أزمة السياح: الخاطفون يمكنهم إصابة هليكوبتر مصدر ليبي: سنسحقهم إذا دخلوا أراضينا

طعام الرهائن ينفد.. نقطة العوينات تراقب.. مصادر في برلين: إيطاليا ومصر تحثان ألمانيا على سرعة سداد الفدية

TT

وضعت مصادر أمنية ليبية ظلالا جديدة في قضية أزمة الرهائن، باستبعادها دخول الرهائن الى أراضيها، مما زاد الغموض.. مشيرين إلى اعتقادهم بوجود الخاطفين والرهائن في أحد الكهوف المتاخمة للحدود الليبية من جهة الغرب، لكن داخل الأراضي السودانية. وقالت هذه المصادر ان دخول الخاطفين الى الاراضي الليبية «يعني حتفهم.. ولا تعنينا مطالبهم». واكدت ايضا قدرة الخاطفين على ضرب طائرة منخفضة الارتفاع، وحذروا من أن الطعام سينفد منهم خلال أيام، وأن هذا الأمر يمكن أن يؤثر بالسلب على حياة الرهائن.

فيما أشارت مصادر في برلين الى ان إيطاليا ومصر تحثان ألمانيا سرعة سداد الفدية.

وفي روما ورغم التكتم الرسمي الشديد حول مصير المخطوفين، الا ان تسريبات ذكرت أن المخطوفين قد يكونوا قد اجبروا على التوجه الى تشاد، بعد دخولهم ليبيا.. «ربما للتزود بالماء أو ربما لأن المفاوضات السرية التي أجراها ابن الزعيم الليبي سيف الاسلام القذافي في واحة كفرة بجنوب ليبيا حيث توجد قاعدة عسكرية قد توقفت»، ولم يتم التحقق من صحة هذه المعلومات. ونظرا للغموض وشح المعلومات الرسمية الذي يلف القضية فإن تكهنات أخيرة تقول إن الخاطفين يريدون التأكد من عدم تسليمهم الى السلطات المصرية في حال اطلاقهم لسراح الرهائن. ويأتي هذا التطور في وقت ترددت فيه قصص كثيرة بين أوساط ليبيين من منطقة الكُفرة الليبية، وهي أول منطقة مأهولة شمال جبل عوينات الواقع على الحدود المشتركة لمصر والسودان وليبيا، عن أن الخاطفين والرهائن ربما بدأوا محاولة للتوغل شمالاً عبر طريق رئيسية غير مرصوفة، (مدق ترابي) طولها نحو 600 كلم، وتمتد من جبل عوينات جنوباً، إلى حدود محافظة الكفرة الليبية في الشمال. واستبعد مسؤول أمني ليبي بالمنطقة الشرقية الجنوبية في ليبيا تلك الروايات، وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط» من مقر وجوده في منطقة البطنان: «أي أجنبي يدخل الأراضي الليبية متسللا فهو هالك لا محالة، هم (الخاطفون) يعلمون أن ليبيا لا تتفاوض في مثل هذه الأمور ولا تعنينا مطالبهم»، في إشارة إلى ما قيل عن طلب الخاطفين فدية مقدارها 6 ملايين دولار. وقال المسؤول الليبي: «إذا دخلوا، وهم أجانب يكونوا دخلوا بطريق غير شرعي، وسنتعامل معهم على هذا الأساس». وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن نقطة الحدود الليبية الواقعة على الحدود السودانية قرب منطقة كركور طلح التي يعتقد أن الخاطفين أخذوا الرهائن إليها، تقف على أهبة الاستعداد منذ انتشار نبأ الخطف ولجوء الخاطفين إلى الجبال والوديان شرق النقطة الحدودية بنحو 20 كلم.

وأضاف: «عززنا النقطة الحدودية بأكثر من 30 جنديا وبأسلحة إضافية وبمعدات إسعاف ومؤن.. هذا إجراء احترازي.. لو فضّل الخاطفون الاستسلام فيمكنهم الاستسلام في نقطة الحدود هناك، وبعد الاستسلام يمكن أن يقولوا ما يشاءون». وعما إذا كانت أي معلومات قد وردت إلى السلطات الليبية من نقطة حدود العوينات التابعة لها هناك، خاصة إنها تعتبر أقرب نقطة أمنية لمكان الخاطفين ومن معهم من رهائن، أوضح المسؤول الأمني الليبي، إن «هناك اتصالات مستمرة مع النقطة الحدودية، لكن التفاصيل وماذا يدور هناك لم نطلع عليه بعد. الجيش (الليبي) يتابع الموضوع مع النقطة لأنها تتبع له أصلا، نحن كنا على اتصال بها، حتى قبل يومين، لكن هناك تقارير تذهب لجهات أخرى (يقصد الجيش الليبي) الذي تتبع له النقطة الحدودية».

وتابع: «لا يمكنهم الاقتراب من نقطة حدود العوينات (الليبية وهم يطلبون مطالب مسبقة.. وإذا كانوا دخلوا متسللين فلن نسمح لهم بالعودة بالسياح (ومن معهم من رهائن آخرين مصريين).. إذا دخلوا لا عاد يطلعوا ولا عاد يردوا.. يكونوا فشلوا، يسلموا الجماعة (الرهائن) ويطلعوا ممكن، وتنتهي المشكلة». وجاءت تصريحات المسؤول الليبيي، بعد نحو أربع ساعات من خبر بثته وكالة الجماهيرية (الليبية) للأنباء، ونقلت فيه ما قالت إنه تأكيد مصدر مسؤول باللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي (وزارة الخارجية) عدم صحة الأنباء التي ترددت حول وجود السياح الأجانب وخاطفيهم، داخل الأراضي الليبية. وقال مسؤول حكومي ان «عمليات البحث والتحقيقات المكثفة لم تظهر وجود اي رهائن على الاراضي الليبية».

واشارت مصادر ليبية ودبلوماسية غربية أخرى الى أن الخاطفين دخلوا إلى الأراضي الليبية لبعض الوقت قبل أن تنتبه السلطات الليبية لوجودهم. ورجحت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن يكون لدى الخاطفين علاقات محلية قوية في بعض المناطق داخل مثلث الحدود، كما يعني أيضا أنهم من سكان المنطقة.

من جانب آخر، ومن بين خبراء طرق ودروب في منطقة العوينات الليبية التي يراوح الخاطفون حولها، قال سُلومة الجبروني، في اتصال هاتفي: «بحسب ما لدينا (من معلومات) نرى أن الخاطفين قادرين على التعامل مع الطيران الذي يطير على ارتفاع منخفض، كالهيلكوبتر.. السيارات الثلاث أو الأربع التي يستقلها الخاطفون مزودة بمدافع مثل تلك التي تشاهدها منصوبة على سيارات الدفع الرباعي لدى مسلحي دارفور».

وقلل «الجبروني» من قدرة نقطة العوينات الليبية القريبة من مكان الخاطفين قائلاً إنها «نقطة صغيرة أقرب إلى الترانزيت الذي يرتاح فيه المسافرون، من كونها نقطة حدود عسكرية مجهزة»، وأضاف: «هي مثل الاستراحة لكن ليست مجهزة لمواجهة مسلحة مع الخاطفين». وعما إذا كان يمكن للخاطفين الهجوم على النقطة الحدودية والاستيلاء على ما بها من مؤن، أضاف «الجبروني»: «هذا ممكن لكن النقطة في حد ذاتها ليست مجهزة لإقامة عشرين أو ثلاثين فرداً لمدة عشرة أيام أو حتى أسبوع». وفي اتصال آخر بالدليل المصري في منطقة العوينات، إمام فوزي، والذي يستعد للخروج يوم الخميس المقبل في رحلة سفاري مماثلة لتلك التي انتهت باختطاف الرهائن الألمان والإيطاليين والمصريين، استبعدَ دخول الخاطفين والرهائن إلى داخل الأراضي الليبية، ورجح الدَّليل «إمام» أن يكونوا معتصمين داخل كهف من الكهوف القريبة من الحدود الليبية. وأضاف أن أجهزة للتليفونات مرتبطة بالأقمار الاصطناعية مُعرّفة على إحداثيات متوافقة مع حدود الدول وفقا لخطوط الطول والعرض، تُمكن مُستقبِل المكالمة الهاتفية من معرفة الدولة التي جاءه منها الاتصال.

وعبَّر الدليل المصري «إمام» عن اعتقاده بأن الخاطفين «ليست لديهم مشكلة في مياه الشرب التي لا بد أنهم يتزودون بها من البئر الوحيدة هناك، وهي عين برنس، وكذلك ليست لديهم مشكلة في التزود بالوقود، لأن حركتهم بالسيارات التي معهم محدودة، وهم إجمالاً لم يقطعوا مسافة كبيرة حتى الآن»، لكنه أضاف أن «المشكلة الحقيقية التي يمكن أن تواجههم خلال الأيام القليلة المقبلة، هي التزود بالطعام، لأن مؤنة هذا العدد من الرهائن، كما اعتدنا عليها في رحلات السفاري، المفترض أنها تكفيهم مدة تتراوح بين 13 يوما و15 يوماً.

الى ذلك أفاد تقرير مجلة «دير شبيجل» الألمانية في موقعها على الانترنت امس أن إيطاليا ومصر تلحان على الحكومة الألمانية بسرعة سداد قيمة الفدية المطلوبة لإطلاق سراح السائحين في المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا. وذكر التقرير، أن مصر تخشى على السياحة في حال مقتل أي سائح من المجموعة أثناء أي عملية تحرير محتملة وتنتظر من ألمانيا أن تتحمل الجانب الأكبر من الفدية». وأضافت المجلة أن المفاوضات مع الخاطفين قد تعقدت بسبب الخلافات بين مجموعة الخاطفين التي يحيط الغموض بجنسية أعضائها.