الهندوس يشاركون المسلمين في الصيام خلال شهر رمضان بالهند

يعود هذا التقليد إلى أجدادهم الأوائل

TT

يقول المحامي إم كا هالفاسيا، إنه لا يعرف ما إذا كان هو هندوسيا أم مسلما. وقابل المحامي رجل الدين قادري بادشاه في بغداد قبل 15 عاما. ويشير هالفاسيا، وهو هندوسي، إلى أنه حتى لقاءه مع بادشاه، الذي حدث بالصدفة، كان يعتقد أن المسلمين أكثر المخلوقات دناءة. ويسترجع المقابلة قائلا: «كانت معجزة»، فخلالها علمه رجل الدين أن جوهر الهندوسية والإسلام واحد، هناك إله واحد يكمن فينا جميعا وكي ندرك ماهيتنا فعلينا أن ننسى ذواتنا.

وقد أصبح صيام شهر رمضان جزءا من المعتقد الجديد الذي يحمله هالفاسيا في نفسه. على نفس المنوال، يترك المهندس ليلا كران خوت وابنه براتيك في كل عام خلال شهر رمضان، الأعمال الروتينية الدنيوية، ويسمو الاثنان فوق الحواجز الطائفية والعقائدية ويذهبان إلى ضريح الحاج علي في مومباي وقت الإفطار. يعتقد الأب وابنه في العلمانية وعدم التحيز، ولذا يجلسان على الحصير مع الكثير من إخوانهم من المسلمين ليتناولوا وجبة الإفطار. يقول الأب إنه يأتي إلى الضريح في ليالي شهر رمضان منذ عدة أعوام من دون انقطاع. ويضيف: «يعود هذا التقليد إلى أجدادنا الأوائل، عندما كانت الهند وباكستان كيانا واحدا ولم تكن هناك حواجز بين القلوب».

يقف إلى جواره في الضريح ابنه براتيك، وهو طالب في كلية الهندسة. ويقول الابن: «بالنسبة لنا، من الطبيعي جدا الذهاب إلى المسجد في وقت الإفطار. فبغض النظر عن أي شيء نحن خلق لرب واحد».

تلك النغمة التي يرددها الأب والابن ليست هي الوحيدة التي ترقى فوق حواجز المعتقدات الدينية التي صنعها البشر، حيث يضرب الكثير من الهندوس في الهند، التي يوجد بها ما يزيد عن 170 مليون مسلم، وهي ثاني أكبر دولة بها مسلمون بعد إندونيسيا، مثالا للتسامح الديني في الاعتقاد برب واحد، ويصومون مع المسلمين خلال شهر رمضان المعظم. كما أن تقليدا شائعا في الهند أن يقوم الهندوس بزيارة أضرحة المسلمين خاصة أيام الخميس. ويشعر الجميع في الهند بنسائم شهر رمضان الذي وافقت بدايته في الهند العام الحالي الثاني من سبتمبر (أيلول) الحالي. بدأت سافيتري خير، وهي امرأة تبلغ من العمر 50 عاما وتعيش في مومباي، الصيام خلال شهر رمضان منذ عامين. في البداية، كانت تصوم لأيام قليلة، ولكنها تنوي صيام رمضان الحالي كاملا. وكما يفعل باقي المسلمين في المنطقة التي تعيش فيها، تفطر سافيتري على تمرة أو بعض الملح، وتذكر اسم الله قبل أن تبدأ صيامها وقبل أن تفطر. البداية كانت بدعوة، دعت سافيتري الله (وسألته أن يمكنها من تجديد منزلها) ثم سألته أن يشفي زوجة جارها التي تعاني من مرض شديد، ونذرت أن تذهب حافية القدمين إلى ضريح الحاج علي إذا من تحققت الأمنيتان. حدث ما أرادت، ولذا قررت أن تصوم كل عام. تقول سافيتري: «سوف يعطي الله ما أسأله، أنا أشعر بذلك».

وجد أشيش بارمار، وهو مصرفي يبلغ من العمر 27 عاما، أنه عندما يكون في العمل من السهل أن ينسى الأكل. يتناول زملاؤه الطعام في الكانتين بدلا من داخل مكاتبهم. ويصوم بارمار في أيام معينة خلال الشهر، ويفطر في منزل أحد أصدقائه من المسلمين، كما أنه يدعو بالأدعية العربية التي علمه إياها زميله المسلم، عندما يبدأ الصيام وعندما يتناول الإفطار. ليست الأدعية هي السبب الذي يدفع أشيش للصوم، فقد كانت عائلة أمه هي التي قامت ببناء ضريح الحاج بير الشهير في باكروس بالقرب من أحمد أباد في ولاية جرات غرب الهند، وكان يصوم أحد أفراد العائلة يوما على الأقل خلال رمضان. وعندما بلغ أشيش من العمر 19 عاما، قرر هو القيام بذلك. لا يحب مادهافداس سينجهانيا التحدث عن تلك الأمور، حيث يصوم رجل الأعمال الذي يبلغ من العمر 74 عاما منذ أربعين عاما، وبما أنه شهر العطاء، تقيم عائلة مادهافداس موائد إفطار خاصة للفقراء والمحتاجين. ويقول رجل الأعمال: «هذا ما اعتقده، وما تعلمته من معلمي الديني»، في إشارة على الأدعية التي تعملها من مرشده الروحي، الذي أنقذ زوجته بعد أن يئس الأطباء من شفائها قبل 16 عاما.