عون: هناك فرق كبير بين عهدي حافظ.. وبشار الأسد

وصف زيارته إلى دمشق بـ «عملية القلب المفتوح».. وقال إن على اللبنانيين أن يعتذروا من سورية أولا قبل مطالبتها بالاعتذار من لبنان

عون لدى وصوله على متن طائرة سورية الى دمشق أمس (ا.ف.ب)
TT

بحفاوة كبيرة استقبلت دمشق العماد ميشال عون رئيس تكتل التغيير والإصلاح في مجلس النواب اللبناني والوفد المرافق له، وفي تقديمها وصفت المستشارة الإعلامية في القصر الجمهوري بثينة شعبان العماد عون بـ «الزعيم الوطني اللبناني»، «الذي ارتبط اسمه في أذهان الجماهير العربية بالصراحة والجرأة والذي تميز بمواقفه الصلبة والصادقة والوطنية». ورحبت شعبان بعون «ضيفا كبيرا في سورية» مؤكدة انه أجرى «مباحثات متميزة وبناءة» مع الأسد وان «هذه الزيارة تفتح عهدا جديدا للعلاقات بين سورية ولبنان يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين والبلدين»، وذلك في مؤتمر صحافي عقد بعد استقبال الرئيس بشار الأسد له في «قصر الشعب» قبل ظهر أمس. وكان في الاستقبال وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونائب وزير الخارجية فيصل مقداد، حيث عقد اجتماع موسع استغرق حوالي ثلث ساعة، ومن ثم عقد اجتماع مغلق استغرق ما يقارب الساعتين إلا ثلث.

استهل عون مؤتمره الصحافي بالتعبير عن سعادته لزيارة دمشق ووصف لقاءه بالرئيس الأسد بـ «عملية القلب المفتوح» وقال: «تكلمنا بقلبنا وعقلنا لتنقية الوجدانيين السوري واللبناني كي لا يبقى أثر للماضي يحتوي أشياء أليمة». وردا على سؤال يتعلق بوجود فرق بين عهدي الرئيس الراحل حافظ الأسد والرئيس بشار الأسد، اعتبر عون ان «الفرق كبير، لأن الظروف تغيرت والتقييم تغير والمسؤولين تغيروا»، مؤكدا بالمقابل انه هو أيضا «تغير» وأن حديثه مع الأسد كان «جلسة مصارحة مشتركة وإظهار حسن نية من الطرفين. ونفى عون حمله لأية مطالب من سورية لأنه ليس له حقوق في سورية وليس لسورية حقوق لديه، وقال إنه «لم يتقدم أي منهما بمطالب من الآخر» وقال: «إننا نريد بناء المستقبل وعدم التوقف عند الماضي». واعتبر زيارته ولقاءه الأسد «فتح صفحة جديدة مع دمشق لا مهزوم فيها ولا منتصر إنما عودة لعلاقات طبيعية مرتكزها الانفتاح والمصالح المشتركة». وأضاف «لنا جرأة مواجهة الماضي وليس الهروب منه ولن نمحوه من ذاكرتنا لئلا نكرر الأخطاء، ولذلك كان حديثنا مع سيادة الرئيس واضحا جدا وطرحت فيه العديد من المواضيع بصراحة». مشددا على أن «من يتوقف عند الماضي لن يستطيع بناء المستقبل»، فيما نقل أعضاء في الوفد اللبناني عن الأسد قوله للعماد عون، إن مواقفه الوطنية هي التي حببت الناس به ليس فقط في لبنان بل في جميع البلدان العربية.

وفي مؤتمره الصحافي قال عون إنه «توجه إلى سورية بهدف بناء علاقات طيبة بين البلدين» في ظل «وجود إرادة طيبة وعقل واع لمشاكل المنطقة» وأضاف «بالإرادة والوعي نصل إلى حلول للمشاكل وإلى توجه جديد يحترم مصالح البلدين». ودافع عون عن الزيارة، كما سخر من انتقادات خصومه في لبنان للزيارة، وقال إن «الطائرة التي تطير على ارتفاع 60 كيلومترا لن تتأثر بصواريخ لا تتجاوز ارتفاع 40 كيلومترا» وان نتائج الزيارة هي التي ستوضح إذا كانت هذه الزيارة تعبيرا عن «التبعية» أو «الاستقلالية». وأبدى عون استياءه خلال المؤتمر مرتين من استخدام الصحافيين لكلمة «العداء» في وصف علاقته مع سورية في الماضي، وطالبهم بالتمييز بين معاني «العداء» و«الخصومة»، قائلا: أنا الخصم الأول لسورية، «العداء قضية كبيرة»، نافيا أنه كان معاديا لسورية في السابق، مؤكدا أن خصومة كانت بينه وبين النظام «بسبب سوء إدارة الحكم في لبنان وخلافاتي مع خصومي في الداخل». كما لفت عون إلى أن «رؤية الأسد لتطوير العلاقات» اللبنانية السورية تنطلق من «سيادة واستقلال لبنان». وفيما يخص الدور السوري في الانتخابات اللبنانية اعتبر عون أن سورية «تشجع على إجراء الانتخابات النيابية في لبنان لأنها مطلب لبناني، واعتقد أنها لا تتدخل في موضوع الانتخابات»، مضيفا بمزاح «معروف أن سورية لا تدفع مصاري لأحد». وردا على سؤال حول ما إذا كان قد تطرق خلال اللقاء إلى ملف المفقودين اللبنانيين، قال عون إن هنالك لجانا مشتركة بين البلدين، تقوم بعملها في هذا الخصوص، معربا عن أمله بأن يتم إنجاز الملف سريعا. مشيرا إلى أنه تم التطرق إلى هذا الموضوع وقد تم تحقيق تقدم.

على صعيد آخر رفض عون اعتبار الحفاوة التي استقبله بها السوريون «اعتذارا» من اللبنانيين، وقال إن «ما جرى هو تكريم وليس اعتذارا»، مؤكدا ان «اللبنانيين ارتكبوا إساءات خلال الحرب الأهلية، وخلال الانسحاب، وانه حذر مواليه من الاعتداء على العمال السوريين، وقال جازما إذا كان لا بد من الاعتذار فيجب «على اللبنانيين الاعتذار من سورية أولا قبل المطالبة باعتذار سوري تجاه لبنان».

وبخصوص مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل قال عون إنها «ليست إشكالية بين لبنان وسورية» وإنه عندما يحاصر لبنان تبقى حدود سورية هي الوحيدة المفتوحة أمام اللبنانيين، موضحا أن الخلاف حول شبعا هو على «توقيت الترسيم». قبل إخلائها من قبل إسرائيل أم بعد. وبخصوص توطين اللاجئين الفلسطينيين أكد عون على أنه يتفق مع سورية على «حق عودة اللاجئين الفلسطينيين». ولدى رده على سؤال عن استقباله كزعيم مسيحي في «سورية العلمانية» نبه عون إلى أن الوزيرة بثينة شعبان قدمته على أنه «زعيم وطني»، متهما بعض الزعماء في لبنان بأنهم يريدون التقليل من شأن الزيارة بوصفه زعيما مسيحيا، إلا أن عون عاد ليقول إن المسيحيين في المنطقة يعيشون في قلق، وإذا كان بإمكانه القيام بما يطمئنهم فهو لن يتأخر، وسورية مهد المسيحية، ومسيحيو المشرق ليسوا جالية من بقايا الصليبيين أو بقايا الفرنسيين إنهم جزء من هذه المنطقة.

وكان العماد عون قد وصل إلى مطار دمشق صباح امس قادما من بيروت، في زيارة تستمر عدة أيام، واستقبله لدى وصوله إلى مطار دمشق الدولي نائب وزير الخارجية فيصل المقداد. وسيقوم العماد عون بزيارة إلى عدد من الأماكن المقدسة التاريخية المسيحية والإسلامية في دمشق وحمص وحلب، كما سيلتقي مفتي الجمهورية السورية وعددا من الشخصيات السياسية والدينية السورية. وكان لافتا توزيع وزارة السياحة السورية خلال المؤتمر الصحافي حقيبة يد من الورق المقوى تحوي قرصا ليزريا ومنشورات تتضمن معلومات عن مواقع أثرية سورية ودليلا للمدن المنسية. وقال بيان رئاسي سوري إن لقاء الرئيس الأسد مع العماد عون، تميز بـ«الرغبة المشتركة في الاستفادة من دروس الماضي، من أجل بناء قاعدة متينة ومميزة في العلاقات بين البلدين الشقيقين»، وأضاف البيان أن الأسد أشاد بـ«مواقف العماد عون المبدئية والوطنية، وثمن زيارته الى سورية»، وأن عون من جانبه عبر عن سعادته بلقاء الرئيس بشار الأسد، منوهاً بـ«مواقف سورية وحرصها على إقامة أفضل العلاقات مع لبنان».