مهاجرو القوارب يواصلون التدفق على إسبانيا .. رغم الأزمة الاقتصادية

بعضهم اعتبرها مختلقة ضدهم .. و«قارب جبار» ضم 230 مهاجرا أذهل السلطات

مهاجرون سريون أفارقة على متن قارب
TT

لا يبالي المهاجرون غير الشرعيين من مظاهر الأزمة المالية العالمية، ويواصلون التدفق على السواحل الأوروبية وكأن لسان حالهم يقول: اشتدي يا أزمة تنفرجي. وتبدو مظاهر اللامبالاة هذه من خلال الأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين تدفقوا أخيراً إلى السواحل الأوروبية، وخصوصا الإسبانية، رغم أن إسبانيا هي واحدة من أكثر البلدان الأوروبية معاناة من الأزمة الاقتصادية. وفي خضم ذلك يتعامل المهاجرون غير الشرعيين مع الأزمة، وكأنها افتعلت فقط لثنيهم عن الهجرة.

ومنذ أسابيع، تحولت سواحل جزر الكناري (الخالدات) في مياه المحيط الأطلسي، إلى وجهة لعشرات من القوارب التي تِحوي المهاجرين غير الشرعيين، رغم أن عشرات الآلاف من المهاجرين الشرعيين، ومعهم إسبان كثيرون، فقدوا مناصب عملهم بسبب الأزمة.

ووصلت إلى جزر الخالدات قوارب تحمل أرقاما قياسية من المهاجرين، بل إن قوارب دخلت كتاب غينيس للأرقام القياسية، من بينها ذلك قارب ذي وصل إلى سواحل جزيرة لاس بالماس قبل أيام وعلى متنه أزيد من 230 شخصا، وهو رقم أصاب السلطات الإسبانية بالذهول، ليس فقط لأنه أول رقم كبير يصل إلى السواحل الإسبانية انطلاقا من السواحل الأفريقية، بل لأن درجة تحمل قارب من خشب من 30 متراً لهذا العدد الضخم من المهاجرين لم يكن متوقعاً، خصوصا في مواجهة تيارات بحرية أطلسية عنيفة ومتقلبة.

ووصفت وسائل الإعلام الإسبانية ذلك القارب بأنه «قارب جبار»، خصوصاً أن كل ركابه وصلوا بصحة جيدة رغم أنهم أمضوا حوالي أربعة أيام في عرض البحر، وتلقى خمسة منهم فقط إسعافات طبية أولية.

وكان أكبر عدد من المهاجرين السريين الذين وصلوا على متن قارب سري نحو جزر الخالدات هو 180 مهاجرا في يوليو (تموز) من السنة الماضية. وقبل وصول هذه الشحنة البشرية غير المتوقعة، استقبلت سواحل جزر الخالدات أيضا قاربا من 30 شخصا كلهم قاصرون، كما ضبطت السلطات المغربية خلال الأسابيع الماضية المئات من المهاجرين السريين الذين كانوا في عرض البحر في طريقهم إلى السواحل الإسبانية، وتم إنقاذ العشرات منهم من موت محقق بعد أن انطلقت قواربهم من نقاط بعيدة في عرض مياه المحيط الأطلسي.

ويشير خبراء إسبان في مجال الهجرة، إلى أن وصول أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين إلى السواحل الإسبانية يعكس ما تعيشه شبكات نقل المهاجرين السريين التي تريد التخلص من أكبر قدر من المنتظرين، والتغلب على ما تعتبره «شائعات مغرضة» مفادها أن الأزمة الاقتصادية اختلقت لصرف نظر الراغبين في الهجرة إلى إسبانيا عن تحقيق مرادهم. نهم المهاجرين السريين نحو إسبانيا في عز الأزمة الاقتصادية ترجمتها أيضا تلك المحاولة المثيرة التي قام بها أزيد من 50 مغربيا، أعمارهم تتراوح ما بين العشرين والثلاثين، والذين ضبطتهم السلطات الإسبانية في الأسبوع الماضي وهم يحاولون دخول ميناء مدينة برشلونة بعدما وصلوها على متن باخرة «فانتاستيك» التي تربط ميناء طنجة المغربي بمينائي برشلونة الإسباني وجنوة الإيطالي. وتعتبر هذه المحاولة الجماعية للهجرة غير القانونية الأكبر من نوعها في تاريخ ميناء مغربي، حيث أن أغلب الحالات التي تم الكشف عنها في السابق كانت تتعلق بمحاولات فردية وليس بمحاولات جماعية على قدر كبير من التنظيم.

وعثرت السلطات الإسبانية لدى المهاجرين المغاربة على وثائق وجوازات سفر وتأشيرات مزورة، وهو ما يشير إلى وقوف شبكة تزوير على قدر كبير من الاحترافية وراء هذه العملية التي هزت أركان الأمن والجمارك في ميناء طنجة، الذي يرتقب أن يعرف عملية تغيير جذرية في صفوف إدارته وجماركه وكل السلطات الأمنية التي تعمل داخله.