خبراء يكشفون في القاهرة عن وسائل جديدة لحماية الصحافة المطبوعة من شبح التكنولوجيا الرقمية

المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق تعرض اليوم تجربتها في مؤتمر «إفرا»

مطور التحرير الإعلامي السويدي بينجيت إنجوال يتحدث عن مستقبل الإعلام في مؤتمر «إفرا» في القاهرة (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

ما بين موجات التشاؤم والتفاؤل إزاء مستقبل الصحافة المطبوعة في عالم يتجه نحو التكنولوجيا الرقمية، تباينت رؤى وآمال خبراء الصحافة والإعلام والنشر والطباعة من 20 دولة، في اليوم الأول لفعاليات مؤتمر «منظمة إفرا الشرق الأوسط» الذي بدأ بالعاصمة المصرية أمس، وشاركت فيه المملكة العربية السعودية من خلال عدد من شركات الصحافة؛ منها المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، التي سيقدم تجربتها في عالم النشر والصحافة الرئيس التنفيذي، الدكتور عزام الدخيل في جلسة تنعقد صباح اليوم. ويعنى المؤتمر الذي تعقده «افرا» بالتعاون مع مؤسسات إعلامية عربية ودولية للعام الرابع في منطقة الشرق الأوسط، بصناعة النشر الصحافي وتقنياته المختلفة. وأدلت قيادات تنفيذية في عالم النشر والعمل الصحافي في العالم بدلوها في الجلسات الأولى التي بدأت أمس بمناقشة إشكالية الطباعة الورقية للصحف والكتب في عالم يسير قدماً في اتجاه القراءة ومتابعة الأخبار والتقارير وغيرها من المعلومات عبر أجهزة الكومبيوتر والهواتف الجوالة. ومن معهد تقنيات الطباعة والإعلام بجامعة كيمنيتز للتقنية في ألمانيا، قال الدكتور أرفيد هوبلر: «إن مقولة الرئيس التنفيذي لشركة ميكروسوفت عام 2000، وتأكيده عليها في الصيف الماضي، بأن الصحف الورقية ستموت وتنتهي بحلول عام 2018، ما زالت قائمة». وأضاف هوبلر أن المؤشرات بهذا الخصوص تظهر واضحة في الصحف الأميركية. وذكر «أن ثمة تغييراً في سلوك المستخدمين وسلوك المعلنين والإعلان نفسه، فالكل يتجه للاعتماد على الكومبيوتر والإنترنت للوصول إلى أكبر شريحة من القراء.. الجيل الجديد من الشباب يرى أن الصحف الورقية مملة». واعتبر هوبلر أن الاعتماد على متابعة الأخبار عبر الهواتف الجوالة في تزايد مستمر. «والإعلان المطبوع، وإن كان يتمتع بمرونة قليلة ما زال له وجود في السوق، لكن الإعلام الالكتروني وبالتالي ما يصاحبه من إعلانات يسير باتجاه نمو كبير». وكشف هوبلر عن ابتكار جديد يمكن أن يزاوج بين الطباعة الورقية والالكترونية، مشيراً إلى أنه بدأ ينتشر في عدة بلدان متقدمة؛ على رأسها ألمانيا، سماه «الالكترونيات المطبوعة»، التي تتكون من مواد كـ«البوليمرات» والمواد الهجينة، وما يسمى «النانو اللا عضوية». وقال: «لدينا مجموعة جديدة لبناء الكترونيات حديثة.. هذه الالكترونيات المطبوعة تسمح لنا ببناء الالكترونيات. وتشكيلها ليس في استخدام ثابت كما هو موجود الآن، بل يمكنك أن تطبع بعضها مع بعض، وهذا هو الشكل المتوقع للالكترونيات المطبوعة في المستقبل. ومن المتوقع أن تكون عالية الجودة للغاية ورخيصة الثمن أيضاً بالمقارنة بالطباعة التقليدية الحالية. والصحف ستفكر في مثل هذه التكنولوجيا الحديثة، بحيث تكون هناك قيمة مضافة للمستهلك». أما دوغلاس اوكاساكي، المدير الإقليمي للشرق الأوسط وأفريقيا لجمعية التصميم الصحافي بالإمارات العربية المتحدة، فبرغم تشديده على ضرورة الاهتمام الكبير بالاسم التجاري للمنتج الإعلامي، تطرق إلى الهاجس الذي يشغل بال العاملين في مجال الصحافة المطبوعة. وتحدّث في جلسة أمس عن «أهمية إدارة العلامة التجارية وكيفية بناء علامة قوية للنشر الصحافي»، فقال إنه يجب الفصل بين الصحيفة في طبعتها الورقية والطبعة التي تضعها على الإنترنت، مع أهمية أن يكون هناك الكثير من النقاط المشتركة بينهما. من جهته، قال مارك ساندز، مدير قسم التسويق بصحيفة «الغارديان» البريطانية: «نحن لا ننقل الصحيفة على الموقع الالكتروني.. ومَنْ يعمل للصحيفة الورقية ليس بالضرورة هو من يعمل على الموقع الإلكتروني للصحيفة»، مشيراً إلى أن التصميم على الإنترنت يعبر عن «الغارديان» لكن ليس كما هو في الطبعة الورقية، وأن هذا لا يقلل أبداً من أهمية الاسم التجاري للصحيفة. وأضاف ساندز «المستقبل يعتمد على الإنترنت إلى حد كبير.. وما لم نطور أنفسنا ونحافظ على منهج المصداقية والموضوعية والحياد، وتطوير فرص الإعلان على الإنترنت من خلال الغارديان، فلن نستطيع المنافسة مستقبلا»، ثم أوضح «أنه بعد هجوم 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 على مركز التجارة العالمي بالولايات المتحدة «تكثف الدخول على موقع الصحيفة بشكل جنوني. واكتشفنا أن الصحافة الأميركية كانت تركز على جانب معين يتعلق بأحداث 11 سبتمبر، بينما كنا في «الغارديان» ننشر كل ما يتعلق بالحدث من جميع الجوانب، وهذا الأمر جعل القراء في مدينة نيويورك ثاني أكبر عدد لقراء صحيفتنا بعد لندن»، مشيراً إلى أن 20% من قراء «الغارديان» يصلون إلى الصحيفة عبر محرّك البحث «غوغل».. وحول تأثير الانترنت على توزيع «الغارديان»، قال ساندز: «لم يتغير الوضع حتى الآن، فيوما السبت والأحد من كل أسبوع، يكون الضغط على زيارة موقع الصحيفة على الإنترنت أقل لصالح زيادة عدد قراء الطبعة الورقية»، لكنه أضاف: «أعتقد أن استهلاك الصحافة المطبوعة ينخفض.. مبيعات الصحيفة المطبوعة ستنخفض إلى حدٍّ كبيرٍ وسنخسر الكثيرَ مالياً». ودعا الدكتور جورج نوبار سيمونيان، من كلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان في مصر، «الإعلام التقليدي ليدفع بنفسه بقوة إلى الأمام لكي يتواكب مع التطورات التقنية الحديثة». وأشار إلى أن «نمو الإعلام أصبح يسير بخطى أسرع من نمو الإعلانات.. وستستحوذ الإنترنت على 10 % من حجم الإعلانات المتاحة لوسائل الإعلام التقليدية عام 2012». وتضمنت مداخلات العديد من المشاركين أمس قلقاً من تنامي الإعلام الالكتروني على حساب الإعلام المطبوع. كما قدّم عدد آخر من المشاركين تجاربَ في تطبيق تقنيات ما قبل الطباعة وعملية إنتاج المطبوعة الورقية بالكامل. يُشار إلى أن مؤتمر «إفرا الشرق الأوسط» انعقد العام الماضي بالعاصمة البحرينية، المنامة. وعقد عام 2006 في أبوظبي. أما أول مؤتمر لها، فقد عقد في بيروت عام 2005. وتعمل منظمة «إفرا» العالمية التي تتخذ من مدينة دارمشتات الألمانية مقراً رئيساً لها على تقديم خدمات في مجال البحث والنشر الصحافي ووضع المعايير والمؤتمرات والدورات التدريبية وتقديم الاستشارات للمؤسسات الإعلامية والصحافية.