العراقيون يستغنون عن حلويات رمضان الغالية ويستعينون بالتمور للتحلية

أسعار الحلويات تحددها سخونة المنطقة

فلاح يتسلق نخلة لقطف ثمارها (رويترز)
TT

الاستغناء عن وجبة الحلويات في رمضان أمر صعب جدا على اغلب الشعوب العربية والإسلامية ومنها العراق، الذي ما زال يبحث عن تحقق الاستقرار بشكل تام، وهنا نجد أن الحلويات في اغلب الدول سلعة رئيسية لا تخلو الأسواق منها طيلة أيام السنة، وهناك متخصصون بصناعتها وزبائن يرتادون أسواق ومحال الحلويات بانتظام، بعكس العراق الذي أثرت عليه كثرة الحروب وسنوات الحصار الاقتصادي ومشاكل اقتصادية تراكمت على البلد منذ عقود، انعكست بشكل أو بآخر على قيمة الدينار والقوة الشرائية للفرد، فكانت محال الحلويات في بغداد والموصل وبقية المدن أكثر من المطاعم نفسها. أما الآن فعدد محال الحلويات الثابتة في بغداد لا تتعدى 1% مقارنة بأعدادها سابقا، واقتصر التعامل بالحلويات على شهر رمضان فتجد أسطوات صنع الحلويات وقد انتشروا في كل مكان بمحال أو عربات صغيرة ومعهم أدواتهم ويبدأون بصنع انواع عديدة وبيعها ساخنة للمستهلكين، لكن أسعارها في هذا البلد لا تحدد وفق التكاليف أو سوق العرض والطلب، بل بسخونة المنطقة، فكلما كانت هادئة ومستقرة انخفض سعر الكيلوغرام من الحلويات، وهذا شيء غريب جدا لا نجد له سوى تفسير واحد وهو استغلال البعض للآخرين. (البقلاوة، الزلابية، البرمة، الهريسة، زنود الست، السكرية، الرملية، المحلبي، كنافة، الداطلي) وغيرها الكثير من الحلويات تعرض على المستهلك العراقي خلال شهر رمضان، لكن الأكثر شهرة بينها هي الزلابية والبقلاوة، كونهما مكملتين لإفطار الصائم أو سهرته الرمضانية وارتباطهما بعادات قديمة منها لعبة المحيبس والماجينة والفنجان، بحسب كلام الاسطة نبيل حسين، الذي أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن أسعار الحلويات تشهد كل عام ومنذ عام 2003 وحتى الآن تغيرات من حيث تنوعها وكذلك ارتفاع أسعارها، فكان سعرها في عام 2003 اقل من 1000 دينار لكل كيلوغرام واحد، والآن أسعارها تتراوح أولا بحسب طريقة صنعها وجودتها وتكاليفها واسم صانعها، فكيلوغرام البقلاوة من صنع الشكرجي مثلا يصل سعره لأكثر من 30 ألف دينار، فيما تباع في داخل الازقة حلويات بسعر 3000 دينار.

وأضاف أن السبب في هذا التباين بالأسعار يعود إلى غلاء أسعار المواد الغذائية كثيرا في العراق والتضخم، والغلاء عالمي ولا يقتصر على العراق، لكننا نتأثر به بسرعة، فلا يوجد لدينا استقرار في أسعار الصرف، وقوة كافية للدينار، فنجد التقلبات سريعة جدا، كما أن هناك مواد محلية لكنها ارتفعت أيضا مثل السمن البلدي أي السمن المستخرج من المواشي فسعره الآن يزيد على 10 دولارات للكيلوغرام الواحد من النوع الجيد، وكذلك الدقيق المحسن، ناهيك من تكاليف الإنتاج من أجور عمال عالية وغاز ارتفع سعره في رمضان والمواد الأخرى والنقل، كلها ساهمت في زيادة أسعار الحلويات، لكن بشكل عام صحيح أنها أصبحت مادة لا يمكن تأمينها من قبل العائلة كل يوم من أيام رمضان، كما كان في السابق، لكن نقول تستطيع تأمينها مرة أسبوعيا.

المواطنة أم طيبة من سكان مدينة المقدادية التابعة لمحافظة ديالى، أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن سعر الكيلوغرام من الحلويات ارتفع هذا العام في المدينة إلى 12 ألف دينار وكان سعره العام الماضي 2000 دينار فقط، والسبب في ذلك معروف وهو الحالة الأمنية واستغلال البعض للمواطنين، فلماذا يباع صنف أفضل منه في العاصمة بأربعة آلاف وهنا نوع رديء لكن بثلاثة أضعاف؟

وأضافت أم شهد، أن قدرة العائلة على تأمين سلع غير رئيسية، أي ليست ضمن مائدة الإفطار الرئيسية، رغم أن البعض يعتبر الحلويات مادة رئيسية لكننا تخلينا عن هذا التصنيف منذ عقد التسعينات، بسبب تراجع قدرة العائلة على شرائها بشكل يومي، رغم الزيادات الكبيرة في معدلات دخول المواطنين، لكن نسبة كبيرة من الرواتب تخصص لتأمين الطاقة الكهربائية والوقود وأمور رئيسية كالنقل والتعليم، وهنا تصبح هذه السلع رفاهية، وبدأ الناس غير القادرين على شرائها بالاستغناء عنها ضمن مائدة رمضان والاستعاضة بالتمور التي صادف نزولها للسوق مع بداية رمضان، والعراق يمتاز بتنوع كبير في تموره، ونحن ربات بيوت نحاول أن ننوع الأصناف التي تدخل في صناعتها التمور فمرة نستخدم الجوز ونحشوها وأخرى بمكسرات منوعة، أو السمسم أو العصير المستخلص منه وهكذا، مشيرة إلى أن الفضائيات العربية أنقذتنا من حيث تأمين الحلويات فنجد اغلب الدول تبث عبر قنواتها طريقة صنع حلويات هذا البلد أو طرق أوروبية ونحن نطبق طريقة صنعها وبشكل ساعدنا في إيجاد بديل عن الحلويات المحلية الغالية الثمن.