مجلس الأمن يدعم عملية أوروبية لمكافحة القرصنة قبالة الصومال.. والناتو يدرس التدخل المباشر

إطلاق سفينة يمنية بلا مقابل * مصدر صومالي: مفاوضات إطلاق السفينة الأوكرانية جرت على متن بارجة أميركية

TT

اعرب مجلس الامن الدولي في قرار أصدره أمس، عن دعمه الرسمي للعملية البحرية التي يتوقع ان يباشرها الاتحاد الاوروبي في الثامن من ديسمبر (كانون الاول) لمكافحة اعمال القرصنة قبالة السواحل الصومالية. واعرب مجلس الامن في القرار رقم 1846 الذي اقر بالاجماع عن «ارتياحه الكبير» للقرار الذي اتخذه الاتحاد الاوروبي في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي باطلاق عملية «يوناف فور اتلانتا» التي ستكون اول مهمة بحرية يضطلع بها لمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال. واشاد السفير الفرنسي في الامم المتحدة جان موريس ريبير باصدار هذا القرار، معتبرا انه «يوفر القاعدة القانونية لعملية اتلانتا» و«يوجه رسالة قوية حول تصميم المجتمع الدولي على التصدي للقرصنة» في هذه المنطقة. وقالت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الاوروبي ان هذه العملية التي اعلنت في العاشر من نوفمبر في بروكسل ستهدف الى حماية سفن برنامج الاغذية العالمي التي تنقل مساعدات الى نحو ثلاثة ملايين صومالي، اضافة الى مواكبة السفن التجارية ومراقبة المنطقة. وستتألف القوة الاوروبية التي ستعمل بتفويض من الامم المتحدة بموجب القرار 1816 الصادر في يونيو (حزيران) 2008 من سبع سفن في الأقل معززة بطائرات تسير دوريات، على ان تقودها بريطانيا. كذلك «رحب» مجلس الامن بـ«قرار حلف شمال الاطلسي بالتصدي للقرصنة» في المنطقة نفسها، وهي عمليات مراقبة للسفن، دون تدخل مباشر ضد القراصنة. وبناءً على طلب الامم المتحدة، ارسل حلف شمال الاطلسي في نهاية اكتوبر (تشرين الاول) اربع قطع حربية ايطالية ويونانية وبريطانية وتركية لتسير دوريات في خليج عدن وقبالة الصومال. وستحل القوة الاوروبية محل تلك السفن اعتبارا من الثامن من الشهر الجاري. وهي المرة الثالثة في ستة اشهر يصدر مجلس الامن قرارا حول القرصنة قبالة سواحل الصومال، حيث تزداد عمليات احتجاز السفن. وتدرس الدول الأعضاء في «الناتو» كيفية التعامل المباشر مع القراصنة لكن عدداً من المسؤولين والدبلوماسيين في بروكسل اكدوا أن القرار يعتبر قراراً سياسياً ودولياً، مما يجعل الامم المتحدة المنفذ الافضل لمعالجة هذه القضية ووضع الاسس القانونية لها. وفي بروكسل طالب وزير خارجية مصر احمد ابو الغيط حلف الناتو أمس بالعمل على مواجهة القراصنة وحماية منافذ بحرية اساسية؛ منها خليج عدن وقناة السويس. وطرح ابو الغيط قضية القراصنة في غداء عمل جمع وزراء خارجية «الناتو» مع وزراء وممثلي دول «حوار المتوسط» الشريكة مع الحلف. وقال ابو الغيط للصحافيين بعد الاجتماع: «طرح موضوع القرصنة من جانب الوفد المصري.. ومطلبنا هو اتخاذ قرار في مجلس الامن»، موضحاً انه من الضروري «وضع اساس قانوني لمكافحة القرصنة». وقال الناطق باسم الناتو، جيمس اباتوراي، ان قضية القراصنة اخذت حيزاً مهماً من الاجتماع الذي استمر ساعتين، موضحاً: «بينما اثار وزير الخارجية المصري هذه القضية، وبالطبع لبلده مصلحة فيها، كان من اللافت ان عدداً من الوزراء الحاضرين في الاجتماع عبروا ايضاً عن اهتمام بلدانهم بهذه القضية». واضاف اباتوراي في تصريحات لـ«الشرق الاوسط»: «كان الاجتماع الاكثر اثارة منذ بدء حوار المتوسط، ومن الواضح اننا نتقدم في هذه الشراكة». ولفت الناطق الى ان المجتمعين «ابدوا رأياً مشتركاً بضرورة تقوية عملية للامم المتحدة لملء الفراغات في القانون الدولي والتي سمحت للقراصنة باستغلالها». وشرح ان من بين هذه «الفراغات» تحديد قانون دولي لاعتقال او محاكمة القراصنة، قائلاً: «عندما تعترض سفينة دولية القراصنة، عليهم معرفة ماذا يفعلون معهم، ففي الوقت الراهن كل دولة تتعامل معهم حسب القانون الوطني». واشار الى اضطرار سفينة دنماركية اعترضت القراصنة قبل ايام إلى اطلاق سراح القراصنة، اذ لم تكن مخولة اعتقالهم ومحاكمتهم، موضحاً أن هناك قضايا اخرى مثل سيادة المياه ومسؤولية حماية السفن لم تحسم بعد. ولفت مصدر دبلوماسي في «الناتو» الى أن عملية بحرية جديدة لـ«الناتو» ستبدأ في مارس (آذار) المقبل مجدولة منذ فترة في منطقة القرن الافريقي، ولكن لم يُتخذ قرار رسمي بعد لتخصيص هذه العملية لمواجهة القرصنة. واضاف المصدر ان ذلك سيعتمد على المحادثات بين الحلفاء والتطورات في المنطقة. وكانت السفن المشاركة في العملية الحالية في خليج عدن بالقرب من المنطقة في عملية روتينية قبل قرار تخصيصها لحماية المساعدات الانسانية لبرنامج الغذاء العالمي. ولفت دبلوماسي اوروبي في «الناتو» ان التدخل المباشر في منع القرصنة وتحرير السفن غير وارد، موضحاً: «جميع عملياتنا تعتمد على اجماع الاعضاء الـ26، كما انه جرت العادة بالاعتماد على قرار من مجلس الامن قبل القيام بأية عملية عسكرية» خارج اراضي الدول الاعضاء. وعن المصاعب العسكرية في تدخل «الناتو» عسكرياً لمنع القراصنة، لفت مسؤول عسكري الى انه لا توجد خطط في الوقت الراهن للتدخل، رافضاً الخوض في التفاصيل اية عمليات مستقبلة.

وفيما اعلن أمس عن اطلاق سفينة يمنية، كانت محتجزة لدى القراصنة، من دون مقابل، قال بحارة يونانيون نجحوا في احباط غارة على سفينتهم في خليج عدن، إن العمليات التي تقوم بها جهات دولية لم تفلح في صد القراصنة الصوماليين الذين حولوا خليج عدن الى «طريق للرعب». وقالوا ان كل ما قاموا به لم يتجاوز توجيه مرور السفن في الخليج.

وقال نيكوس تزانيتاكوس نائب قبطان ناقلة النفط اليونانية ايليفيتا التي عبرت خليج عدن، الشهر الماضي، تحمل نفطا، لصحيفة «تانيا» اليونانية ان أفراد طاقمه منعوا قراصنة من الصعود الى الناقلة بإحاطة جسم الناقلة بأسلاك مكهربة. وقال تزانيتاكوس إن «السفن الحربية في خليج عدن لم تتصرف إلا كشرطة مرور». وكشفت مصادر صومالية، النقاب عن تفاصيل المفاوضات التي جرت في كتمان تام، وسبقت الإعلان عن قرب انتهاء أزمة سفينة الاسلحة الاوكرانية المحتجزة، مشيرا الى أن إحدى السفن الحربية الأميركية استضافت جانبا من المحادثات النهائية بين القراصنة وممثلين عن الشركة المالكة للسفينة الأوكرانية التي تحمل على متنها 33 دبابة وكميات من العتاد العسكري والذخيرة.

وقالت المصادر إن المفاوضات عقدت على متن السفينة التابعة للأسطول الأميركي الذي اعتاد أن يراقب وضع السفينة عن كثب خشية تسرب شحنتها العسكرية إلى أيدي المتشددين في الصومال، وتم ذلك بناء على دعوة وجهها ضباط السفينة إلى القراصنة.

وأكد سوجولى علي، الناطق باسم القراصنة صحة هذه المعلومات، وقال «انه بعد مفاوضات طويلة وافقنا على إخلاء سبيل السفينة وإطلاق سراح طاقمها المكون من 20 شخصا بعدما تلقينا الفدية».