على بعد أمتار من «شاخص» جمرة العقبة الكبرى جلس عامر بن هلابي مصور جريدة الحياة السعودية وأخرج كرت الذاكرة الرقمي من كاميرته ووضعه في كمبيوتره المحمول، وأخذ يعالج بعض الصور ويرسلها من وسط الحدث، وكأنه مراسل احدى القنوات الفضائية رغم انه يعمل في صحيفة ستنشر المادة الإعلامية في اليوم التالي.
وما هي ألا لحظات قليلة حتى جلس بجواره أحمد حشاد المصور الفوتوغرافي لأكثر من مطبوعة والفائز بجائزة أفضل صورة صحافية ملتقطة في حج العام قبل الماضي وأخذ يشكو لزميله بعضاً من كلمات الحسرة على تعب السنين الماضية وهو يقول: «كنا في السابق نلتقط الصور ونرجع الى مقرنا في منى، ونقوم بتحميضها ولا نستطيع معالجتها، ويستغرق ذلك وقتا طويلا، أما الآن اشعر انني كالمكتب المتنقل بكاميرتي وجهازي، أرسل من أي مكان وبأسرع وقت، خاصة مع التقدم التكنولوجي عبر خدمة «شرائح البيانات» أو خدمات الانترنت اللاسلكي المتوفرة في جميع المواقع ومن حيث انتهى «حشاد» شكلت التقنية الحديثة لخدمات الانترنت والاتصالات فاصلا بين حقبتين زمنيتين، الأولى، فترة ما قبل عصر التقنية والاتصالات، والثانية هي الفترة الموجودة حاليا والتي سهلت على الإعلاميين المشاركين في تغطية أمور الحج بشكل كبير وسهل جدا، وأصبحت الشركات تتنافس في تقديم الخدمات والجهات الإعلامية في تقديم المعلومة والتغطيات سواء عن طريق التغطيات التلفزيونية أو التغطية الصحافية التي بدأت تنافس من جانب آخر عبر رسائل الـ «اس ام اس» على مدار الساعة والتي تقدم أخباراً موجزة وخفيفة أو عن طريق مواقع الانترنت التفاعلية. وهو الأمر الذي تحدث عنه فالح الذبياني رئيس بعثة عكاظ ومصطفى الفقيه رئيس بعثتة الوطن الصحافية لتغطية موسم حج هذا العام، واللذان أشارا الى أن التقنية شكلت العامل الأبرز في المواسم الثلاثة الأخيرة والموسم الحالي على وجه التحديد خصوصا عبر رسائل الـ«اس ام اس» المختصرة كما أنها أسهمت في إيصال المعلومات من المحررين في المواقع. ويضيف الفقيه: أصبح المحرر أو المصور لا يحتاج لوقت طويل للوصول الى المكتب وإرسال المواد حتى عبر الفاكس أو الأجهزة القديمة، فيما شدد الذبياني على أن الخدمات مهما كانت لا بد لها من جهد المحرر والمصور.
وفي الجانب المرئي صعد سعود الخلف مراسل قناة العربية الى اعلى قمة جبل الرحمة في عرفة وأخذ يقدم تغطيته بصحبة أحد الفنيين والمصورين وأخذوا يرسلون تغطياتهم مباشرة عبر القمر الصناعي، وهو الأمر الذي كان يصعب تقديمه في سنوات ماضية إلا وبصاحبة عربة النقل التي تحمل عددا كبيرا من المعدات والأجهزة المتطورة من التقنية والمساهمات التي قدمتها للإعلاميين. هذا ورغم ما يشكله موسم الحج من اختبار حقيقي للإعلاميين العاملين في موسم الحج بسبب كثرة المواد الصحافية والحرص والمتابعة وقف مسؤولو بعثات الصحف على النقيض تماما، حيث لا يتابع الحجاج هذه التغطيات بل ولا يعلمون شيئا عما يحصل من أحداث في الخارج، حتى لدى حجاج الدول التي تشهد مشكلات سياسية وأحداثا عالمية في الفترات الماضية لعل أبرزها أحداث بومباي الهندية. يقول أحد الحجاج الهنديين لـ«الشرق الأوسط» ما كان يهمني قبل نحو أسبوعين هو الوصول الى المشاعر وكان الخوف يراودني حول اقفال المطارات وعدم الوصول الى هنا، ومنذ وصولي الى المشاعر لم أتابع أي خبر وانشغلت بالعبادة والدعاء بأن يصلح الله الجميع. نفس الحال ينطبق على الحجاج العرب وحتى السعوديين الذين التقتهم الشرق الأوسط، والجميع اتفق على الانشغال بالعبادة اضافة الى سبب آخر أبانه سالم البيتي وهو عدم توفر وسائل الاعلام في المخيمات وصعوبة الوصول اليها.
ويعتبر موسم الحج في كل عام فرصة سانحة لكافة وسائل الإعلام لتقديم العديد من المواد الإعلامية المتنوعة، كالقنوات الفضائية والإذاعات والصحف المطبوعة والإلكترونية، فقناة CNN الأميركية مثلا تغطي مواسم الحج منذ عشر سنوات تقريبا، وتوجه وزارة الثقافة والإعلام دعوات لعدد من المؤسسات الإعلامية لأداء مناسك الحج والتغطية ويقوم بهذه المهمة هذا العام نحو 300 إعلامي من مختلف دول العالم. ووفقا للدكتور صالح بن محمد النملة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للإعلام الخارجي الذي أشار في وقت سابق فإن الوزارة تأخذ في الاعتبار التوزيع الجغرافي والتوازن النوعي العادل للوسائل الإعلامية التي تقدم لها الدعوة أو التي تطلب الحضور، وذلك بهدف إيجاد تغطية إعلامية متوازنة يستطيع من خلالها كل مشاهد في أنحاء العالم متابعة أحداث موسم الحج، لا سيما أن هناك سباقا وتنافسا من قبل كل الوسائل الإعلامية للفوز بفرصة تغطية موسم الحج في كل عام. وأوضح وكيل وزارة الثقافة والإعلام للإعلام الخارجي أن التغطية الإعلامية لموسم حج هذا العام ستكون مميزة نظرا للكم الكبير من الإعلاميين الذين توافدوا الى المملكة، مؤكدا أن قنوات تلفزيونية فضائية عالمية ووكالات أنباء عالمية وصحفاً ومطبوعات شهيرة تتسابق على تغطية المناسبة والتميز، حيث يمثل موسم الحج فرصة تتمنى تغطيتها كل وسيلة إعلامية صادقة، حيث سبق أن فازت محطة (سكاي نيوز) بجائزة عالمية كبيرة لنجاحها في تغطية موسم الحج لعام 2004.
صحافة الحج
* نحو 300 صحافي من مختلف دول العالم يغطون الموسم هذا العام
* قنوات عالمية حضرت لتغطية الحدث ابرزها قنوات CNN وBBC والتركية والفرنسية والتلفزيون الباكستاني والماليزي والهندي والكندي والنمساوي والبلجيكي وقنوات عدة من استراليا وكذلك مراسلون لصحف ذي اندبندنت ونيويورك تايمز والاسوشتد برس ووكالة الأنباء الفرنسية إضافة الى القنوات العربية والقنوات الإخبارية المتخصصة كالعربية والجزيرة التي تحظر للموسم الثاني على التوالي.
* نحو15 مطبوعة محلية ودولية تتابع الحدث منها صحف ناطقه بلغات أجنبية.
* تستضيف وزارة الإعلام عددا من الضيوف من مثقفين ومفكرين واكاديميين وبعضاً من رؤساء الاتحادات الإسلامية في العديد من الدول وتوفر لهم سبل الراحة لتأدية المناسك بكل يسر وسهولة وذلك بتعليمات من معالي وزير الثقافة والإعلام.