تضارب حول إفطار رمضاني لرئيس باكستان كان مقررا في فندق ماريوت يوم التفجير

إسلام آباد تطارد خلية لـ«القاعدة» وقوات باكستانية تهاجم مروحيتين أميركيتين

آثار الدمار على فندق الماريوت بإسلام آباد في لقطة من الجو أمس (أ.ف.ب)
TT

اعلن مستشار الحكومة الباكستانية للشؤون الداخلية امس انه كان من المقرر ان يتناول الرئيس علي زرداري ورئيس وزرائه يوسف رضا جيلاني والجنرال اشفاق كياني افطار رمضان في فندق ماريوت مساء السبت ليلة استهدافه بالعملية الانتحارية غير انهما بدلا رأيهما. وفجر انتحاري شاحنته المفخخة بـ600 كلغ من المتفجرات السبت خلال الافطار عند السياج الامني للفندق الفخم في قلب العاصمة ما ادى الى تدميره وسقوط ما لا يقل عن ستين قتيلا. ويقع الفندق على مقربة من البرلمان حيث القى الرئيس الجديد بعد ظهر اليوم نفسه اول خطاب له امام النواب. وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الداخلية رحمن مالك للصحافيين «كان من المقرر ان يقيم رئيس الجمعية الوطنية حفل عشاء في ماريوت لجميع اعضاء الحكومة ورئيس الدولة ورئيس الوزراء وقادة الجيش». وتابع ان «الرئيس ورئيس الوزراء بدلا رأيهما واقيم العشاء في مقر رئيس الوزراء». وقال بعد ثلاثة ايام على المأساة «لقد نجا جميع القادة من الاعتداء». وأضاف الوزير أمام المراسلين أن خطط الإفطار تغيّرت في الدقائق الأخيرة. وكانت رئيسة البرلمان الدكتورة فاهميدا ميرزا تعتزم إقامة الإفطار على شرف الرئيس زرداري والوزراء وضيوفهم من السلك الدبلوماسي. غير أن زرداري طلب في الدقائق الأخيرة نقل الإفطار إلى مقر رئاسة الحكومة الباكستانية عقب تلقي الحكومة معلومات عن نوايا ارهابية ضد الفندق، وفق ما أعلنه مالك. وكان وزير الداخلية الباكستاني قد أكد في وقتٍ سابقٍ أن أكثر من 600 كيلوغراماً من المتفجرات كانت محمّلة على الشاحنة التي فُجرت عند المدخل المؤدي إلى فندق «ماريوت» في العاصمة إسلام أباد مساء السبت.

إلا إدارة فندق الماريوت نفت أمس الأنباء التي أشارت الى إلغاء عشاء، كان من المقرر أن يشارك فيه رئيس باكستان وأعضاء الحكومة، في آخر لحظة قبل حصول التفجير مساء السبت، كما كان أعلن في وقت سابق مسؤول في وزارة الداخلية. إلا ان المتحدث باسم إدارة الفندق، جميل خوار، أعلن لوكالة الصحافة الفرنسية انه «لم يكن هناك أي حجز من قبل الحكومة»، موضحا انه يتحدث باسم صاحب الماريوت، صدر الدين حشواني.

وقال المسؤول الباكستاني إنه واستناداً إلى كمية ونوعية المتفجرات لتي استخدمت فإن الهجوم يعتبر «الأكبر من حيث الحجم» في باكستان منذ سبعة أعوامٍ. من جهة اخرى يطارد المحققون خلية لناشطين اسلاميين ينتمون الى تنظيم القاعدة في اسلام اباد يشتبه بانهم دبروا الهجوم الانتحاري الذي ادى الى تدمير فندق ماريوت الكبير في قلب العاصمة الباكستانية ومقتل ستين شخصا على الاقل. وكان انتحاري فجر مساء السبت شاحنة كبيرة امام الحاجز الامني لهذا المبنى الفخم الذي اصبح ركاما متفحما بفعل الانفجار. ويعتقد رجال الشرطة ان الارهابيين جمعوا قنبلتهم القوية التي تحتوي على ستمائة كلغ من المتفجرات في مخبأ في العاصمة لان الشرطة والجيش يقومان بتفتيش جميع الشاحنات عند مداخل اسلام اباد وعند مراكز التفتيش التي اقيمت منذ بدء موجة الهجمات الانتحارية التي اسفرت عن سقوط نحو 1300 قتيل في كل ارجاء البلاد. وتنسب هذه الهجمات الى حركة طالبان الباكستانية القريبة من شبكة اسامة بن لادن. وقال مسؤول كبير في اجهزة الامن يشارك في التحقيق «نركز جهودنا في الوقت الحاضر على البحث عن شبكة اسلام اباد التي سهلت جمع القنبلة ونقلها». ورجح هذا المسؤول ان تكون المتفجرات نقلت بكميات صغيرة من المناطق القبلية بشمال غربي باكستان الحدودية مع أفغانستان والتي تعتبر معقلا للطالبان الباكستانيين القريبين من القاعدة. وكان مستشار وزير الداخلية رحمن مالك اكد الاحد ان مادتي التي ان تي وار دي اكس وهما من المتفجرات العالية الجودة والشديدة القوة وكذلك نوع القنبلة هما من النوع نفسه الذي استخدم في هجمات سابقة منها الاعتداء على سفارة الدنمارك في اسلام اباد. وتبنى تنظيم القاعدة هذا الهجوم بينما تبنى مقاتلو طالبان الباكستانيون المرتبطوة بالقاعدة هجوما اخر في لاهور (شرق). واضاف ان العناصر الاولية للتحقيق تشير «الى المناطق القبلية».

الى ذلك قلل ضابط كبير في العاصمة إسلام آباد في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من أهمية جماعة إسلامية مغمورة أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على فندق ماريوت بإسلام آباد الذي أوقع 53 قتيلا. وقال انه يسمع للمرة الأولى باسم منظمة «فدائيو الاسلام»، وأضاف أنها «ربما تكون لإبعاد الأنظار عن الفعلة الحقيقيين». وقال «سننظر في الأمر بجدية، ولكن لن يغير هذا من اتجاه التحقيقات». وكان تلفزيون «العربية» قد أفاد أمس بأن جماعة تطلق على نفسها اسم «فدائيو الإسلام» أعلنت مسؤوليتها وطالبت بوقف تعاون باكستان مع الولايات المتحدة. وأفاد التلفزيون ان الجماعة أدارت تسجيلا أسمعته للمراسل قال فيه متحدث باسم الجماعة انه كان هناك 250 من رجال مشاة البحرية الأميركية ومسؤولي حلف الأطلسي في الفندق ساعة الهجوم. وفيما قال مسؤولون أمس إن تفجير الماريوت يحمل بصمات «القاعدة»، فإن «حركة الجهاد الإسلامي» التي نفذت عمليات انتحارية سابقة في لاهور وكراتشي وروالبندي ربما كانت وراء تفجير الفندق.

على صعيد آخر قال مسؤول أمني كبير امس ان القوات الباكستانية أطلقت النار على طائرتي هليكوبتر أميركيتين دخلتا الاجواء الباكستانية الليلة الماضية وأرغمتهما على العودة الى أفغانستان. وهذا ثاني حادث من نوعه خلال اسبوع ويعكس العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة بسبب فشل باكستان في التحرك بقوة ضد مقاتلين اسلاميين في المناطق الحدودية القبلية المتاخمة لافغانستان. وتصاعدت الهجمات الصاروخية التي تطلق من طائرات بلا طيارين على المناطق القبلية النائية خلال الاسابيع القليلة الماضية. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع ان طائرتي الهليكوبتر اخترقتا الاجواء الباكستانية في منطقة لوارا ماندي على بعد 40 كيلومترا الى الغرب من ميران شاه البلدة الرئيسية في منطقة وزيرستان الشمالية القبلية نحو الساعة التاسعة مساء اول من امس. وقال الميجر مراد خان المتحدث العسكري: «لا علم لنا بانتهاك طائرات هليكوبتر اميركية الحدود». وقال سكان ان طائرات بلا طيارين كانت تحلق خلال الليل وصباح امس فوق ميران شاه لكنها لم تهاجم.

وقال ضياء الرحمن وهو من سكان القرى القريبة من ميران شاه «انه شيء مخيف حقا. لا نستطيع النوم حين نسمعها تحلق فوقنا». وتوترت العلاقات بين الدولتين الحليفتين في الحرب على الارهاب بعد ان اغارت قوات كوماندوس اميركية على قرية في منطقة وزيرستان الجنوبية وقتلت 20 شخصا من بينهم نساء واطفال في الثالث من سبتمبر. وغضبت باكستان من الغارة وقدمت الحكومة المدنية التي تشكلت قبل ستة اشهر احتجاجا دبلوماسيا. وكان هذا الهجوم الذي قامت به قوات كوماندوس امريكية محمولة جوا أول عملية برية اميركية داخل اراضي باكستان وان كان الجيش الاميركي قد قام من قبل بهجمات صاروخية على اهداف القاعدة وطالبان في المناطق القبلية الباكستانية. ومن المقرر أن يجتمع الرئيس الباكستاني الجديد اصف علي رضا زرداري مع الرئيس الاميركي جورج بوش اليوم في الولايات المتحدة كما يحضر الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك. ويعتبر الدعم الباكستاني ضروريا لنجاح القوات الغربية في اعادة الاستقرار لافغانستان وفي الحرب ضد القاعدة.

من ناحية أخرى أعلن الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي ببروكسل أمس، عن تصميم المجموعة الأوروبية الموحدة، على دعم باكستان في الحرب على الارهاب، ومن خلال بيان صدر باسم المفوضة الأوروبية المكلفة الشؤون الخارجية بينتيا فالدنر، أدانت المفوضية الأوروبية هذا الهجوم الذي وقع في اسلام اباد، ووصفته ـ «البربري»، والذي أودى بحياة الكثير من الأبرياء، معربة عن أملها أن يتم الكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة بأقرب وقت ممكن. وأشارت المفوضة إلى أن هذا الهجوم، يدل مرة أخرى على ضرورة أن تستمر باكستان في الحرب على الإرهاب، والسير قدماً في طريق الديمقراطية، وقالت «نحن نقف إلى جانب الحكومة الباكستانية، المنتخبة ديمقراطياً. كما وجهت المسؤولة الاوروبية من خلال البيان، رسالة تعزية إلى الحكومة الباكستانية عقب الهجوم الذي استهدف فندق ماريوت في ا العاصمة الباكستانية مساء السبت الماضي».