البرلمان اللبناني يستهل مناقشة قانون الانتخابات بمنع العسكريين من «التصويت والترشح»

جنبلاط يعارض إدخال الجيش في الخلافات وعون يستعين بحقوق الإنسان

TT

بدأ البرلمان اللبناني أمس مناقشة قانون الانتخاب الجديد وفقاً للتقسيمات الادارية التي تم الاتفاق عليها في الدوحة في مايو (أيار) الماضي، على ان يقره غداً الاثنين اذا سمحت الظروف بذلك.

واستهل المجلس النقاشات بتجاوز عقبة «تصويت العسكريين» الذي دارت حوله مناقشات حادة بين فريقي «14 آذار» و«8 آذار»، فكان الأول بين رافض ومتحفظ وحذر إزاء تصويت العسكر، فيما كان الفريق الثاني مؤيداً تماماً لتصويتهم، لكن التصويت الفعلي في مجلس النواب أدى الى حرمان العسكريين من التصويت. وقد ووجه الاقتراح بمعارضة شديدة من النائب وليد جنبلاط الذي رفض «ادخال العسكر في متاهاتنا السياسية»، فيما كان النائب ميشال عون رأس حربة المنادين بالسماح لهم بالتصويت.

وبعد تلاوة تقرير اللجنة حول الاقتراح بوشر درسه وبعدها تليت مذكرة الهيئات النسائية حول الكوتا النسائية في قانون الانتخابات النيابية، والتي كان وفد منها سلمها صباحاً الى بري.

وطلب النائب بهيج طبارة: توزيع مذكرة وضع فيها ملاحظاته على الاقتراح وتناول موضوع عدم اقتراع العسكريين، ورأى ان اقتراعهم لا يفسد العملية الانتخابية. وقال: «اذا أعطينا العسكريين حق الاقتراع فهذا لا يعني اننا أقحمناهم في السياسة».

وطالب النائب مروان فارس باسم «الكتلة القومية الاجتماعية» باعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة، «للمساهمة في بناء لبنان، وأخذ التمثيل النسبي في الانتخابات لان هناك قوى فعلية موجودة يلغي النظام الاكثري واقع تمثيلها للناس»، معلناً التحفظ عن «هذا القانون المطروح بين أيدينا».

ولم تخل الجلسة من حدة أطلق شرارتها بري بإعلانه وجود جلسة اضافية يوم الاحد، ما ادى الى اعتراض عدد من النواب وبينهم النائبة نايلة معوض التي قالت له: «أقفلتم المجلس سنتين، وتريدون ان تفتحوه الاحد». فاحتد بري قائلاً: «كان ذلك بسبب ان حكومتكم غير شرعية». وأيده في اعتراضه عضو كتلته النائب علي خريس الذي قال: «كل مرة تريد ان تعمل (النائبة معوض) قصة»، فردت الاخيرة باعتبار كلامه «قلة تهذيب». وقالت «المقبول من الرئيس بري غير مقبول من اعضاء كتلته».

وأيد النائب بطرس حرب عدم انتخاب العسكر لان «الانضباطية موجودة لديهم، أي نفذ ثم اعترض»، ورأى أن التقسيم الانتخابي «بحث على اساس نظام أكثري، هو ليست خطوة اصلاحية متقدمة انما خطوة استثنائية لاراحة المسيحيين، ومن ثم الانطلاق نحو افكار اصلاحية متقدمة». ورأى النائب احمد فتفت ان الاصلاحات التي أدخلت الى القانون هي المدخل الى النظام النسبي، وقال: «دون النظام النسبي لن يكون هناك تمثيل صحيح».

وتطرق النائب ميشال عون الى موضوع اقتراع العسكريين، فقال: «لا نستطيع القول ان الجيش ينتخب وفقا لأوامر رؤسائه، فنحن مع هذا الاقتراح، ونحن في ورقتنا السياسية طرحنا موضوع النسبية او الدائرة المتوسطة نسبيا، او الدائرة الاصغر الممكنة في النظام الاكثري. وأسوأ قانون هو الـ 2000 جدد له مرتين وكنا نخاف ان يجدد له ايضا مرة ثالثة».

أما النائب انطوان زهرا (القوات اللبنانية) فعارض تصويت العسكريين قائلاً: «أكبر شكوى هي تدخل الاجهزة الامنية في الانتخابات، والمتقاعدون والعسكريون يجب ان «يزيحوا» عن العملية الانتخابية، وأنا مع النص الوارد».

أما النائب روبير غانم فلم يؤيد اعطاء العسكريين حق الاقتراع، قائلاً: «هذه المؤسسة (الجيش) ما زالت موحدة ويجب الحفاظ عليها موحدة وعدم إقحامها بالسياسة». واعتبر النائب اسامة سعد ان «عدم تحقيق الاصلاحات وفي مقدمها قانون الانتخاب سبب الكثير من المشاكل، والمشروع المطروح اليوم يخالف وثيقة اتفاق الطائف». فيما رأى النائب علي حسن خليل (كتلة بري) ان اقرار هذا القانون «لا يمكن القبول به الا على اساس انه قانون مرحلي، يمكن الخروج منه لاحقاً».

وقال النائب مروان حمادة ان الظروف الحالية لا تسمح بفتح الباب لاقتراع العسكريين وقال: «لا يجوز ان نسمح باهتزاز المؤسسة العسكرية من خلال الحزبية والانتخابات». وطالب «بتصحيح نص يمنع على العسكري المتقاعد التصويت ويسمح له بالترشح». أما النائب ابراهيم كنعان (كتلة عون) فدعا الى «التمييز بين الشعبة الثانية (الاستخبارات) التي كانت تابعة للسلطة واقتراع العسكر». وقال: «نحن نعرف انه في قلب المؤسسة العسكرية الكثيرون لا يوافقون على بعض السياسات». وأيد النائب كميل المعلوف (كتلة عون) اعطاء العسكريين حق الاقتراع، وقال: «العسكري هو لبناني، والدستور أعطاه حق الانتخاب لانه اعطى كل لبناني هذا الحق. وليس صحيحا ان الجيش يتبع سياسة». وتدخل النائب سعد الحريري داعياً الى انهاء الجدل حول «الدوائر الانتخابية الكبرى». قائلاً: «كلنا اتفقنا على قانون القضاء ولننه هذا الجدال في موضوع الدوائر الكبرى والصغرى، وغيرها. عملنا معارك في الدوحة ووصلنا الى قانون 1960. رأيي ان هناك شريحة كبيرة من اللبنانيين اتفقت على هذا القانون فلنصوت عليه».

وعاد النائب سليم عون (كتلة عون) الى موضوع العسكريين، قائلاً: «نحن نتحدث عن المساواة والعدالة ونحن نحرم فئة من اللبنانيين من التعبير عن رأيها بعدالة. العسكريون لهم آراؤهم».

واعترض الوزير محمد الصفدي (14 آذار) على القانون وفقاً للنظام الاكثري، معتبراً انه يعني ان 49% من الشعب اللبناني لن يكون ممثلاً. ورأى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ان «القانون الحالي الذي بين أيدينا لا يلبي طموحات اللبنانيين ولا يراعي العيش المشترك بين اللبنانيين». لكنه قال: «على أي حال فإن هذا الاقتراح الذي أملته الظروف علينا والذي درسته بشكل جدي لجنة الادارة والعدل ومشاركة وزير الداخلية الذين يستحقون الشكر لجهودهم». وأعلن باسم الحكومة اللبنانية «الالتزام الكامل بقانون الانتخابات النيابية وفق الصيغة التي سيتم التوافق عليها والالتزام ايضاً بالمواعيد المحددة لاجراء الانتخابات». وأضاف: «أما بالنسبة الى ما يطرح من كوتا النسائية فإننا نسعى لإشراك المرأة وهناك جهد يجب ان تبذله جميع الكتل النيابية».

ثم باشر المجلس مناقشة اقتراح قانون الانتخابات مادة مادة فطرحت المادة الاولى التي تتحدث عن عدد النواب فصودق عليها كما وردت. وصودق على المادة الثانية المتعلقة بعدد المقاعد وتوزيعها على الطوائف بحسب الدوائر الانتخابية. وتحفظ عن هذه المادة النائبان بطرس حرب وابراهيم كنعان. وتليت المادة الثالثة المتعلقة بالسن المحددة للاقتراع في الدستور (21 سنة) وتحدث النائب بهيج طبارة معتبراً أن النص يحتمل تفسيرين، فيمكن خفض السن طالما الجميع مع المبدأ. فليطبق لافتاً الى انه منذ 1926 تحول الدستور 128 مرة متمنياً أن يتخذ المجلس النيابي قراراً بهذا الخصوص. واعتبر النائب مروان حمادة ذلك «هرطقة دستورية» قائلاً: «كفى تلاعباً بالدستور». وقال النائب سمير الجسر (تيار المستقبل): «يجب ان يكون هناك توحيد لسن التشريع ويجب خفض السن بتعديل دستوري وفقاً للاصول. وكذلك اعترض النائب بطرس حرب داعياً الى «عدم تسجيل خرق جديد للدستور»، مطالباً بخفض سن الاقتراع وفقاً للاصول، أي بعد تعديل الدستور.

ورد بري على المطالبة بخفض سن الاقتراع قائلاً: «قدم منذ فترة اقتراح قانون لتعديل الدستور لخفض السن. وبعد فترة حصل تمن لتأخير هذا الموضوع. وسمحت لنفسي لاول مرة في حياتي بأن احتفظ باقتراح في الادراج لانهم قالوا ان من شأن ذلك الاخلال بالتوازن والعيش المشترك. وأنا ضد أي خلل يصيب الوحدة الوطنية، علماً انني من أكثر المستفيدين من هذه الزاوية الضيقة. لذلك فلنحفظ وطننا في هذه النقطة الضيقة».

بعدها، صدق المجلس على المادة الرابعة التي تحدد الاسباب التي تحرم المواطن من حق الاقتراع، وتلك التي تحدد الفترة اللازمة للمجنس للمشاركة فيه، ثم طرحت المادة التي تمنع اشتراك العسكريين في الاقتراع فتحدث النائب ميشال عون مصراً على اعطاء العسكريين حق الاقتراع وفقاً لشرعة حقوق الانسان، وقال: «العسكري ابن بيئة، فليتفاعل فيها وهو غير مرتبط بأي سلطة سياسية». فرد النائب بطرس حرب قائلاً: «نحن نعيش في لبنان ولسنا في سويسرا، والخوف كل الخوف أن ينفذ العسكري أمر القيادة بالانتخاب وليس حق الانتخاب، مع تأكيد ووجوب المحافظة على حق العسكر الانتخابي».