مناقشة قانون الانتخابات: حصة كبيرة للنساء في المداخلات واجتهادات حول النسبية

الجلسة شهدت أكبر نسبة تثاؤب ونواب طالبوا بكوتا نسائية 100%

TT

ثلاثة محاور شكلت مواضيع سجالية في الجلسة الاولى من جلسة مناقشة مشروع قانون الانتخابات في المجلس النيابي اللبناني. المحاور السجالية هي: اعتماد النسبية وحق العسكريين في الاقتراع والكوتا النسائية. ولأن المواضيع الثلاثة ليست خلافية بالمعنى التصادمي بقيت الامور في حيز تبادل الآراء القانونية والدستورية من دون ارتفاع وتيرة النقاش الى حد التصادم. لكن بعض النواب توقعوا ان تتلبد الاجواء عند طرح المادة المتعلقة بتقصير مهلة السنتين لاستقالة رؤساء البلديات. رؤساء الكتل النيابية حرصوا على الوصول باكرا الى البرلمان. سعد الحريري رئيس كتلة المستقبل ووليد جنبلاط رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي لم يتقيدا ببذلة رسمية وربطة عنق، وانما حضرا «سبور» بعكس رئيس كتلة التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، الذي جلس في مكانه في الصف الاول من المقاعد المخصصة للنواب، قبالة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الجالس في الجهة المخصصة للحكومة. وكان عون قد وصف السنيورة في كلمة القاها اول من أمس، بأنه «سارق خزينة»، الامر الذي خلّف تشنجا غير علني، مع ان السنيورة معروف بابتعاده عن الدخول في سجالات على هذا المستوى. وربما حاول عون كسر التشنج عندما اقترب من نائب رئيس مجلس الوزراء عصام ابو جمرا ليهمس في اذنه، فيعود الاخير الى الهمس في اذن السنيورة، ليكتفي رئيس الحكومة بإيماءة من دون ان تنفرج اساريره. حركة تنقلات بين الكراسي طبعت جلسة المناقشة. وغالبا ما كانت تتجه الى مقاعد الوزاء ليصار الى مراجعتهم بشأن خدمة ما. النائب في كتلة الوفاء للمقاومة حسين الحاج حسن غادر مقعده باتجاه النائب سعد الحريري ليلقي التحية مع القبل، ثم يقصد وزير الاقتصاد محمد الصفدي لغاية خدماتية. جنبلاط فضل الابتعاد عن الصفوف الامامية، فانسحب الى المقعد الاخير من المكان المخصص لكتلته. ولم يلبث الحريري ان لحق به، ليتبادلا بعض التعليقات الضاحكة. مطالبة بعض النواب بتغيير مذهبي لتوزيع المقاعد النيابية على المناطق دفعت ببري الى القول: «هنا عش الطائفية والمذهبية لدى السياسيين». كذلك رفض بري إقرار مادة تتعلق بخفض سن الاقتراع الى 18 عاما لأنها لا تزال تثير الشحن الطائفي، نتيجة الخلل الديموغرافي بين الطوائف.

كما في الجلسة الماضية. خذل الميكروفون الرئيس السنيورة، فاضطر الى الاستعانة بميكروفون نائبه عصام ابو جمرة، ليتعالى الضحك والتعليقات. عدا ذلك بقيت الرتابة تسيطر على الجلسة، التي شهدت أكبر نسبة تثاؤب في صفوف النواب والوزراء. كما شهدت اكبر نسبة تشويش، ولم يحرك ايقاعاتها الا تعليقات رئيس المجلس نبيه بري من حين الى آخر. فطلب من وزير الاتصالات جبران باسيل الامتناع عن الاحاديث الجانبية اثناء المناقشة، ليرد عليه احد النواب، فيقول: «جبران وزير اتصالات شغله يتطلب التشويش». كذلك هدد كل نائب يخالف النظام بحرمانه من الكلام. الا ان سبحة تعليقات بري كرتّ عندما طرحت مسألة الكوتا النسائية. فسأل النائب غسان مخيبر عندما طالب الاخير بإقرار الكوتا، «اذا كنت تحب النساء الى هذا الحد لماذا لم تتزوج؟». كذلك سأل فتوش المعارض للامر السؤال ذاته ليجيب الاخير: «من القلة (اي انعدام القدرة المالية)».

نايلة معوض التي «استنفرت» عندما رفض فتوش اعطاء المرأة حصة نيابية، حاول زملاؤها اسكاتها، فاعترض بري وسألهم: «لماذا تقفون لها بالمرصاد عندما تتكلم؟»، فعقبت معوض: «لأنك تشجعهم». ولدى اصرار النواب على عدم اقفال الموضوع سألهم بري: «هل تريدون ان تكون الكوتا النسائية بنسبة 25%؟». ليرد احدهم: «لا نريدها 100%».

وكان بري قد استقبل قبل الجلسة العامة لمجلس النواب وفدا من «الهيئة الوطنية الداعمة للكوتا النسائية» قدم له مذكرة احتجاجية على تجاهل «الاصلاحات المتصلة بتفعيل مشاركة المرأة في الانتخابات ترشيحا في مشروع قانون الانتخابات العامة». وجاء في المذكرة ان 84 دولة قد اعتمدت الكوتا. وان تشكيل النساء في لبنان يزيد على 50% من الناخبين وثلثهن يعملن في القطاع الاقتصادي ويدفعن الضرائب للدولة. كما ان الحكومة اللبنانية تعهدت في بيانها الوزاري الاخير، بتنفيذ التزاماتها في ضوء الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة. كذلك اشارت المذكرة الى ان النظام الانتخابي في لبنان هو اصلا قائم على الكوتا وكل النواب منتخبون حسب كوتا، والى ان «هذا الاقتراح لا يستلزم تعديلا دستوريا ويكفي ان يتقدم عشرة نواب باقتراح في هذا الشأن، فيتم البحث فيه واقراره وتضمينه قانون الانتخاب العتيد». مسألة السماح للعسكريين شكلت ايضا موضع سجال، دخلت على خطه الامثال الشعبية والاجتهادات. فاعتبر البعض ان السياسة تفسد العسكر، ليرد البعض الآخر بأن حصة العسكريين هي الاكبر في الحياة السياسية اللبنانية، حيث نجد ان رئيس الجمهورية هو عسكري، ليؤكد البعض الثالث ان العسكريين من الشعب وهم يحملون انقساماته. الا ان نواب كتلة التغيير والاصلاح، وكذلك النائب ميشال المر طالبوا بحق العسكريين في الانتخاب انطلاقا من الدستور، واعتبروا ان حرمانهم من المشاركة في اختيار ممثليهم هو تمييز لا مبرر له.

النسبية ايضا حظيت بجانب من المداخلات. واجمع النواب كلهم على انها مطلبهم، لكن ظروف المرحلة التي يعيشها لبنان فرضت اعتماد التقسيمات الادارية لقانون الستين. وقد دفع هذا الطرح النائب سعد الحريري الى تذكير النواب باتفاق الدوحة واجماعهم عليه، وبالتالي فإن المطالبة بالقانون النسبي لن تؤدي الى اي تغيير.