وزير خارجية جيبوتي: نضغط على القراصنة لإطلاق الناقلة السعودية بدون فدية

يوسف قال لـ«الشرق الاوسط» إن بلاده تسعى مع 5 دول عربية لسد الفراغ بعد انسحاب القوات الإثيوبية

TT

قال محمود علي يوسف، وزير خارجية جيبوتي، إن حكومة بلاده توصلت بالفعل عبر وسطاء تثق بهم إلى اتفاق تفاهم مع القراصنة الذين يحتجزون ناقلة النفط السعودية العملاقة (سيريوس ستار) قبالة السواحل الصومالية منذ الأسبوع الماضي، موضحا في حديث مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من جيبوتي، أنه يتوقع أن يتم إنهاء أزمة الناقلة المحتجزة وطاقمها المكون من 25 بحارا من جنسيات مختلفة، في غضون الأيام المقبلة، ومن دون فدية، رافضاً الكشف عن فحوى الاتفاق، لكنه اشار الى انه تم عبر وسطاء. وأفاد يوسف أن بلاده تسعى عبر اتصالات مع 5 دول عربية، هي اليمن والسعودية ومصر والسودان، وقطر، لتقديم دعم مالي وعيني لتأسيس قوة صومالية، من 10 الاف جندي، كي تحل محل القوات الإثيوبية التي ستنسحب قبل نهاية العام الجاري، متهما الرئيس الصومالي بالإضرار بعملية المصالحة في بلاده، كونه لا يجد فيها مصلحته الشخصية. وفيما يلي نص الحوار

* هل صحيح أنكم تدخلتم على الخط لمحاولة الإفراج عن ناقلة النفط السعودية؟ ـ نعم، قمنا باتصال غير مباشر بمختطفي السفينة من خلال وسطاء نثق بهم وتوصلنا الى اتفاق تفاهم والمفاوضات جارية ونحاول على قدر الإمكان التوصل إلى حل دون إراقة الدماء أو دفع فدية مالية.

* ما هي حدود هذا التحرك؟ ـ نحن بدأنا نتحرك فعلا من خلال إدارة بونت لاند وصومالي لاند، ومن خلال بعض الوسطاء للاتصال بممثلي القراصنة للإفراج بصورة خاصة عن الناقلة السعودية وبقية السفن الأخرى. ونتوقع إنشاء الله في الأيام القادمة نتائج ايجابية. وبالإضافة إلى ذلك نسعى لوضع إطار قانوني للقرصنة. * ولماذا تشعر بالتفاؤل حيال الإفراج عن الناقلة؟ ـ توصلنا إلى حد كبير مع مختطفي الناقلة إلى تفاهم عام بعيداً عن دفع فدية أو أي ابتزاز يحاولون فرضه على مالكي الناقلة، ولكن لا يمكن الآن أن نفصحَ عن كل المعلومات التي لدينا عبر وسائل الإعلام مع تقديرنا لكم لأنه لم يتم الإفراج عن الناقلة، نحن متفائلون جداً لأن المعلومات والإشارات التي تصلنا من هناك كلها ايجابية. * هل صحيح أنهم لم يكونوا يعرفون أن الناقلة سعودية؟ ـ لا هذا غير صحيح، القراصنة أناس لا يؤمنون بأي مبدأ ولا تربطهم علاقة أو صلة بأي دولة من دول المنطقة. هم أخذوا هذه الأعمال الإجرامية كمصدر رزق، ولكن بعد الاهتمام والضغط الكبير اللذين تحاول أن تمارسهما دول المنطقة عليهم كما قلت من خلال الإدارات المحلية والوسطاء الذين نحن نتواصل معهم، يبدو أن الخناق بدأ يضيق عليهم وهم شعروا بالخطر فعلا. ويمكن أن يكون ذلك عاملا ضاغطا نستغله، فضلاً عن خط التفاوض والإقناع الذي انتهجناه من خلال الوسطاء. * وكيف ترون الحل لمشكلة القرصنة بصورة عامة في الصومال؟ ـ هي نتيجة للوضع الأمني والسياسي المتدهور في هذا البلد. وإذا أردنا معالجة مشكلة القرصنة يجب أولا أن نعود إلى مصدرها، ونعود إلى الأسباب التي بدأت تضر بالمجتمع الدولي. وهناك تضافر للجهود وحالة استنفار لبحث هذه الظاهرة ومحاولة إيجاد حل لها. نحن في جيبوتي بدأنا مسيرة المفاوضات بين الحكومة والمعارضة، ووصلنا إلى اتفاق شامل وعام وسياسي يقضى بتشكيل حكومة وحدة وطنية ثم تشكيل برلمان انتقالي يشمل جميع الأحزاب، وبعد ذلك انتخاب رئيس جديد، هذا طبعاً بعد انسحاب القوات الإثيوبية التي بدأت تنسحب حقيقة وستكمل الانسحاب في موعد أقصاه نهاية العام الجاري. ولابد أن نتحرك بسرعة لأن الوقت يداهمنا ولا نستطيع أن ننتظر حدوث فراغ أمنى تستغله المنظمات الإرهابية والمتطرفة للسيطرة على العاصمة الصومالية مقديشيو أو المناطق المحيطة بها، ونحن حكومة جيبوتي ودول الجوار الأخرى للصومال لا ترغب بتاتا أن يأتي إلى مقديشيو أناس يدعون أنهم الفرع الأفريقي لـ«القاعدة»، والذين يقفون خلف الانفجارات الأخيرة في «بوصاصو» و«هرجيسا» ويستهدفون المدنيين والمؤسسات المدنية خدمة لأجندتهم السياسية، وهذا أمر واضح نحن سنجري اتصالات وتنسيق مع بعض الدول العربية. * وكيف سيتم هذا التنسيق؟ ـ الرئيس (الجيبوتي) إسماعيل عمر جيلة قام أخيرا بزيارة خاطفة إلى اليمن، والتقى فيها الرئيس علي عبد الله صالح. ونحن نتواصل أيضا مع المملكة العربية السعودية ومصر السودان وقطر لتأسيس ـ في أسرع وقت ممكن ـ قوة أمنية صومالية قوامها عشرة آلاف جندي لكي تحل محل القوات الإثيوبية، لأننا لسنا متفائلين حول موضوع نشر قوات متعددة الجنسيات، وهذا قد يحتاج من ستة شهور إلى سنة. والوضع القائم الآن في الصومال لا يحتمل الآن كل هذا الانتظار، ونحن نتحرك الآن نحو هذا الهدف. * هل ستقدم هذه الدول قواتٍ أم دعماً مالياً ولوجستياً؟ ـ نحن نعتقد أن الحل الأسرع والبديل لتجنب لفراغ الأمني هو نشر قوات صومالية في المرحلة الأولى، وطبعاً هذه القوات تحتاج إلى دعم مالي ولوجستي، وبعضها تلقى تدريبه في دول الجوار (إثيوبيا وجيبوتي وكينيا وأوغندا)، وهى أيضا جاهزة من ناحية التدريب، وما ينقصها الآن هو الإمكانات المالية واللوجستية. وطبعا هم لا يحتاجون إلى إمكانات ضخمة، وإنما مرتبات بحدود 100 دولار للفرد في الشهر. * وهل هناك ميزانية محددة؟ ـ نعم طرحنا رؤيتنا في هذا الصدد، ونرى أن المبلغ المطلوب في حدود 50 مليون دولار، ونتحدث مع أشقائنا الخمسة لتوفير ميزانية لهذه القوات وما تحتاجه من زي عسكري ومرتبات وبعض وسائل النقل والمواد الغذائية ومواد لبناء معسكر مؤقت لهذه القوات. * وهل تلقيتم ردوداً ايجابية على هذا المقترح؟ ـ نعم تلقينا ردا ايجابيا مبدئيا من اليمن، والرئيس صالح وافق على تقديم مساهمته في هذه الخطة، وبدأنا نتواصل مع العواصم الأربع الأخرى وننتظر إن شاء الله ردوداً ايجابية منها. * كيف ترى معارضة الرئيس الصومالي لاتفاق السلام الأخير ووصفه بأنه قبلي وكذلك المعارضة في أسمرة؟ ـ الرئيس الصومالي يتخبط في موضوع المصالحة لأنه لا يرى من مصلحته الشخصية أن يجد المتفاوضون حلاً وسطاً لمعالجة القضايا الرئيسية. وبالنسبة للمعارضة في أسمرة، نستغرب كيف أن اريتريا التي لم نسمع عنها قبل 17 عاما بدأت تهتم فجأة بالقضية الصومالية. * أتفهم وجهة نظرك في اريتريا، لكنك تشن الآن هجوما شخصيا ضد الرئيس الصومالي؟ ـ الرئيس عبد الله يوسف الآن أمام مسؤولية ضخمة؛ الحكومة المؤقتة التي كان يترأسها منذ أربع سنوات ونصف لم تحقق شيئا على أرض الواقع. واليوم الصومال وشعبها يحتاجان لتخطي هذه المرحلة وحل سياسي شامل، إذا رأى الرئيس الصومالي أن استمرار هذا الوضع وتأجيل الحسم لهذه القضايا المصيرية يخدمان مصلحته فهو واهم، بينما نرى نحن أن الحل السياسي يأتي عبر مفاوضات بين الحكومة المعارضة. وأقول إن كل من يعترض على المصالحة يعتبر عدواً للسلام في الصومال.

* هل تعتبره إذن بمثابة عدو للسلام في بلاده؟ ـ إذا استمر في الاعتراض على مسيرة السلام التي تجري تحت إشراف الأمم المتحدة في جيبوتي، فنحن نعتقد أنه لا يريد السلام في الصومال. * هل يخيفكم هذا الوجود العسكري الغربي بالقرب منكم أو هناك نوع من التنسيق؟ ـ هدفنا الرئيسي هو كيفية الحد من ظاهرة القرصنة. نحن في جيبوتي نطل على مضيق باب المندب، وهو مصدرنا الرئيسي للعائدات. وإذا بدأت البواخر والسفن التي تمر عبر المضيق تذهب بعيداً، سيصيبنا ضرر مباشر اقتصادياً. كما ستتضرر مصالح دول أخرى في المنطقة والعالم.