القضاء السوداني يبدأ محاكمة كوشيب خلال أيام.. والخرطوم تنفي إعفاء الوزير هارون من منصبه

مصادر سودانية: استمرار التحقيقات مع مطلوبي لاهاي قد يثير غضب القبائل * الخرطوم تكلف شركات محاماة في لندن وبروكسل لتولي الدفاع عن البشير

نازحون في احد معسكرات دارفور مصطفون من أجل الحصول على مياه الشرب («الشرق الاوسط»)
TT

رجحت أنباء في الخرطوم والقاهرة، البدء خلال أيام في محاكمة، علي أحمد كوشيب، أحد المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب في اقليم دارفور. وأكدت مصادر في الخرطوم، ان المحاكمة قد تبدأ خلال يوم أو يومين، في مدينة «الجنينة» بغرب دارفور، واشار مصدر دبلوماسي في القاهرة، الى ان المحاكمة ستكون خلال الاسبوع المقبل، بينما استبعدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» في ولايات دارفور، ان تبدأ المحاكمة خلال ايام، مشيرة الى عدم وجود أية تريبات ظاهرة في الوقت الحالي، لبدء مثل تلك الاجراءات، ولكنها اشارت احتمال عقدها في وقت لاحق من دون تحديد اطار زمني. ونفت الحكومة السودانية أي اتجاه الى عزل وزير الشؤون الانسانية أحمد هارون المطلوب الثاني الى لاهاي من منصبه. وقالت مصادر في الخرطوم ان الحكومة كلفت مكاتب محاماة في لندن وبروكسل، تولي الدفاع عن الرئيس عمر البشير، في التهم التي قد توجه له بارتكاب جرائم ضد الانسانية في دارفور.

واكد نائب رئيس البعثة الدبلوماسية السودانية في القاهرة ادريس سليمان لوكالة الصحافة الفرنسية، ان كوشيب سيحاكم «على الارجح الاسبوع المقبل»، موضحا ان القضاء السوداني سيقرر التاريخ المحدد للمحاكمة، بعد ان قرر المدعي العام السوداني المختص بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في دارفور احالة كوشيب الى المحاكمة. واضاف سليمان ان كوشيب محتجز منذ عدة اشهر، وان التحقيقات تسارعت بعد ان قررت وزارة العدل في اغسطس (آب) الماضي، تعيين مدع عام متفرغ للبحث في القضايا المتعلقة بالنزاع في دارفور وأصبح الاستماع الى اقوال الشهود أسهل. وتابع انه يجري التحقيق حاليا في 13 جريمة في دارفور، ولكنه رفض الافصاح عن عدد المتهمين فيها.

من جهته كشف وزير العدل السوداني عبد الباسط سبدرات، أن كوشيب قد جرى اعتقاله من قبل السلطات السودانية، منذ عدة أشهر، وأنه جرى التحقيق معه حول مسؤوليته عن ارتكاب جرائم حرب في دارفور، وقال ان التحقيقات معه قد اقتربت من نهايته. وكرر سبدرات موقف السودان الرافض للتعامل مع محكمة الجنايات الدولية أو محاكمة أي سوداني خارج البلاد، وقال إن ذلك «يتعارض مع قرار المجلس الوطني والقوانين السودانية، ولا ينسجم مع القوانين والمواثيق الدولية». وقال سبدرات في مؤتمر صحافي عقده امس بمقر السفارة السودانية بالقاهرة إن «الحكومة لو أرادت تسليم أي سوداني لمحكمة لاهاي لن تستطيع، لأنه لا توجد قوانين سودانية تسمح بذلك» مشددا في الوقت نفسه على انفاذ قوانين عدم الإفلات من العقاب المتضمنة في القوانين السودانية.

وتشير تقارير غير مؤكدة إلى ان كوشيب الآن رهن الاعتقال لدى السلطات السودانية. ولكن ظل متنقلا بين مدينة نيالا، ومسقط رأسه في قرية بغرب دارفور جوار مدينة وادي صالح. ويمتهن أحيانا الزرعة وأحيانا أخرى الرعي.

وكان اسم كوشيب ورد في تقرير لتقصي الحقائق في دارفور، اصدرته لجنة وطنية برئاسة رئيس القضاء السابق دفع الله الحاج يوسف، جاء فيه ان «المعتقلين تم اقتيادهم لمنطقة شرطة دليج بواسطة زعيم ميليشيات الفرسان المسلحة محمد علي كوشيب والملازم أول حمدي من الاستخبارات العسكرية»، وقال التقرير «انه تناهى الى سمعهم ان المعتقلين قد تم قتلهم ودفنهم بإشراف ملازم في الجيش وزعيم الميليشيات محمد علي كوشيب لكنهم لم يشاهدوا ذلك ولم يقفوا على شواهد تؤكد ذلك مثل مكان دفنهم». كما لا يعرف عن بقية من تتردد اسماؤهم في التسريبات التي تتناول قضية الجرائم النسانية في دارفور معلومات تذكر.

الى ذلك، نفى سفير السودان بباريس سليمان مصطفى وجود أي اتفاق، حسب معلومات أوردها دبلوماسي أوروبي بأن الحكومة السودانية أبلغت مسؤولين فرنسيين عن رغبتها في إعفاء وزير الدولة للشؤون الانسانية أحمد هارون المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، لبدء التحقيق معه في دعاوى في احداث دارفور. وشدد على ان موقف السودان، واضح بعدم ابعاد أو اعفاء اي مسؤول بناء على رغبة احد أو املاء من الخارج. الى ذلك كشف مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»، عن ان الحكومة السودانية كلفت شركات محاماة في بلجيكا والمملكة المتحدة لدراسة مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الخاصة بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير، والمتوقع صدورها خلال الشهرين المقبلين، والتمست الخرطوم من الاردن، التوسط لدى الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي، للتدخل لوقف اجراءات المطالبة بالبشير. وقال المصدر ان الخرطوم اوفدت مسؤولين كبارا في الحكومة في الفترات القليلة الماضية الى لندن وبروكسل، لتكليف شركات محاماة لديها الخبرة في القضايا ذات الصلة، وفضلت المصادر عدم الكشف عن اسماء تلك الشركات في الوقت الراهن. واشار المصدر الى ان وزيرا في الحكومة السودانية، توجه قبل اسابيع الى عمان لاطلاع المسؤولين فيها على قضية المحكمة الجنائية، وطلب الضغط على جهات غربية لتأجيل الاتهامات، لكن مسؤولين في عمان نصحوا الوزير السوداني بضرورة ان تتعاون الخرطوم مع المحكمة الجنائية، وانه يمكن ان تقدم المساعدات القانونية، لكنها لن تتمكن من التدخل لدى العواصم الغربية لطلب تأجيل مذكرة توقيف البشير. ولم يتسن الاتصال بمسؤولين في البلدين للتعليق.