«الناتو» يستأنف علاقاته مع روسيا.. بشروط

رايس: ضميري مرتاح تجاه موسكو.. والحلف بخير

TT

أعلن حلف شمال الاطلسي «الناتو» امس استئناف العلاقات مع روسيا بعد تجميدها الصيف الماضي اثر الاجتياح الروسي للاراضي الجورجية. واعلن الامين العام لحلف شمال الاطلسي ياب هوب دي شيفر مساء امس، عقب اجتماع مطول بين وزراء خارجية «الناتو» استئناف العلاقات مع روسيا «على صعيد غير رسمي»، في محاولة للالتزام بموقف «ناتو» الرافض للسياسة الروسية تجاه جورجيا، وفي الوقت نفسه استئناف العلاقات الضرورية بين الطرفين. وهيمن موضوع العلاقات الغربية مع روسيا على اجتماعات وزراء خارجية «الناتو» امس، حيث كانت الولايات المتحدة في مقدمة الدول الرافضة لاستئناف المحادثات مع روسيا في اطار «مجلس الناتو ـ روسيا».

وكانت العلاقات مع روسيا جوهر مؤتمر وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الصحافي الاخير في الحلف. ورداً على سؤال حول سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا وعدم مراعاة مخاوف موسكو وشعورها بالخطر من توسيع الناتو، قالت رايس: «ضميري مرتاح تجاه روسيا». واضافت: «لقد اعترفت سابقاً بالصعوبات التي واجهت الروس في التسعينيات من القرن الماضي ونعرف انهم رأوا تلك الحقبة بحرج واهانة ولكن لم نرها بهذه الطريقة»، موضحة: «لقد مدت ادارتا (الرئيس السابق بيل) كلينتون و(الرئيس جورج) بوش يديها بكل طريقة لروسيا ومرة اخرى اقول ضميري مرتاح فقد عملنا كل شيء». وتابعت: «لا نريد عزلة روسيا ولا نعترض على اعادة الاتصال معها، ولكن المهم هو كيف نفعل ذلك»، لافتة الى انها التقت بنظيرها الروسي سيرغي لافروف مرات عدة وان العلاقات مستمرة. وفي ما يخص استئناف العلاقات على صعيد الناتو، رغم معارضة واشنطن الاولية، قالت: «هذا موقف ملائم للحلف ولكنه ليس عودة الاعمال على ما كانت عليه». وتحدثت رايس بعاطفة حول توديعها للحلف، قائلة انها سعيدة بتقوية الحلف والوقت الذي قضته مستشارة للأمن القومي ووزيرة للخارجية. وأضافت: «كنت هنا في التسيعينيات من القرن الماضي مع نهاية الحرب الباردة والسؤال عن مصير الحلف مع اندثار الاتحاد السوفياتي، لكنه جدد نفسه وذلك يبعث السعادة». واضافت انها تترك الحلف وهو «بأيد أمينة ومستقبله آمن ايضاً». وبينما تحدثت رايس عن رحيلها من وزارة الخارجية، اشاد نظيرها الفرنسي برنار كوشنير بعملها. ورداً على سؤال حول عملية السلام، قال كوشنير: «احيي كوندوليزا رايس، فمسار انابوليس هو مسار رايس»، داعياً الى مواصلة دعم عملية انابوليس. وقال شيفر في مؤتمر صحافي عقب 3 ساعات من نقاشات وزراء خارجية «الناتو» امس ان العلاقات في «مجلس الناتو ـ روسيا» ستستأنف بشكل غير رسمي، مضيفاً ان وزراء الخارجية وكلوه لـ«اعادة اتصال تدريجي ومشروط» مع موسكو. ويعتبر هذا القرار نصراً لروسيا، بعدما قرر وزراء خارجية «الناتو» عدم منح جورجيا واوكرانيا «خطة عمل العضوية» للالتحاق بالحلف الاطلسي في الوقت الراهن. ولكن شدد شيفر امس على ان هذا لا يعني التخلي عن الدولتين، مضيفاً ان وزراء الخارجية اتفقوا على تقوية «لجنة الناتو ـ جورجيا» و«لجنة الناتو ـ اوكرانيا» للاشراف على الاصلاحات الضرورية للبلدين من اجل انضمامهما للحلف. وشدد شيفر على ان «الناتو» اكد مجدداً على قرارات قمة «الناتو» في بوخارست التي تضمنت التأكيد على عضوية جورجيا واوكرانيا في الحلف مستقبلاً. واضاف ان الوزراء قرروا توسيع عمل بعثة «الناتو» في كل من تبليسي وكييف. وكانت العلاقات مع روسيا موضع نقاش مطول في اروقة الناتو خلال الاسابيع الماضية استعداداً لاجتماع وزراء الخارجية الذي ينهي اعماله اليوم. وقال دبلوماسي اوروبي لـ«الشرق الاوسط» ان عدداً من الدول الاوروبية تساند الموقف الاميركي الداعي للحزم مع روسيا، مطالبة بعدم عودة العلاقات الطبيعية مع روسيا في الوقت الراهن لكنها في الوقت نفسه تعلم بان ذلك غير ممكن على المدى البعيد. ولهذا السبب، تركز هذه الدول التي تشمل ليتوانيا وبولندا، على السعي لعرقلة عودة «مجلس الناتو ـ روسيا» حيث تعتبر اصوات الدول الـ26 العضو في الحلف وصوت روسية متساوياً ومبني على الاجماع. وتعتبر هذه الدول بأنه من الضروري تغير «طريقة اجراء الحوار» مع روسيا. ولكن يوجد اعضاء اخرون في الحلف، بينهم المانيا وتركيا، رفضوا هذا الاسلوب واصروا على ضرورة استئناف العلاقات مع روسيا وهذا ما اتفق عليه اخيراً الوزراء. وكانت رايس قد صرحت في لندن قبل توجهها الى بروكسل بأن على «الناتو» ان تكون حذرة في اعادة العلاقات الطبيعية مع روسيا وخاصة على الصعيد العسكري. وقالت رايس: «مبدئياً لا يوجد لدينا مشكلة» في اعادة العلاقات. لكنها اضافت: «يجب ان يكون هناك حذرا، على سبيل المثال، حول الامور العسكري، لأنه مازال الجيش الروسي منتشرا في مناطق انفصالية»، في اشارة الى اقليمي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية. واعتبرت رايس ان نتائج النزاع المسلح في جورجيا كانت سلبية بالنسبة لروسيا، قائلة: «هذه النتيجة كانت سيئة بالنسبة لروسيا، سيئة جداً»، موضحة ان الحرب «زادت من الدعم الدولي لجورجيا بدلاً من تقليلها».