«الشرق الأوسط» تنشر نص وثيقة استراتيجية عمل الاتحاد الأوروبي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط: الطريق إلى الأمام

TT

في ما يلي نص الوثيقة التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» وسيقرها وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في اجتماعهم الاثنين المقبل بعنوان «استراتيجية عمل الاتحاد الأوروبي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط: الطريق الى الأمام»:

* عملية السلام في الشرق الأوسط عند مفترق طرق:

يمثل تحقيق السلام الشامل بمنطقة الشرق الأوسط هدفاً استراتيجياً بالنسبة للاتحاد الأوروبي. وبعد عام من المفاوضات الثنائية المكثفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في أعقاب مؤتمر أنابوليس، وبالنظر للشروع في محادثات غير مباشرة بين سورية وإسرائيل تحت رعاية تركيا، علاوة على جهود تحقيق الاستقرار بلبنان، ينظر الاتحاد الأوروبي إلى الوضع الراهن بالمنطقة باعتباره فرصة ثمينة لا ينبغي إهدارها. ويبدي الاتحاد استعداده لتحمل مسؤولياته على هذا الصعيد، طبقاً لما تمليه المصالح الأوروبية الحيوية المعنية. بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ينبغي أن تقوم أي تسوية دائمة وعادلة للصراع على أساس المبادئ التي تم الاتفاق عليها في مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أرقام 242 و338 و1397 و1515، إلى جانب مبادرة السلام العربية وخطة خارطة الطريق والاتفاقات السابقة التي تم إبرامها بين الأطراف المعنية. إن ضمان أمن إسرائيل يتحقق فقط من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية وقادرة على البقاء. وعليه، سيستمر الاتحاد الأوروبي في التركيز على دعم المفاوضات بين الجانبين ومساعدة جهود بناء دولة فلسطينية، علاوة على توفير الدعم لها خلال المرحلة الانتقالية. وسوف نعمل على تعزيز نشاطاتنا الحالية وتعديل أولوياتنا في ضوء التطورات التي تطرأ على العملية السياسية بالمنطقة، بالتعاون مع الأطراف المعنية. ومنذ إقرار «استراتيجية العمل» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، اضطلع الاتحاد الأوروبي، الذي يعد واحداً من أكبر الجهات المانحة وعضو اللجنة الرباعية، بدور رائد وقدم إسهاما كبيرا في العديد من الأحداث الكبرى، التي تم تنظيمها دعماً للعملية السياسية، خاصة مؤتمر أنابوليس (نوفمبر 2007)، مؤتمر باريس للجهات المانحة للدولة الفلسطينية (ديسمبر ـ كانون الأول ـ 2007)، مؤتمر بيت لحم لتعزيز القطاع الخاص في فلسطين (مايو ـ أيار ـ 2008)، مؤتمر برلين لدعم إصلاح القطاع الأمني (يونيو ـ حزيران ـ 2008)، إضافة إلى اجتماعين على مستوى الوزراء للجنة الارتباط الخاصة في لندن (مايو 2008) ونيويورك (سبتمبر ـ أيلول ـ 2008). ولا شك أن التطورات الميدانية تلعب دوراً جوهرياً في خلق الإطار المناسب لإجراء مفاوضات ناجحة. وعلى الفلسطينيين والإسرائيليين الالتزام بمسؤولياتهم في إطار خطة خارطة الطريق، بما في ذلك تجنب الإجراءات والقرارات التي من شأنها تقويض العملية الثنائية وإمكانية إقرار حل يقوم على دولتين. ومن الضروري إقرار تجميد كامل لجميع الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك تلك الجارية بالقدس الشرقية، وتعزيز الجهود الرامية لتحسين مستوى أداء القطاع الأمني الفلسطيني ومحاربة الإرهاب، وكذلك إزالة العقبات أمام حركة الأفراد. وفي هذا السياق، سيمضي الاتحاد الأوروبي قدماً ويعزز من دوره الرقابي من خلال اللجنة الرباعية. ومن أجل مساعدة الأطراف المعنية على التوصل إلى اتفاق بينها في أقرب وقت ممكن، وتشجيعها على إحراز المزيد من التقدم على المستوى الإقليمي، يتعهد الاتحاد الأوروبي بدعم جهود السلام الحالية بأسلوب جاد وملموس، بما في ذلك خلال مرحلة التنفيذ، وتشجيع الولايات المتحدة على الاستمرار في التزامها «السعي الى السلام»، بما في ذلك بناء روابط وثيقة بينها وبين الاتحاد الأوروبي بالمجال العملي، لضمان المشاركة النشيطة للجنة الرباعية، وتعزيز التعاون والتنسيق مع الشركاء العرب، وبصورة خاصة تدعيم مبادرة السلام العربية. ومع مضي العملية قدماً، يبدي الاتحاد الأوروبي استعداده للمساعدة في تحقيق تطلعات جميع الأطراف الإقليمية وقطف ثمار السلام. في هذا الإطار، وفي أعقاب اجتماع مجلس الشراكة الأوروبي ـ الإسرائيلي في يونيو 2008، سيستمر الاتحاد في العمل مع إسرائيل، من أجل تحديث العلاقات الثنائية، مع السعي لبناء شراكة جديدة وقوية بين الجانبين عام 2009. كما سيعمل الاتحاد على تعزيز علاقاته بالسلطة الفلسطينية وتشجيع إسرائيل على رفع العقبات أمام تنفيذ اتفاق الشراكة المؤقتة بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التحرير الفلسطينية. وبمجرد إقامة الدولة الفلسطينية، بحيث تصبح كياناً قانونياً كاملاً، سيسعى الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاق شراكة كامل معها.

* دعم جهود بناء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة: منذ إقرار «استراتيجية العمل» الخاصة بالاتحاد الأوروبي، أثمرت الجهود التي بذلتها المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء عن تقديم ما يتجاوز مليار يورو إلى الفلسطينيين. وإضافة إلى مساعداتنا الإنسانية والطارئة، تم تخصيص النصيب الأكبر من الأموال، التي أسهمنا بها لجهود بناء الدولة. وسوف يمضي الاتحاد الأوروبي قدماً في جهوده الداعمة لبناء دولة فلسطينية موحدة ومتواصلة جغرافيا في الضفة الغربية وقطاع غزة، في إطار جهوده الرقابية في متابعة التزام الأطراف بتعهداتها في إطار خطة خارطة الطريق، ومقررات مؤتمرات أنابوليس وباريس وبرلين.

* دعم إقامة مؤسسات فلسطينية حديثة وديمقراطية: في أعقاب انعقاد مؤتمر باريس في ديسمبر 2007، ووفقاً لخطة الإصلاح والتنمية الفلسطينية، سيستمر الاتحاد الأوروبي في دعمه الموجه إلى تعزيز المؤسسات الفلسطينية، وجهوده لرفع مستوى الدعم المالي الدولي للسلطة الفلسطينية. على مدار ما يزيد على العقد، كانت المساعي الشاملة لبناء المؤسسات والحكم الرشيد في مقدمة الجهود التي بذلها الاتحاد الأوروبي لتمكين السلطة الفلسطينية، خاصة من خلال عمله في إطار «مجموعة استراتيجية الحكم» ذات الأساس المحلي. خلال العام السابق، كثف الاتحاد نشاطاته على هذا الصعيد، بما يتواءم مع أولويات السلطة الفلسطينية، على سبيل المثال بمجالات الصحة والتعليم وتعزيز الإدارة المالية العامة.

* دعم جهود تعزيز الأجهزة الأمنية وحكم القانون: في أعقاب مؤتمر برلين في يونيو 2008، وبالنظر إلى الجهود الملموسة التي بذلتها السلطة الفلسطينية، والتي ظهرت نتائجها في الضفة الغربية، عمد الاتحاد الأوروبي بالفعل نحو توسيع نطاق عمل بعثة الشرطة الموجودة هناك حالياً، بحيث يغطي مجالات التدريب والتجهيز وإعادة بناء منشآت الشرطة والسجون والمنشآت التدريبية. كما وفر الاتحاد الأوروبي التدريب للقضاة والمدعين ومديري المحاكم. وسيتم استكمال المساعدات التي نقدمها للشرطة المدنية الفلسطينية، من خلال توفير دعم أوسع لجهود إدارة الحدود وفرض حكم القانون، بما في ذلك المساعدة على إقامة نظام جزائي وقضائي فاعل. خلال العام السابق، أحرزت السلطة الفلسطينية تقدماً على صعيد نشر قوات أمن فاعلة بمدن ذات أهمية جوهرية داخل الضفة الغربية. وخلال الفترة القادمة، ينبغي توسيع نطاق الوجود الأمني الفلسطيني إلى ما وراء هذه المدن.

* دعم دولة فلسطينية مزدهرة وقادرة على البقاء: يؤمن الاتحاد الأوروبي بضرورة تدعيم قدرة القطاع الخاص على الصمود والابتكار، والمؤكد أن توسع هذا القطاع سيعود بالنفع على الفلسطينيين والإسرائيليين. وسوف نبني على الدعم الذي تم توجيهه إلى القطاع الخاص الفلسطيني خلال مؤتمر بيت لحم في أبريل 2008، بما في ذلك توفير ضمانات ائتمانية وتدريب مهني وتيسير النشاط التجاري. ولا شك أن مثل هذه الجهود ستخلف نتائج إيجابية على عوائد السلطة الفلسطينية. وتبعاً لاتفاق الحركة والوصول المبرم في نوفمبر 2005، ينتظر الاتحاد الأوروبي حدوث تراجع بالغ في حجم العقبات والقيود المفروضة على حركة «المواطنين» والتنقل. أيضاً، ينتظر الاتحاد تجميد كامل الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي «للمستوطنات»، ويشمل ذلك القدس الشرقية، وهي أنشطة تشكل عقبة كبرى أمام بناء دولة فلسطينية قادرة على البقاء. وسوف يستمر الاتحاد الأوروبي في توجيه رسائل واضحة إلى إسرائيل ودراسة السبل العملية لممارسة المزيد من التأثير بخصوص هذه القضايا، «بما في ذلك النظر في أوضاع» السلع الواردة من المستوطنات.

* دعم تحسين الأوضاع في غزة: خلال عام 2008، وفرت المفوضية الأوروبية 125 مليون يورو دعما إنسانيا، تضمن الإسهام في عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأنروا). وقدمت المفوضية الأوروبية الوقود اللازم لتشغيل منشأة الطاقة الرئيسة في غزة. وسوف يستمر الاتحاد الأوروبي في توفير المساعدة والدعم الإنساني لتنفيذ مشروعات تخدم سكان غزة، خاصة بقطاعي الصحة والتعليم. من الضروري الاستمرار في الالتزام بالهدنة المبرمة في غزة، وتنبغي إعادة فتح المعابر بانتظام لضمان تدفق الواردات الإنسانية والتجارية الضرورية لضمان استعادة غزة نشاطها الاقتصادي. ويعلن الاتحاد الأوروبي مجدداً استعداده لإعادة تفعيل بعثته المعنية بالمساعدة الحدودية. كما يساند الاتحاد مبادرة المصالحة الداخلية الفلسطينية التي أطلقها الرئيس عباس وتولت مصر دور الوساطة بها. إضافة إلى ذلك، يدعم الاتحاد الأوروبي الجهود المصرية لإطلاق سراح جلعاد شاليط.

* دعم جهود تسوية الصراعات وبناء الثقة: علاوة على مساندتها جهود بناء الدولة «الفلسطينية»، ومن غير التدخل في المفاوضات أو التأثير على نتائجها، فإن الاتحاد الأوروبي على استعداد لتقديم إسهامات كبرى، إلى جانب باقي أطراف المجتمع الدولي، في ما يخص تنفيذ اتفاق سلام. ومن أجل الاستعداد، سيشرع الاتحاد الأوروبي في تحديد الإسهامات التي بمقدوره تقديمها، بما في ذلك ما يتعلق بقضايا الأمن واللاجئين والقدس. ومن خلال القيام بذلك، يأمل الاتحاد الأوروبي في الإسهام في خلق ديناميكية إيجابية، بغرض مساعدة الأطراف المعنية على اتخاذ قرارات جوهرية بشأن القضايا المحورية. وسوف يناقش الاتحاد هذه الإسهامات المحتملة مع الأطراف والشركاء المعنيين، قبل التعهد بتقديمها. الاتفاقات الأمنية: إذا ما طُلب منه ذلك، سيكون الاتحاد الأوروبي على استعداد للإسهام في الوقت المناسب في بناء نظام من الترتيبات الأمنية التي سيتم الاتفاق عليها بين الأطراف المعنية في إطار جهود إقرار تسوية دائمة. وبناءً على جهوده الراهنة الداعمة لقوات الأمن الفلسطينية وحكم القانون، يدرس الاتحاد الأوروبي تعزيز هذه الإسهامات بدرجة أكبر. وإذا ما لزم الأمر، وبناءً على طلب من الأطراف المعنية وحال موافقة جميع الجهات المشاركة طبقاً لما يتواءم مع إجراءاتها الداخلية، فإن الإسهامات الإضافية من قبل الدول الأعضاء بالاتحاد قد تتضمن عناصر مدنية أو شرطية أو عسكرية. ومن الممكن تكليف العناصر الدولية بصورة رئيسة بمهمة توفير تدريب إضافي لقوات الأمن الفلسطينية، بحيث تتمكن هذه القوات من الاضطلاع بشكل كامل بمسؤولياتها على المناطق الخاصة بالدولة الفلسطينية المنشأة حديثاً، علاوة على مراقبة تنفيذ التعهدات التي قطعها كلا الطرفين على نفسيهما. ومن أجل تنمية مثل هذا التوجه، سوف يجري الاتحاد اتصالات وثيقة مع الأطراف المعنية، وكذلك الولايات المتحدة والشركاء الآخرين المعنيين بالقضية. اللاجئون: دعماً للتوصل إلى تسوية نهائية تتناول قضية اللاجئين بأسلوب متفق عليه يتميز بالعدالة والإنصاف والواقعية، فإن الاتحاد الأوروبي على استعداد، إذا لزم الأمر، المساعدة في خلق و/ أو تفعيل آلية دولية لتنفيذ الترتيبات المعنية بجميع الأطراف، بما في ذلك معالجة الأبعاد اللوجستية والمالية للقضية. وقد يستلزم ذلك تعديل المهام التي تضطلع بها الأنروا. وسينسق الاتحاد بشكل كامل مع الأطراف المعنية والشركاء الدوليين في إطار هذه الجهود، على أساس التشارك المتكافئ في الأعباء. القدس الشرقية: يرتبط عنصر جوهري من جهود بناء الدولة الفلسطينية بتسوية وضع القدس، باعتبارها العاصمة المستقبلية لدولتين. وعلى مدار سنوات عديدة، دعم الاتحاد الأوروبي مستشفيات ومدارس ومراكز اجتماعية تخص الفلسطينيين داخل القدس الشرقية. وسوف يتم تعزيز هذه النشاطات، في إطار العملية السياسية. ومثلما تتوقع خطة خارطة الطريق، سيعمل الاتحاد بنشاط على إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية، بما فيها بيت الشرق.

* دعم السلام الشامل والتعاون الإقليمي: تستلزم التسوية الشاملة للصراع العربي ـ الإسرائيلي اتخاذ توجه إقليمي يكمل تسوية الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. ونحن بحاجة ليس فقط للإبقاء على الزخم الذي تولد عن أنابوليس، وإنما أيضاً للبناء على إنجازات هذا المؤتمر فيما يتصل بلبنان وسورية، علاوة على ضرورة التشجيع على المحادثات الإسرائيلية ـ السورية وأن يصاحبها إسهام قوي من جانب الاتحاد الأوروبي. وتتمثل الأهداف الرئيسة في هذا الصدد في: دعم التوصل إلى إقرار اتفاق سلام بين سورية وإسرائيل وبين لبنان وإسرائيل، وتحقيق الاستقرار داخل لبنان من خلال التنفيذ الكامل لبنود اتفاق الدوحة وإجراء انتخابات عامة عام 2009، وتطبيع العلاقات بين لبنان وسورية، بما في ذلك ما يتعلق بإدارة الحدود، والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 المتعلق بمزارع شبعا، وتنمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وسورية. فيما يتعلق بالبعد الأمني الإقليمي الأوسع نطاقاً، فإن الاتحاد الأوروبي يتعهد بدراسة السبل الممكنة لدعم إقرار ترتيبات أمنية تعاونية إقليمية، بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل والشركاء العرب وغيرهم. وسوف نعمل بصورة وثيقة مع الشركاء العرب، بما في ذلك الجامعة العربية، لصياغة عملية شاملة ونشيطة. وفي هذا الصدد، ينظر الاتحاد الأوروبي إلى مبادرة السلام العربية باعتبارها عنصرا بارزا بمقدوره تحريك عملية السلام قدماً نحو إقرار سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط.

نوفمبر (تشرين الثاني) 2008