مدريد تسلم الرباط الحسكي المتهم بالتورط في تفجيرات الدار البيضاء

إيطاليا تسلم المغرب إماما له علاقة بـ«الجماعة الإسلامية المقاتلة»

TT

تحركت الآلة القضائية بين اسبانيا بين دول ضفتي المتوسط، في إطار تنسيق جديد بين شمال الضفة وجنوبها، لاستجلاء مزيد من المعطيات المرتبطة، بتفجيرات الدارالبيضاء (2003)، ومدريد (2004)، وأخرى متعلقة بتحركات مشبوهة لعناصر حضرت لهذين التفجيرين، أو نشطت ضمن الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة، أو إحدى المجموعات الاصولية المتشددة التي لها صلة بتنظيم القاعدة، في اوروبا.

وسلمت السلطات الايطالية، المغربي محمد رفيق، إمام مسجد مدينتي فلورنسا، وكريمونا، الى السلطات المغربية، إثر صدور مذكرة بحث دولية في حقه، من قبل الادعاء العام لمحكمة الاستئناف بالرباط، لارتباط رفيق بخلية اتهم أعضاؤها بالمس بسلامة الامن الداخلي للدولة، وتكوين عصابة إجرامية مسلحة، من أجل ارتكاب جنايات ضد الاشخاص والاموال، والقتل العمد، والتخريب بواسطة المتفجرات، وحيازة وصناعة متفجرات.

واستمع القاضي المغربي الملكف الارهاب بمحكمة الاستئناف بسلا المجاورة للرباط، أخيرا، الى رفيق. ولم تتسرب معطيات لسرية التحقيق، لكن مصدرا امنيا أكد ان السلطات الايطالية اعتقلت رفيق عام 2003 للاشتباه في ربطه علاقات بنشطاء الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة، حيث أدين بتهم إرهاب وحكم عليه القضاء الايطالي عام 2004 بالسجن النافذ، لمدة أربعة أعوام، وثمانية اشهر. وكان رفيق نفى أمام المدعي العام الايطالي، أية صلة له بالجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة، وأنكر أن يكون قد سمع بهذا الاسم المتداول إعلاميا، وبالمقابل أكد أنه معروف لدى المهاجرين، بأنه مسالم، وأيضا بشهادة أحد الإيطاليين العاملين في جهاز الاستخبارات، الذي كانت له صلة به من أجل تسوية وضعيته القانونية. من جهة أخرى، قرر إيلوي فيلاسكو، القاضي الاسباني بالمحكمة الوطنية الاسبانية العليا، تسليم حسن الحسكي، الى السلطات المغربية، لفترة ستة اشهر، قابلة للتمديد، إذا دعت الضرورة لذلك، وذلك قصد محاكمته بتهمة الضلوع في تفجيرات الدار البيضاء التي أوقعت 45 قتيلا. وأكد القاضي الاسباني أنه في حالة إدانة الحسكي بالمغرب، سيتم من جديد تسليمه الى اسبانيا حيث يقضي عقوبة سجنية مدتها 14 عاما، لتورطه في تفجيرات مدريد، التي أوقعت 192 قتيلا.

وقال القاضي الاسباني في قراره: »يتعين على المغرب، الابقاء على هذا الشخص، الذي سيتم تسليمه مؤقتا، قيد الاعتقال، على اعتبار أنه يقضي عقوبة سجنية نافذة باسبانيا»، مشيرا الى أن السلطات القضائية لبلده، وافقت بتاريخ 10 أغسطس (آب) 2006 على طلب الترحيل الذي تقدمت به السلطات المغربية، ولم تستجب السلطات القضائية لهذا الطلب الى حين استكمال التحقيق المفتوح مع الحسكي في اسبانيا، وهو ما تم بالفعل. ووصفت العدالة الإسبانية الحسكي، شقيق الحسين، الذي قتل رفقة عبد الكريم المجاطي، ويونس الحياري أثناء مواجهة مع الامن السعودي، في السعودية، «بأحد النشطاء الأكثر حيوية في هذا التنظيم الذي أسس في افغانستان»، بل وأكدت أنه كان «بصدد إعادة تشكيل نواة جديدة من تبقى من الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة، بمنطقة لانثاروطي في جزر الكناري»، قبل ان يتم توقيفه عام 2004، ومحاكمته لضلوعه في تفجيرات مدريد.

وكانت السلطات السعودية قد طلبت من نظيرتها المغربية، تسليمها حسن الحسكي، للاستماع الى إفادته بخصوص أحداث إرهابية جرت في السعودية، بقيادة المجاطي، وأيضا الحسين الحسكي، الملقب «جابر»، الذي انتخب عضوا في المجلس التنفيذي للجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة، وفي اللجنة الدينية، رفقة سعد الحسيني، المعتقل حاليا، في السجن المحلي بسلا المجاورة للرباط، وعبد الله شهيد، الملقب «ياسر»، وعبد القادر حكيمي، نائب رئيس اللجنة الامنية للجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة.

وفي السياق نفسه، أحال قاضي التحقيق المغربي، أخيرا، ملف المعتقل عبد العظيم أقوضاض على الادعاء العام قصد محاكمته، بتهم جديدة، لها علاقة بأحداث جرت ببلجيكا، إذ سئل عن محجوزات نارية، كانت مخبأة بمطعم ببروكسل، وعن مصدر أرقام هاتفية لعدد من المبحوث عنهم، أو المتورطين في قضايا لها صلة بالارهاب، إذ سبق لأقوضاض، أن زار هولندا، وبلجيكا، وتركيا وإيران، وبالتالي ربط صلة بجماعات دينية أصولية متشددة، قبل أن تلقي عليه السلطات الاسبانية القبض عام 2003، وتسلمه الى نظيرتها المغربية. وكانت السلطات المغربية، تقدمت بأول طلب لترحيله في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، ووافقت حكومة مدريد على ذلك في مارس (آذار) 2005، لكنها علقت تنفيذ القرار بسبب وجود متابعة قضائية بإسبانيا في حقه (اقوضاض)، رغم أن المغرب أشار إلى دوره في تفجيرات الدارالبيضاء (2003). وحسب المعطيات التي وردت، أخلى القضاء الاسباني، سبيل أقوضاض، وتم ترحيله الى المغرب عام 2005، حيث حكم عليه القضاء المغربي، بالسجن النافذ مدة ثلاثة اعوام، وأيدت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسلا، الحكم الابتدائي، وهو الآن يقبع في السجن المحلي بسلا.

وكان أقوضاض، قد نفى أمام هيئة المحكمة نفيا قاطعا أية صلة له بالجماعات الارهابية، كما نفى أن يكون أحد نشطاء مجموعة «هوفستاد» المسؤولة عن إغتيال المخرج السينمائي الهولندي، ثيو فان غوخ، وأنكر ايضا أي صلة له بالأحداث الارهابية التي وقعت بمدينة الدارالبيضاء، وكذا انتماءه الى جماعة »أنصار الاسلام» بسورية. لكن اقوضاض أكد أنه درس الطب بالرباط، وكان عنصراً نشيطاً في صفوف الفصيل الطلابي القاعدي (الماركسية اللينيني)، حيث استهوته الفلسفة، فهاجر خارج المغرب. وفي السياق نفسه، أنهى القاضي المغربي التحقيق في ملف عبد الاله أحريز، الذي اعتقله السلطات المغربية، بناء على شكوى صادرة عن القضاء الاسباني، وأحيل ملفه على الادعاء العام لتحديد موعد لمحاكمته، للاشتباه في تورطه في تفجيرات مدريد (2004).

وكان أحريز حراً طليقاً بعدما برأت ساحته غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسلا المجاورة للرباط، من التهمة التي وجهت له، وهي »تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية، والمشاركة في مشروع جماعي يهدف الى المس الخطير بالنظام العام، والانتماء الى جماعة دينية محظورة»، وذلك في فبراير (شباط) 2007. وكانت ذات المحكمة دانت أحريز بالمنسوب اليه، في المرحلة الابتدائية، نهاية عام 2006، وحكمت عليه السجن مدة 3 أعوام.

وكان خوان ديل أولمو، القاضي الاسباني المكلف الارهاب، دعا نظيره المغربي الى محاكمة أحريز بالمغرب، إذا ما ثبت ضلوعه في تفجيرات مدريد. وسبق للقاضي الاسباني أن استمع، يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) 2007، الى أحريز، بمحكمة الاستئناف بسلا، وذلك في إطار الانابة القضائية وفق الاتفاقية القضائية المبرمة بين الرباط ومدريد، التي تقتضي تبادل المعلومات حول الشبكات الارهابية، وترحيل المتهمين بالارهاب.

وكان أحريز، أجاب على 48 سؤالا، وجهها له القاضي الاسباني، الذي أطلعه على الصور الشخصية للذين نفذوا العملية الارهابية بمدريد، وصورالمدانين على خلفية نفس العملية الارهابية. وبدا أحريز هادئا وهو يجيب على جميع الاسئلة التي وضعها عليه ديل أولمو، حيث أظهر تعاونا كاملا مع القاضي الاسباني. وكانت السلطات السورية قد سلمت أحريز الى المغرب بعد محاولته التسلسل الى الاراضي العراقية لقتال القوات الاميركية، وذلك حسب صك الاتهام.