذار لتأكيد هذه المسلّمة. وداخل الاجتماع، صبّ النقاش في هذا الاتجاه وتحديدا ان الاختلاف السياسي حق مشروع ومهما تعقّد الخلاف فلا يجوز الاحتكام الا الى الوسائل السلمية والديمقراطية. اما على المستوى الميداني، فتم الاتفاق على مسألتين. اولا، السعي المشترك لاعادة التواصل الاقتصادي والاجتماعي تحديدا في المناطق التي فيها تداخل سكاني مثل قرى كيفون وبيصور والقماطية وعاليه، بالإضافة الى الشويفات والضاحية الجنوبية. ثانيا، السعي المشترك لتطويق اي توترات قد تحصل في هذه المناطق». وأكّد: «ليست هناك اي اعادة تموضع للحزب الاشتراكي الثابت ضمن 14 آذار، إنما يصبّ ضمن اجواء المصالحات التي تحصل في البلاد وطبعا بعد اغتيال الشيخ صالح العريضي».

وقد أكد فارس سعيد هذه النقطة، قائلا: «بداية في الشكل، ابلغ الحزب التقدمي الاشتراكي الامانة العامة لـ14 آذار مسبقا بأنه سيتم لقاء مع حزب الله. كما ان هذا للقاء لا يشكّل اي اعادة تموضع أو فك ارتباط للنائب وليد جنبلاط عن 14 آذار» معتبرا ان «من الطبيعي ان يقوم الاشتراكي بإنشاء شبكة أمان مع الطرف الذي اصطدم معه في 7 ايار. ومن الطبيعي ان يستجيب حزب الله». وشدد الريّس على ان «لا علاقة لهذه الحركة السياسية، لا من قريب ولا من بعيد، بالانتخابات النيابية المقبلة. نحن نستشعر أخطارا كبرى تتربّص بلبنان من خلال حوادث أمنية متنقلة. وهذا ما يستدعي اعادة قراءة دقيقة للواقع السياسي واعادة صوغ الخطاب، من دون ان يعني ذلك تبديل المواقف والثوابت. اما مسألة الانتخابات فلم تكن موضع نقاش في هذا الاجتماع. وهي لا تزال بعيدة أساسا». وأفاد، ردا على سؤال حول توقيت هذا اللقاء: «في الشكل، كان الوزير طلال ارسلان هو من اقترح عقده. ومن جهة ثانية، اغتيال الشيخ صالح العريضي هو الاغتيال الاول بعد اتفاق الدوحة الذي اجمعت عليه الاطراف السياسية كافة. ورغم ان هذا الاتفاق نجح في اعادة الاعتبار الى المؤسسات السياسية، فإن عودة الاغتيالات عكست حالة الانكشاف الامني والسياسي الواسعة التي يمرّ بها لبنان والتي تستدعي، لمواجهتها، التعالي عن الخلافات وتحصين الساحة الداخلية من خلال الحوار».

من جهته، قال حب الله: «حين اتفق اللبنانيون برعاية اقليمية في الدوحة، حصل الاتفاق. اذن مرحلة ما بعد الدوحة تختلف عما قبلها». وأكد انه «ليس في ذهننا القيام بهذا التقارب (مع الاشتراكي) لاستحضار معركة انتخابية... نحن لدينا حلفاؤنا الذين لم نتخلَّ عنهم لان التزامنا اخلاقي». وبالنسبة الى امكان تأثير ملف المهجرين الذي يشكّل مسألة حساسة بين «التيار الوطني الحر» و«التقدمي الاشتراكي»، قال الريّس: «هذا الملف موضوع وطني عام، يجب الا يحتكره احد او يعمد احد الى استغلاله لاستفزاز العصبيات الطائفية. ثانيا، تحققت خطوات كبيرة في هذا الملف. ومن المفيد ان تكون هذه المرحلة مرحلة تهدئة». وعن هذه النقطة رد حب الله، قائلا: «ليس هناك أي تأثير سلبي من جانب حلفائنا في التيار الوطني الحر على الاطلاق. وهذا الحوار مع التقدمي الاشتراكي ليس سريا ويرمي الى تمتين السلم الاهلي، كما انه لا يستفزّ التيار الوطني الذي يؤيّد أي انفتاح من فريق لبناني على آخر ويرحب به». وعن سبب التبدّل في السياسة التصادمية لـ«التقدمي الاشتراكي» حيال «حزب الله»، قال الريّس: «يجب لفت حزب الله الى ان هناك اجماعا وطنيا على ان اسرائيل عدوّ. فلا احد يطالب باقامة علاقات معها. اذن لا خلاف على هذا المبدأ، انما على طريقة استعمال السلاح في الداخل وعلاقة المقاومة بالدولة واعترافها بمرجعية الدولة. هذه هي النقاط الخلافية». وأضاف: «حزب الله مدعوّ لتكوين اقتناع تدريجي بأن توسيع قاعدة الاحتضان الوطني لوظيفة الدفاع عن لبنان يعزّز قدرات لبنان على مواجهة اسرائيل. وهذا ما اشار اليه (الامين العام لحزب الله) السيد حسن نصر الله قبل يومين في خطابه. فيما احتكار هذه الوظيفة لا يؤدي هذا الغرض». وعما اذا كان «فتح قنوات الاتصال» مع «حزب الله» يمهّد ضمنا للتعايش مع سلاحه، قال الريّس: «هذا موضوع يترك للحوار الذي يفترض ان يعالج هذه المشكلة عبر نقاش وطني هادئ ومعمّق يرتكز على ثلاثة عناصر. اولا، الوصول الى مرحلة حصرية السلاح بيد الدولة واحتكارها قرار السلم والحرب. ثانيا، الاستفادة من قدرات المقاومة القتالية. ثالثا، اعادة الاعتبار لاتفاق الهدنة الموقع في العام 1949 مع إسرائيل الذي جمّد الحرب من دون ان يعني السلام». من جهته، ردّ حب الله بالتأكيد ان «التعايش مع سلاح المقاومة لن يكون مرحليا انما هو استراتيجي، لانه يشكّل عامل قوّة للبنان. وأي تفريط به سيكون لمصلحة العدوّ وشكلا من اشكال الخيانة».