قبطان «المنصورة» لـ«الشرق الأوسط»: القراصنة أطلقوا النار علينا وأتلفوا أجهزة الاتصالات

روى تفاصيل الاختطاف والإطلاق واللحظات الصعبة لطاقم السفينة المصرية

TT

تجربة اختطاف القراصنة لسفينة في عرض البحر، تجربة مريرة ومخيفة لكل من مر بها على السواحل الصومالية في الشهور الأخيرة. فقبل شهرين تقريبا وقعت السفينة المصرية «المنصورة» ضحية لقراصنة الصومال، وظلت محتجزة وطاقمها البالغ 25 بحارا مصريا طيلة 23 يوما في أجواء مرعبة وتحت تهديد السلاح، حتى تم دفع الفدية وانتهاء الأزمة التي يبدو أنها ستطول لسفن ودول أخرى باستمرار الفوضى على السواحل الصومالية.

قبطان السفينة المصرية «المنصورة» تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن رحلة الاختطاف وتفاصيلها الحزينة بدءا من لحظاتها الأولى وعملية التفاوض والتحرير بعد دفع الفدية، محذرا من أن المقاومة مع القراصنة لا تفيد في كثير من الأحيان.

ويقول القبطان محمود حماد إن «حادث الاختطاف وقع في يوم 3 سبتمبر (أيلول) الماضي في الساعة 7.20 صباحا، ونحن في طريقنا من ميناء الإسكندرية إلى دولة جيبوتي لتسليم شحنة إسمنت، في خليج عدن، وعلى بعد 12 ميلا بحريا من ميناء (الملكي) اليمني.

هاجمنا لنشان بحريان على متن كل واحد منهما 7 أشخاص مدججين بالبنادق الرشاشة والـ«آر.بي.جي» والمسدسات، وتحدثوا إلينا طالبين منا الوقوف، وإلا سيقومون باستخدام القوة معنا لإجبارنا على التوقف، حاولنا المقاومة عبر رشهم بمدافع المياه القادرة على إغراق اللنشات الصغيرة للدفاع عن أنفسنا، إلا أنهم بادروا بإطلاق النار علينا، فعدنا للخلف وبدؤوا على الفور في صعود السفينة، وتعاملوا معنا بمنتهى القسوة، وأتلفوا أجهزة الاتصالات وأوقفوا الماكينات». وتابع حماد «وضعونا في غرفة واحدة، وبعدها أخذوني إلى كابينة القيادة وأجبروني على التوجه إلى أحد السواحل الصومالية المشرفة على خليج عدن وتدعى Cauula».

ويضيف حماد أن «عدد القراصنة زاد هناك إلى 35 شخصا بعضهم يرتدي الملابس العسكرية، والبعض الآخر بلباس مدني، ثم تحركوا بنا مرة أخرى جنوبا إلى منطقة تشرف على المحيط الهندي، تسمى Garacad حيث تأكد القراصنة أنهم بمأمن من أي هجوم محتمل لتحرير السفينة، وقاموا بربطها على «المخاطيف»، فخفت ساعتها قبضتهم على الطاقم، وسمحوا لنا بالتحرك بحرية داخل السفينة».

ويتابع حماد «بدأت المفاوضات التي كنت فيها ألعب دور الوسيط بين القراصنة من ناحية والحكومة المصرية ومالكي السفينة من ناحية أخرى، موضحاً أنهم طلبوا في البداية 3 ملايين دولار فدية، حيث تحدث واحد منهم مع أحد المسؤولين المصريين، قائلا إنه سيتحدث لمرة واحدة فقط، موضحا أن الحل هو دفع الفدية، وإلا فإنهم سيقومون بقتل الطاقم والاستيلاء على السفينة». ويستطرد حماد قائلا «استغرقت المفاوضات 13 يوما، تم فيها تخفيض الفدية إلى 600 الف دولار، حيث جرى الاتفاق على تسليمهم المبلغ من مسؤولين مصريين في داخل الصومال، في حين أرسل القراصنة ثلاثة أشخاص منهم إلى منطقة تسمى Galcaio وهناك تسلموا مبلغ الفدية، وبعد يومين أطلقوا سراحنا يوم 26 سبتمبر، تاركين حمولة الأسمنت كما هي على متن السفينة، بعدما حصلوا على ما يريدون».

ويبين القبطان حماد أن القراصنة كانوا يتحدثون معهم من وقت لآخر، وأنهم كانوا يعترفون بأنهم لصوص ومطاردون ولا يتبعون أحدا، ولا يريدون سوى المال فقط. وتابع «قاموا بسرقة كل متعلقاتنا الشخصية حتى الملابس التي كنا نرتديها أخذوها، واضطررنا لشراء ملابس للعودة بها إلى مصر». ويصف حماد الخاطفين قائلا إن «أحجامهم صغيرة وشبه عراة وغير ملثمين، وأعمارهم تتراوح ما بين 20 ـ 24 عاما، ويشبهون نظام «الفتوات» أو الإقطاعيات حيث يكون في كل منطقة «فتوة» وله صبيان يمارسون القرصنة ويأتون إليه بالمال، وبعضهم ينقلب على رئيسه طالباً أن تأتيه الفدية إلى المركب ليتحول هو الآخر إلى فتوة جديد». ويضيف حماد «أن معاملتهم كانت قاسية للغاية، رغم أننا كنا في شهر رمضان وصائمين، وكنا نأكل بأوامرهم بعدما يقوم طباخ السفينة بإعداد الطعام، وبعدما نفذ طعامنا بدؤوا يحضرون لنا طعاما من اليابسة، هو عبارة عن لحوم الماعز والخراف».

وقال حماد انه في الفترة التي قضاها مختطفا، كان هناك عدد آخر من السفن المختطفة الأخرى، من بينها 3 سفن إيرانية تحمل إحداها بارودا لإريتريا، فضلا عن 4 مراكب ماليزية كانت كلها في انتظار دفع الفدية لإطلاق سراحها حيث لا سبيل آخر سوى الدفع.

ويحكي القبطان حماد أنه أثناء عملية اختطاف سفينته، كانت هناك مدمرة انجليزية على بعد 5 أميال بحري منه، وظلت تسير بجواره لمدة 5 ساعات، من دون تدخل منها رغم معرفتها بحدوث الاختطاف، وكل ما قامت به هو إبلاغ السلطات المصرية عن الحادث فقط. ويرى حماد أن هناك مؤامرة على سلامة الملاحة في البحر الأحمر، وتواطؤا بين أطراف عديدة لضرب الاقتصاد العربي، والتأثير على قناة السويس.

وطالب القبطان المصري، الحكومات العربية بالتنسيق لفرض الأمن في البحر الأحمر، الذي يحتاج على حد قوله إلى قوة تحميه.

في الوقت الذي بدأت فيه أكاديمية النقل البحري المصرية، في إجراء دورات تدريبية لقباطنة السفن المصرية على مكافحة القرصنة في البحر الأحمر.