تهافت الشركات والأفراد على تبادل دعوات الإفطار يكسر صورة «مائدة العائلة» في رمضان

أحيت ذكرى عادات قديمة لدى عامة الناس مع اختلاف مضامينها

التوجه الكبير للعديد من الشركات التجارية لإقامة ولائم إفطار لمنسوبيها وعملائها باتت السمة البارزة منذ بداية الشهر الفضيل («الشرق الأوسط»)
TT

شهدت الأجواء الرمضانية في السعودية هذا العام نمطاً جديداً يختلف عن ما كان سائداً خلال السنوات القليلة الماضية، وإن كان هذا النمط يشابه العادات الرمضانية القديمة، التي كانت تحتضنها أواسط السعوديين في تبادل دعوات الإفطار بين الأقارب والأصدقاء، إلا أن تفاصيل كثيرة اختلفت، وغيرت معها بعض ملامح خصوصية الشهر الكريم التي من أهمها اجتماع العائلة الواحدة على مائدة الإفطار.

وباتت السمة البارزة منذ بداية الشهر القدسي، هي تلقي أفراد المجتمع الكثير من دعوات الإفطار التي تتنوع مصادرها من أصدقاء وأقارب وزملاء عمل، بالإضافة إلى التوجه الكبير للعديد من الشركات التجارية لإقامة ولائم إفطار لمنسوبيها، وعملائها، في العديد من الفنادق والمطاعم الراقية في البلاد. فبعدما كان يفضل السعوديون الركون إلى المنزل وتناول وجبة الإفطار مع عائلاتهم، التي تبتدع أشهى وألذ المأكولات الرمضانية، أصبح البعض منهم يراجع أجندته قبل أن يقبل أي دعوة موجهة له، تحسباً لأي ارتباط مسبق، في حين أضحت الخيمات الرمضانية التي تقيمها الفنادق والمطاعم الكبرى تجذب الناس بشكل لافت، نظراً لما تتميز به من الخروج عن الروتين العادي وتناول وجبات الإفطار في أجواء توحي بروحانية شهر الصيام، إضافة لما توفره من جو اجتماعي وعائلي يتناسب مع العادات والتقاليد السعودية.

ويذكر نايف الجفين، وهو موظف اتصالات، في العاصمة السعودية الرياض أنه لم يستطع تناول وجبة الإفطار في منزله سوى 3 مرات منذ غرة الشهر الكريم، حيث أوضح لـ «الشرق الأوسط» أنه لا يكاد يمر يوم إلا ويتلقى دعوة للإفطار من أصدقاء وزملاء وأقارب له، مشيراً إلى أن أماكن أخرى كثر غير المنازل باتت توفر للأفراد والعوائل على حد سواء، جملة من الخدمات المتميزة والأجواء الهادئة، مثل الفنادق والمتنزهات والاستراحات. وأرجع الجفين، السبب في ذلك إلى تغير الجو المناخي عن السنوات الماضية الأخيرة، حيث إن الأجواء الصيفية المعتدلة شجعت على المشاركة الاجتماعية، وسهلت تبادل الزيارات، إضافة إلى تزامن شهر رمضان هذا العام مع الإجازة الصيفية، الأمر الذي لعب دورا أساسيا في إضفاء الرغبة في استثمار الوقت مشاطرةً مع الأهل والأصحاب، والمشاركة في قضاء اللحظات الروحانية عند الإفطار، التي لا تتسنى إلا شهراً واحداً في السنة.

ويذهب وليد الحداد الذي يعمل في شركة تختص بمجال التقنية، إلى أن شركته دأبت على إقامة ولائم إفطار منذ أكثر من 3 سنوات، تقوم فيها الشركة باختيار أحد الفنادق المعروفة، وتخصيص يومين، يكون الأول بمثابة حفل خاص لمنسوبي الشركة، بينما تخصص اليوم الآخر لدعوة عملائها المميزين، وبعض المسؤولين بشركات أخرى، لافتاً إلى أن هنالك العديد من الشركات التي تنتهج هذا المسلك في الشهر الفضيل.

وأبان الحداد أن نكهة اللقاء المفعمة بالأجواء الروحانية، على مائدة الإفطار، تفرض نفسها في قبول دعوات الأصدقاء، بعيداً عن طبيعة المكان ونوعية المأكولات التي تزخر بالمنافسة، والتسابق في تقديم الأفضل خلال الوقت الراهن بين عارضيها، مشيراً الى أنه وضع برنامجا خاصا، يضمن له التواصل مع الأقارب والأصدقاء. إلى ذلك كشف عمر أبو زيد مدير قاعات الحفلات والمؤتمرات بفندق «الفورسيزونز» بالرياض، أن معدل الإقبال على الخيمة الرمضانية التي يقيمها الفندق سنوياً بمناسبة الشهر الفضيل، على مساحة تصل إلى 4200 متر مربع، يتراوح ما بين 1200 إلى 1400 شخص يومياً، مضيفاً أن الطاقة الاستيعابية للخيمة تستقبل أكثر من 1400 شخص.

وقال أبو زيد إن شهر رمضان هذا العام شهد إقبالاً كبيراً، حيث يتم شغر ما يقارب 95 في المائة يومياً من المقاعد التي خصصتها الخيمة لروادها، زائداً أن فئة العوائل شكلت النسبة الأعلى في الحجوزات على تلك المقاعد بنسبة 65 في المائة، بينما يشكل الأفراد 30 في المائة، و5 في المائة من المقاعد، يشغلها ضيوف ومنسوبو الشركات التجارية. وأوضح أبو زيد أن المنافسة في الخيام الرمضانية، تعتمد بدرجة كبيرة على مستوى الخدمة، التي تمثل محور اهتمام الفنادق، مضيفاً أن الخيام الرمضانية لم تعد مجرد حدث رمضاني عابر، إنما تقليد سنوي يجمع الناس خلال وقت الإفطار، إذ تم تجهيز خيمة فورسيزونز الرمضانية بشكل مستوحى من الأشكال والرسومات الإسلامية، كما تمت إضافة جو تقني من خلال شاشات عرض كبيرة للمساهمة في إيجاد جو رمضاني مميز.