«أوبك» تسعى لإعادة الثقة لسوق النفط في اجتماعها الطارئ اليوم

وسط جدل حول نسبة خفض الإنتاج المناسبة لاستقراره .. ومراعاة الأزمة المالية

وزير النفط السعودي علي النعيمي متحدثا أمس بفيينا للصحافيين لدى وصوله للمشاركة في اجتماع أوبك (أ.ف.ب)
TT

تخيم الأزمة المالية العالمية والاضطراب الكبير في السوق النفطية الذي أدى إلى تراجع حاد في سعر البرميل، لينزل اقل من67 دولارا امس بعد ان بلغ 147 دولاراً قبل ثلاثة أشهر فقط على الاجتماع الطارئ لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) اليوم في فيينا لمناقشة خفض الإنتاج. وفيما ذكر وزراء نفط أوبك أنهم قد يبحثون امكانية خفض سقف انتاج الدول الاعضاء بنسبة 1.5 إلى 2.5 مليون برميل يومياً يقول الخبراء إن خفضا بسيطا قد لا يكون كافيا لضبط الأسعار. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي أنتجت دول اوبك حوالي 29.1 مليون برميل يوميا، وهو ما يزيد عن الحصة المتفق عليها بنحو 270 ألف برميل يومياً. وقال وزير الطاقة الجزائري، شكيب خليل، رئيس منظمة أوبك، امس انه على المنظمة أن تتجنب إلحاق الضرر بالدول التي تعاني من جراء الازمة الاقتصادية العالمية، وانها قد تحتاج لعقد أكثر من اجتماع لتنفيذ أي خفض في الامدادات، فيما قال وزير النفط السعودي علي النعيمي ان السوق هي التي ستحدد سعر النفط الخام. وقال النعيمي للصحافيين لدى وصوله للمشاركة في اجتماع أوبك «الاسعار ستحددها السوق».

واكد لـ«الشرق الأوسط» الخبير النفطي بيتر كامب من «انرجي انتلجنس» ان «تراجع الاسعار كان مفاجئا وحادا». واشار الى «ان المخاوف الاقتصادية خفضت بالتأكيد الطلب على النفط، وان العرض في السوق أكثر من الطلب».

وقالت مؤسسة «جي.بي.سي» للاستشارات النفطية امس «بما أن الأسواق في حالة اضطراب خطير، فإن خفض مليون برميل ربما ينظر إليه على أنه أقل من اللازم، وانه جاء في وقت متأخر.. ويمكن حتى أن يؤدي إلى تراجع كبير في الأسعار».

وقال خليل أمس «ما يشغل الدول المنتجة هو أن أيَّ قرار يتخذ يجب ألا يزيد من معاناة الدول المستهلكة». وأكد مجددا تصريحاته السابقة عن أن أوبك يتعين عليها موازنة احتياجات المستهلكين والمنتجين في قرارها بشأن الانتاج في اجتماعها اليوم. وقال «القرار يجب ألا يترك الدول المنتجة في وضع يجعلها تنضم لمجموعة الدول التي تعاني بالفعل من الازمة المالية». وأضاف «المشكلة في الاجل الطويل هي أن القرار الذي يتخذ اليوم قد يؤثر على صناعة النفط لمدة ثلاث سنوات». وتابع انه يفضل أن يكون سعر سلة نفط أوبك 90 دولارا للبرميل لضمان تنفيذ مشروعات النفط والغاز. وتابع خليل «الأزمة المالية سيكون لها تأثير بالفعل على امدادات النفط في العامين المقبلين، وسيكون لها بالطبع أثر على أسعار النفط، أيا كان ما سنفعله الآن». وقال «ربما نحتاج لاتخاذ عدة قرارات.. على مدى فترة زمنية لنتمكن حقيقة من ضبط الاسعار». وأضاف «يتعين اتخاذ قرار حاسم الآن... للمساعدة على تحقيق استقرار الاسعار ثم اتخاذ قرارات أخرى بعد ذلك». وقال خليل ان أي انخفاض كبير في اسعار النفط سيضر بمشروعات لضخ امدادات جديدة مما يهدد بالمزيد من الضغوط التي ترفع الاسعار في الاجل الطويل. وأضاف «يمكنني أن ابلغكم الآن ان المشروعات الجديدة ستتأثر» موضحاً ان مشروعات بمليارات الدولارات ستحتاج لتمويل البنوك الاجنبية التي تضررت من الازمة المالية. وتردد الخبير النفطي كامب في ابداء رأيه حول السعر الافضل والعادل للطرفين (المنتج والمستهلك)، غير أنه عبر عن اعتقاده «أن المشاريع النفطية للدول المنتجة بحاجة الى سعر في حدود 80 دولاراً للبرميل، وفي في الظروف الاقتصادية العادية، فإن 80 دولاراً سعر عادل للدول المستهلكة». وأضاف «في كل حال فمثلما اكدت السعودية فإن السوق هو الذي يقرر في الأخير».

من ناحيته، اعتبر وزير النفط الكويتي محمد العليم امس انه يتعين على اوبك ان تقرر خفضا معقولا للانتاج مع مراعاة الازمة المالية الدولية في اي قرار تتخذه. وقال العليم للصحافيين قبل مغادرته الى فيينا للمشاركة في الاجتماع الطارئ لأوبك، «ان هناك فائضا في الاسواق (...) ويجب على أي حال اتخاذ اجراءات إن عاجلا او اجلا». واضاف «اننا قلقون بشأن الازمة المالية، واعتقد ان اي اجراء سيتخذ يجب ان يأخذ في الاعتبار هذه المشكلة». وردا على سؤال حول حتمية خفض الانتاج، قال العليم «أظن أن علينا ان نوازن جميع الامور وذلك بالتعامل مع الفائض في الخام ومع الازمة المالية التي اثارت المخاوف من حدوث ركود عالمي». من جانبه، قال وزير النفط العراقي امس، ان الطلب على النفط انخفض بشدة، وان من الضروري خفض انتاج منظمة أوبك. وبلغ سعر النفط امس أقل من 67 دولارا للبرميل. وقال الشهرستاني ان أي انخفاض في الاسعار دون 80 دولارا للبرميل سيؤثر على ميزانية 2009، وان العراق قد يضطر لإعادة النظر في ميزانيته المقترحة.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، رأى محللون في منطقة الخليج ان المملكة العربية السعودية، اكبر منتج للنفط داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، ستعارض على الارجح المطالبة بخفض كبير في انتاج المنظمة لكي لا تزيد الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد العالمي. ويدعو «المتشددون» في الكارتل النفطي، على غرار ايران، ثاني اكبر منتج في اوبك، الى اقرار خفض كبير في الانتاج لوقف تدهور الاسعار اثناء الاجتماع الطارئ للمنظمة الجمعة في فيينا. وهكذا اعلن وزير النفط الايراني غلام حسين نوذري لدى وصوله امس الى العاصمة النمساوية، ان خفض الانتاج بنسبة حوالي مليوني برميل من النفط في اليوم سيؤدي «الى استقرار السوق». ونقلت (ا.ف.ب) عن الخبير الاقتصادي السعودي عبد الوهاب ابو داهش قوله «اعتقد ان اقصى ما يمكن ان تقبل به المملكة العربية السعودية هو سحب الكميات الاضافية التي بدأت ضخها هذا الصيف لتهدئة السوق التي كانت تميل الى الارتفاع». وكانت الرياض قد زادت آنذاك انتاجها بواقع 500 الف برميل في اليوم ليبلغ 9.7 مليون برميل في اليوم. وتؤمن السعودية مع الامارات العربية المتحدة والكويت وقطر اكثر من نصف الانتاج الرسمي للدول الاثنتي عشرة الاعضاء في منظمة اوبك التي يبلغ الحد الاقصى لانتاجها 28.8 مليون برميل في اليوم. ومن بين هذه المجموعة، وحدها قطر التي تنتج نحو 800 الف برميل في اليوم من اصل 15 مليونا تنتجها الدول الاربع، اعربت حتى الان عن رغبتها في خفض الانتاج بواقع مليون برميل في اليوم لاستقرار الاسعار ضمن نطاق سعري يتراوح من 80 الى 90 دولاراً للبرميل. وقال ابو داهش «ان المملكة العربية السعودية لا ترغب في سعر برميل للنفط ادنى من 60 دولارا. وفي الظروف الحالية، سيكون سعرا جيدا للحفاظ على التوازن المالي». وراى انه سيكون امام اوبك خيارات صعبة مع «تدهور الاسعار وطلب غير واضح واقتصاد عالمي ينزلق نحو الانكماش». وعن توقعاته حول «ماذا ستقرر السوق في المستقبل»، قال الخبير النفطي كامب «لننتظر ما يفضي اليه اجتماع أوبك، وهي التي ستحدد اتجاه أسعار النفط سواء نحو الصعود أو الهبوط». وعبر الخبير النفطي عن تفهمه لمخاوف الدول المنتجة ليس في الشرق الأوسط فحسب من انهيار الاسعار الى مستويات تهدد توازنها المالي. وكانت وكالة التصنيف «ستاندرد آند بورز» قد قالت انه اذا انخفض سعر النفط دون 40 دولارا للبرميل. وظل في هذا النطاق حتى عام 2015 وهو أسوأ التصورات المحتملة، فان عواصم الخليج العربية عدا ابوظبي ستواجه «عجزا ماليا كبيرا».

وقفزت اسعار النفط للعقود الآجلة أكثر من دولار في التعاملات الاسيوية امس لكنها سرعان ما تراجعت عن مكاسبها مع صعود الدولار وتنامي المخاوف من أن ركودا عالميا محتملا سيقلص الطلب على الطاقة. وسجل الخام الاميركي للعقود تسليم ديسمبر (كانون الاول) 66.77 دولار للبرميل مرتفعا سنتين بعد أن كان قفز في وقت سابق من اليوم 1.06 دولار متجاوزا مستوى 67 دولارا. وتراجع خام القياس الاوروبي مزيج برنت 9 سنتات الى 64.43 دولار للبرميل. وكشفت ارقام أوبك في فيينا تراجع سعر سلة نفط المنظمة بنحو 3.53 دولار أول من أمس.

وشهدت الأسعار تراجعا متأثرة بهبوط أسعار الأسهم والتقارير بشأن زيادة الاحتياطي الاميركي من النفط وانخفاض الطلب بالولايات المتحدة، مما أدى إلى ثبات سعر البرميل (159 لترا) من النفط الخام من سلة أوبك عند 60.82 دولار أول من أمس مقابل 64.35 يوم الثلاثاء. وتعتمد فاعلية الإجراءات التي ستتخذ في اجتماع أوبك اليوم لرفع سعر البرميل لأعلى من 80 دولارا على الاقتصاد العالمي، صحة أسواق الأسهم وقيمة اليورو مقابل الدولار. ويقول المحللون إن عاملا آخر يقف خلف تراجع أسعار النفط الخام أول من أمس، وهو ارتفاع مخزون النفط الخام في الولايات المتحدة بشكل فاق التوقعات. وإضافة إلى ذلك، ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية فإن إمدادات منتجات النفط الأميركي للمنازل انخفضت بنسبة 8.5 في المائة الأسبوع الماضي مقارنة بنفس الفترة العام الماضي.

* أقوال..

* «اننا قلقون بشأن الازمة المالية، واعتقد ان اي اجراء سيتخذ يجب ان يأخذ في الاعتبار هذه المشكلة» وزير النفط الكويتي محمد العليم متحدثا في فيينا أمس قبل اجتماع «أوبك» > «إن خفض الانتاج بنسبة حوالي مليوني برميل من النفط في اليوم سيؤدي الى استقرار السوق» وزير النفط الايراني غلام حسين نوذري متحدثا في فيينا أمس. > «أوبك تعمل على خفض انتاجها بهدف رفع الاسعار، ما يضر بالاقتصاد الاميركي، ومصالح المستهلكين.. ليس قانونيا ان تحدد اوبك اسعار النفط او خفض انتاجه او احتكاره» المحامي الاميركي لاري كليمان، مصرحا في فيينا أمس بعد رفض سكرتارية «اوبك» استلام صورة من دعوى قضائية رفعها ضد المنظمة 

* أرقام

* في سبتمبر (أيلول) الماضي أنتجت دول أوبك حوالي 29.1 مليون برميل يوميا، وهو ما يزيد عن الحصة المتفق عليها بنحو 270 ألف برميل يوميا. > ذكر وزراء نفط أوبك أنهم قد يبحثون امكانية خفض سقف انتاج الدول الاعضاء في المنظمة بنسبة 1.5 إلى 2.5 مليون برميل يوميا في الاجتماع الطارئ للمنظمة اليوم. > تؤمن السعودية مع الامارات العربية المتحدة والكويت وقطر أكثر من نصف الانتاج الرسمي للدول الـ12 الأعضاء في أوبك التي يبلغ الحد الاقصى لإنتاجها 28.8 مليون برميل في اليوم. ومن بين هذه المجموعة، وحدها قطر التي تنتج نحو 800 الف برميل في اليوم من اصل 15 مليونا تنتجها الدول الاربع. > كشفت ارقام أوبك في فيينا تراجع سعر سلة نفط المنظمة بنحو 3.53 دولار أول من أمس. وتراجع سعر البرميل (159 لترا) من النفط الخام من سلة أوبك عند 60.82 دولار أول من أمس الاربعاء مقابل 64.35 يوم الثلاثاء. > وكالة التصنيف «ستاندرد آند بورز» قالت انه اذا انخفض سعر النفط دون 40 دولارا للبرميل وظل في هذا النطاق حتى عام 2015 وهو أسوأ التصورات المحتملة، فان عواصم الخليج العربية عدا ابوظبي ستواجه «عجزا ماليا كبيرا».