الوشيق، والخليع، والحميس، والتِبع، والخبز والعريك وغيرها من المفردات، ما هي إلا أطباق اشتهرت بها مدن مختلفة في مناطق السعودية، وارتبطت بعيد الأضحى المبارك، في ظل اختيار بعض أفراد المجتمع السعودي للسفر إلى خارج البلاد كي يعيشوا أجواء تلك المناسبة بشكل مغاير لعيد الفطر السعيد، لا سيما وأنهم يعتبرون عيد الحج أقل أهمية مقارنة بعيد رمضان.
وقد يشترك أهالي السعودية في أكلات واحدة، غير أن اختلاف مسمياتها عائد لاختلاف اللهجات من منطقة لأخرى، إذ يطلق المجتمع الحجازي «غرب السعودية» مسمى «المقلقل» على أوصال اللحم المطبوخة في المقلاة مع قطع الطماطم والملح والفلفل الأسود، والذي يسمى في المنطقة الشمالية بـ«الحميس»، غير أن الأخير يختلف عنه باحتوائه على البصل والبهارات.
وذكرت السيدة موضي العنزي أن معظم الأطباق المشهورة في مدينة حائل الواقعة شمال السعودية مكوّنة من اللحم في عيد الأضحى، وقالت: «من أشهى المأكولات الموجودة على مائدة عيد الأضحى هي «الخليع»، والمكوّن من قطع لحم صغيرة تشوّح على شحم الخروف بعد تقطيعه وإذابته على النار بالتقليب المستمر حتى يصبح زيتا، ومن ثم يوضع اللحم بعد نضجه في مصفاة للتخلص من الدهن الزائد ويضاف إليه الملح فقط، ويقدّم بعد ذلك للضيوف».
ولفتت إلى أن «التِبع» يعتبر من الأطباق التي يزداد الطلب عليها في العيد، وهو عبارة عن رأس الخروف وكرشته وأمعائه، تطبخ جميعها في الماء بعد وضع البصل والطماطم والبهارات حتى تنضج، غير أنها تقدّم بعد التخلص من الماء المطبوخة فيه.
أما «الوشيق» فإنه يختلف عن بقية أطباق المنطقة الشمالية للسعودية «بحسب قولها»، وأضافت: «تقطع لحمة الكتف إلى شرائح وتنقع في الملح الناعم لمدة ساعتين، ثم تعلّق في الشمس بعد ربطها بالخيط لمدة 20 يوما، لتخزّن في البرّاد وتستخدم لإعداد مأكولات أخرى».
ولا تختلف موائد أهالي وسط السعودية «منطقة نجد« في عيد الأضحى المبارك كثيرا عن المناسبات الأخرى بحسب ما أفادت به أم عبد العزيز، لا سيما وأن الأرز واللحم موجودان باستمرار طيلة أيام السنة، وتقول: « لعل «الحميس» من أبرز الأطباق التي تقدم في عيد الحج، وهو يتكون من قطع لحم صغيرة مطهوة في الماء والمضاف إليها الزيت والبصل والطماطم، إلا أن اللحم يقدّم في طبق مستقل ليتم تناوله مع الخبز واللبن الزبادي، فيما تقدّم مرقة الحميس كنوع من أنواع الحساء الخفيف«، مشيرة إلى أن الكثير من العائلات يفضلون الإفطار في أول أيام عيد الأضحى على قطع اللحم الصغيرة مع الكبدة.
وبالعودة إلى منطقة غرب السعودية، اعتادت «أم كمال» على الاستعداد لعيد الأضحى المبارك بعمل المعمول والغريّبة، وتقول: «تتكون عجينة المعمول من الدقيق الأبيض والأبازير المجمّعة والموجودة لدى العطّارين، إذ تعجن بالسمن والقليل من الماء، ومن ثم تقسّم على هيئة كرات بحجم البيضة وتحشى بالتمر المعجون، ليتم وضعها في قوالب خشبية منقوشة لتزيينها»، مشيرة إلى أن المعمول يخبز في الفرن ويرش عليه السكر المطحون بعد إخراجه مباشرة.
وتضيف: «تصنع الغريّبة من الطحين الأبيض والسكر الناعم والفانيلا، وتعجن بالسمن دون الماء، وتقسم على هيئة أقراص صغيرة وتخبز في الفرن لمدة قصيرة، ومن ثم تقدّم للضيوف».
فيما ترى فاطمة أحمد أن مائدة غداء أول أيام العيد لا تكتمل إلا بوجود «المقلقل»، خاصة وأن قطع اللحم المستخدمة فيه تسمى لحمة عرفة، إضافة إلى الكبدة المطهوة على الصاج والمضاف إليها الفلفل الأسود والملح والبهارات، والطماطم المقطعة، وتقول: «دجاج البر يعتبر من ضمن الأطباق المقدمة للضيوف في العيد، والذي يصنع من الدقيق والملح ليكون على هيئة أعواد رقيقة مقرمشة ومضافة إليها عدة ألوان، إضافة إلى مسحوق الفلفل». أما منطقة الجنوب التي لا تختلف قليلا عن المناطق الأخرى في طبق «الحميس» المسمى لدى سكانها بـ«الحميسة»، إلا أن الكثير منهم يعدّون «العريكة« أو «الوِفد» كما يسميها أهالي منطقة نجران او «الخبز» والعيش، إذ ذكرت إحدى السيدات «فضلت عدم ذكر اسمها» أن المسميات تختلف من مدينة لأخرى في الجنوب، وقالت: «تعد العريكة من الخبز المعجون بدقيق البر والذي يخبز في التنّور، إضافة إلى السمن والعسل، كما تتشابه معها «المرظوفة» في مكوناتها، غير أنها تختلف في طريقة تقديمها، إذ تكون بشكل قرص من خبز التنّور محفور من المنتصف ليتم ملء تلك الحفرة بالسمن أو العسل وتغمّس قطع الخبز بها قبل تناولها».