عادات الثأر تعيق مسيرة ألبانيا باتجاه الاتحاد الأوروبي وآلاف العائلات تعيش تحت سلطانها

تزويج فتيات من أهالي الجناة لأهالي الضحايا أحد الحلول الناجعة

TT

تعاني ألبانيا من مشاكل كثيرة على مستوى البنية الاقتصادية والتركيبة الديموغرافية وهشاشة الوضع السياسي. إلى جانب ذلك، هناك المشاكل الاجتماعية الأخرى مثل مشكلة الثأر التي أصبحت تؤرق الاتحاد الاوروبي والكثير من السياسيين داخل الحكومة في تيرانا. ولا شك فإن ألبانيا ليست البلد البلقاني الوحيد الذي توجد فيه مشكلة الثأر ولكنه الأول على مستوى المنطقة مقارنة بعدد السكان. ولذلك يطالب الاتحاد الاوروبي تيرانا باجراء اصلاحات شاملة على كافة المستويات ولا سيما ايجاد الحل لمشكلة الثأر التي نشرت الرعب في الكثير من الأقاليم الألبانية.

ولم يخف وزير العدل الألباني علي باي امتعاضه من استمرار العادات الرجعية التي تؤثر على مسيرة بلاده نحو الاتحاد الاوروبي قائلا ان «ما يقلق ليس عدد الحالات التي سالت فيها دماء الثأر، وإنما استمرار هذه الجريمة في القرن الواحد والعشرين وتأثيرها على الاندماج في أوروبا»، مضيفا ان «هذه المشكلة يجب حلها، ونحن نتطلع للانضمام للاتحاد الاوروبي» من اجل ذلك.

لقد أسالت قضية الثأر في البلقان ودول أوروبا الشرقية الكثير من الحبر وأثارت الكثير من السخرية وقد صور أحدهم دبلوماسيا بلقانيا وهو يحمل في حقيبته سكينا للثأر من موقف احد الساسة في بروكسل مما يرمز الى العودة للقرون الوسطى حين كانت تباع صكوك الغفران للمجرمين وتفرض أحزمة العفة الثقيلة على النساء في باريس ولندن وبرلين وروما ومدريد وغيرها. وفي شمال ألبانيا وحتى في الجنوب ولا سيما المناطق الريفية ينتشر قانون الدم بالدم. ولا توجد لدى ألبانيا أو المنظمات المعنية بالمشكلة احصائيات دقيقة، ولكنها تذكر بأن السكان لا يلجأون للقانون في حالات الثأر، وجرائم الشرف، وإنما يمارسون سلطة القانون بأنفسهم، تحت شعار «الدم بالدم والرأس بالرأس» وإذا لم يعثر على الشخص القاتل أو المجرم يقتص من عائلته. ولهذه الأسباب تعيش آلاف الأسر بمن فيهم نحو 800 طفل، فيما يشبه السجن، تحت سلطان الخوف والحذر من الموت.

وترى منظمات المجتمع المدني في ألبانيا ومن بينها منظمة «المجرمون بأسمائهم» والتي تعمل على أن يكون المجرم هو المسؤول الوحيد وليس عائلته أو أقرباؤه أن «النظام الشيوعي زمن أنور خوجا عمل على انهاء هذه المشكلة بأحكام قاسية ضد الذين يتقمصون دور القضاء، ورغم أنها تقلصت إلا أنها لم تنته تماما، لكنها عادت بقوة بعد 70 سنة من الحكم الشيوعي». وتطالب الحكومة الالبانية بتدخل أكبر لرجال الدين لحل النزاعات بالتراضي عن طريق اقناع أهل القتيل بالدية أو تزويج شباب أهل المغدور من فتيات أهل القاتل. وقد تمكن عدد من أئمة ألبانيا من تزويج 60 شابا وفتاة بهذه الطريقة. وقد قدم خلال هذه السنة 13 شخصا للمحاكمة بسبب جرائم الثأر بينما فر الكثير من الجناة إلى دول أخرى.