وزيرة خارجية جورجيا لـ«الشرق الاوسط»: الناتو لن يقبل بالوضع الراهن في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية

الحلف يتطلع إلى أوباما لتحديد سياساته المقبلة.. وإدارة بوش تختار التهدئة قبل الرحيل

TT

انهى وزراء خارجية حلف الشمال الاطلسي (الناتو) اجتماعهم الوزاري الدوري امس بتخطي عقبة معالجة قضية انضمام جورجيا واوكرانيا للحلف بتأجيلها الى امد غير مسمى، بينما اكد اهمية مواصلة محادثات جنيف بين جورجيا وروسيا لحل الخلافات حول اقليمي ابخازيا واوسيتيا. وعبر عدد من الدبلوماسيين في الناتو عن ارتياحهم لانتهاء الاجتماع باجماع الحلفاء على اعادة المحادثات غير الرسمية مع روسيا، بعد ان أبدت الولايات المتحدة معارضتها لذلك حتى الايام الاخيرة. وعبرت وزيرة الخارجية الجورجية ايكا تكيشيلاشفيلي عن ثقتها بعدم تخلي حلف الشمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي عن بلدها، على الرغم من استئناف المجموعتين علاقاتهما السياسية مع روسيا. وقالت تكيشيلاشفيلي لـ«الشرق الاوسط»، انها حصلت على تطمينات من نظرائها الاعضاء في الناتو، خلال مشاركتها في اجتماع وزراء خارجية الحلف، بأن جورجيا ستنضم الى الناتو في نهاية المطاف، موضحة: «هناك حاجة الى مواصلة الضغط على روسيا، كي تلتزم ببنود اتفاق وقف اطلاق النار، والناتو والاتحاد الاوروبي اكدا أنهما لم يقبلا بالوضع الراهن في ابخازيا واوسيتيا الجنوبية» الانفصالية التي اعترفت موسكو باستقلالهما. واضافت: «الناتو متفق على ضرورة تغيير الوضع الراهن بدلاً من القبول به». ولفتت الى انه «كانت هناك مخاوف من ان يؤدي غزو روسيا لبلدي بقرار الحلف بأننا نجلب مخاطر كثيرة، ولذلك قد يرفضوننا، ولكن ذلك لم يحدث». وتابعت: «نحن واثقون تماماً من موقعنا.. وواثقون من ان الادارة الاميركية الجديدة ستدعمنا مثل الادارة السابقة». وعلى الرغم من اصرار امين عام حلف الناتو ياب هوب دي شيفر على ان مسألة انضمام جورجيا واوكرانيا «قطار انطلق من قمة بوخارست ولم يتوقف ويتقدم الى الامام»، بالاضافة الى «عدم عودة الاعمال الى مجراها الطبيعي مع روسيا، الا ان روسيا اعتبرت هذا القرار تراجعا. ونقلت وكالة فيستي ـ 24 الروسية الرسمية عن السفير الروسي لدى الناتو دميتري روغوزين قوله: «خطط الذين تبنوا اسلوب تجميد ضد روسيا، تحطمت». ويذكر ان الناتو اعلن اول من امس استئناف العلاقات مع روسيا «بشكل غير رسمي» على صعيد «مجلس الناتو ـ روسيا»، وذلك يعني ان اللقاءات ستكون تشاورية ولا تخرج بقرارات. ورد مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون اوروبا دانيال فريد على التصريحات الروسية امس بالقول: «روسيا تقول الكثير من هذه التصريحات ولقد تعلمنا ألا نأخذها بعين الاعتبار»، مضيفاً: «هناك لغة شديدة اللهجة هنا ضد تصرفات روسيا، وقلنا ان الاعمال ليست على طبيعتها مع روسيا». واضاف في تصريحات للصحافيين امس ان «قرار توسيع مهام هيئة الناتو ـ جورجيا وهيئة الناتو ـ اوكرانيا، خطوة بسيطة الى الامام، لكنها خطوة الى الامام». وتابع: «على روسيا ان تتفهم بان توسيع الناتو ليس ضدها، بل من اجل اوروبا كاملة وحرة. ومن المرتقب ان يعيد الناتو النظر بوضع جورجيا واوكرانيا منتصف العام المقبل.

واصدر وزراء خارجية الحلف بياناً ختاميا امس، بعد انتهاء الاجتماعات جاء فيه، تأكيد ان «أمن اوروبا والاطلسي يعتمد على علاقات بين الناتو وروسيا مبنية على الحوار البناء، حتى حول القضايا التي تقسم الحلف وروسيا، والتعاون، ولكن التصرفات الروسية والتصريحات الاخيرة قللت من ثقتنا بالتزام موسكو المستمر للقيم المؤسسة والمبادئ لعلاقات الناتو – روسيا». وبينما اصر الناتو امس على انه لا توجد شروط فعلية لاعادة العلاقات لطبيعتها مع روسيا، أفاد الامين العام ياب دي هوب شيفر بأن احترام المبادئ المشتركة ضروري لعودة هذه العلاقات باكملها. وبينما قال مصدر اميركي بأن قرار استئناف العلاقات كان «الاكثر عملية من بين الخيارات المطروحة، ونحن راضون عنه»، اكدت مصادر دبلوماسية اوروبية بأن القرار الاميركي غير محسوم حتى الايام الاخيرة قبل اجتماع الناتو. واضافت المصادر، التي طلبت من «الشرق الاوسط» عدم ذكر هويتها، لحساسية الموضوع، ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس لعبت دوراً اساسياً في اقناع البيت الابيض بعدم التمسك بمقاطعة روسيا خلال الناتو، بسبب المعارضة الاوروبية الشديدة لذلك، خاصة من المانيا وايطاليا. وحرصت رايس على ألا يكون الاجتماع الاخير الذي تحضره في الناتو مليئاً بالانقسامات، وكي لا تكون ادارة بوش مسؤولة مجدداً عن انقسام الحلف بعدما عصفت الخلافات به بسبب حرب العراق عام 2003. وبينما كانت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تريد ان تجعل انضمام جورجيا واوكرانيا للحلف جزءا من «ميراث بوش»، مع انتهاء رئاسته، رأت المصادر الاوروبية حرص رايس على الا يكون الميراث انقسامات وخلافات جديدة مع اوروبا. وحول تأثير ادارة الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما على العلاقات مع روسيا، قال الناطق باسم الناتو جيمز ابورتراي لـ«الشرق الاوسط»: «هذا هو السؤال الكبير وصراحة لا توجد اجابة عليه الآن. فلدى الولايات المتحدة حكومة واحدة وحتى 20 يناير (كانون الاول) الرئيس بوش هو الرئيس». ولكنه اضاف: «علينا الانتظار لرؤية ما سيحدث والطريق الذي سيضعه الرئيس المقبل، لكننا نعلم بان الفريقين يتشاوران بتقارب واضح». ومن جهة اخرى، هناك شأن داخلي للناتو يشغل العديد من الدول، وهو اختيار الامين العام المقبل للحلف، اذ تنتهي ولاية الامين العام الحالي ياب دي هوب شيفر من هولندا. ويذكر انه كان من المقرر ان تنتهي فترة شيفر هذا العام الا انه تقرر تأجيل هذا الموعد الى الصيف المقبل، كي يستطيع الاعداد للقمة المقبلة للناتو، التي تحيي الذكرى الـ60 لتأسيس الحلف. وعلى الرغم من تناول صحف دول اوروبا الشرقية تقارير حول احتمال ترشيح مسؤول بولندي او سلوفيني لهذا المنصب، لتثبيت موقع دول اوروبا الشرقية في الحلف، الا انه حتى الآن لا يوجد مرشح واضح للمنصب. وقال مصدر دبلوماسي اميركي ان البعثة الاميركية لدى الناتو، قررت عدم الخوض في هذه المسألة لأنها في نهاية الامر ستكون عائدة لقرار الادارة الاميركية المقبلة، مما يجعل الخوض فيها في الوقت الراهن غير مجد. وبينما تستقبل قمة الناتو المقبلة الرئيس اوباما، ستودع شيفر الذي تولى مهامه عام 2004 وعمل على ترميم علاقات الحلف الداخلية وتوسيع علاقاته مع دول عدة منها دول الخليج.