12 امرأة يسردن تجاربهن عبر صور فوتوغرافية

«عدسات مفتوحة في العراق».. في مهرجان دبي للسينما

لقطة من فيلم «عدسات مفتوحة في العراق»
TT

يشارك الفيلم الوثائقي «عدسات مفتوحة في العراق» للمخرجة العراقية ميسون الباجه جي بمهرجان دبي الذي يقام حاليا في الامارة للفترة من 11 ديسمبر (كانون الاول) وحتى الثامن عشر من الشهر الحالي للمنافسة على جائزة المهر العربي للأفلام الوثائقية. كما يشارك في المهرجان فيلمان عراقيان آخران هما «حياة ما بعد السقوط» والآخر «تقويم شخصي». وتقول الباجه جي إن فيلم عدسات مفتوحة في العراق يحكي قصة 12 امرأة عراقية، بينهن طفلة، من خمس مدن عراقية هي بغداد والموصل وكركوك والبصرة والفلوجة، ومن أديان وأعمار ومستويات تعليمية متفرقة، شارك في مشروع تبنته الامم المتحدة لتدريبهن على التصوير الفوتوغرافي في دمشق وقامت هي بمرافقتهن اثناء التدريبات في منزل دمشقي قديم بسورية.

وأضافت الباجه جي في حوار عبر الهاتف مع «الشرق الاوسط» خلال وجودها في دبي انها صورت العراقيات وهن يتدربن لمدة شهر، مضيفة ان الجزء الاخير من المشروع يقضي بان يعود النسوة بعد انتهاء الدورة التدريبية الى مدنهن في العراق لمدة ستة اسابيع على ان تختار كل واحدة منهن موضوعا مختلفا، لكي «يرسمن خريطة حياتهن، من صعود ونزول وكوارث ومراحل التغيير وان يكتبن ملاحظات عنها، وان يكون التركيز ليس على الاحداث فقط بل على مشاعرهن ازاء تلك الاحداث».

وتضيف الباجه جي ان وجود النسوة في سورية بعيدا عن الاحداث المتسارعة في العراق منحهن ربما أول فرصة للاختلاء بأنفسهن والتفكير بعمق في الاحداث التي مررن بها، إذ ان الاحداث المتسارعة في العراق لم تمنحهن فرصة تذكر او حتى الاشتياق للاقارب والاحباء الذين قضوا في اعمال العنف، وتضيف «من المهم ان يراجع الشعب العراقي كله، بعد الضربات التي تلقاها، هذا الألم وان يفهمه، لم يكن لدى الشعب العراقي الفرصة لمراجعة آلامه، إن الشيء الوحيد الذي يقف ضد كل هذا الدمار هو العمل الابداعي الذي يغير هذا الألم الى شيء ايجابي». وتسرد الباجه جي بقية تفاصيل المشروع، وهي ان بعد انقضاء الأسابيع الستة في العراق التقين مرة ثانية في منطقة ريفية في سورية في ربيع العام الماضي وكل واحدة منهن قدمت ما نفذته خلال عودتها الى العراق، وقالت ان «كل واحدة منهن قدمت خيطا، وهي عبارة عن حكايتها، وفي اخر المشروع صار لدينا نسيج من التجربة الاجتماعية في العراق»، واحضرت المشتركات في المشروع في اللقاء الثاني الصور التي التقطنها مع نص يتضمن سير حياتهن ومقالة عن الموضوع الذي اخترنه. وتشعر الباجه جي بالسعادة لمشاركتها في المهرجان، وتضيف «هذا اول عرض للفيلم وانا سعيدة لانه مهرجان كبير وهناك أناس من مختلف انحاء العالم، أنا أريد ان أطلع الآخرين على قصص النسوة والعراق»، وتضيف ان هدفها الثاني من المشاركة هو الحصول على دعم مادي لتحويل قصص المشتركات وصورهن الى معرض فني ووضعها في كتاب فضلا عن إنشاء موقع الكتروني للمشروع على شبكة الانترنت. وتسرد الباجه جي كيف انها دخلت المهرجان في اللحظة الاخيرة، وقالت «لم أقدم للمشاركة في المهرجان لأني لم أكن قد انتهيت منه بعد، لكن عضو في اللجنة التي تختار الافلام اقترحت ان اقدم الفلم رغم انه ليس منته بعد (ما زال في مرحلة المونتاج) فقدمت الفيلم بعد انتهاء موعد التقديم وقد قبلته لجنة التحكيم».

وعرض الفيلم، الذي استغرق طوله ساعة وخمسا وأربعين دقيقة، مرتين في المهرجان، وتقول المخرجة العراقية ان «قاعة العرض كانت مليئة وكان هناك مشاهدون من جنسيات مختلفة، وقد لقي الفيلم صدى طيبا لديهم كما انهم أحبوه، وقالوا لي ان هذه القصص لا نسمعها، وان كل ما نعرفه عن العراق هو شيء عام ومجرد»، وتضيف قائلة «قلت لهم انكم تشاهدون مناظر القتل والدخان والدمار والدماء التي تظهر في التلفزيون وكذلك العراقيين الذين يبكون ويلطمون ولكنكم لا تعرفون شيئا عن هؤلاء الناس، ومن هي هذه المرأة التي تبكي في التلفزيون وما هي حياتها وكيف تعيش ومن فقدت.. أنتم لا تعرفون شيئا عنها، في التلفزيون يظهر العراقيون كضحايا فقط وكأن لا حياة لديهم».

وعندما سألنا الباجه جي لماذا تختار في اغلب الاحيان المرأة بطلة لافلامها، قالت «انا موضوعي النساء في الشرق الاوسط بشكل عام وفي العراق بشكل خاص، اتصور ان في الوقت الذي يشهد العراق كل المآسي من حروب ودمار، النساء تدير الحياة وتربي الاجيال، لكن في نفس الوقت حقوقهن منتهكة، في الفيلم النساء تحكي بعمق وبشكل مفتوح لاننا كلنا كنا نساء ولم يكن هناك اي رجل، وصوت المرأة هذا في الغالب لا يسمع».

وكانت الباجه جي قد انتجت واخرجت عشرات الأفلام الوثائقية، وكان اول اخراج لها فيلم «نساء عراقيات.. اصوات من المنفى» بعد حرب الخليج عام 1991 الذي تناول تاريخ العراق من خلال تجارب عراقيات.

كما حازت على جائزة افضل فيلم وثائقي في مهرجان السينما الوثائقية باليونان عام 2000 عن فيلم «رحلة ايرانية» الذي تحدث عن سائقة باص تقضي يومها في قيادة حافلة بين طهران وبندر عباس، وكان للباجه جي مشاركات في مهرجانات دولية عديدة منها في ريو دي جانيرو واليونان وآيرلندا وألمانيا وفرنسا.

وكانت الباجه جي المقيمة في لندن قد عادت لأول مرة الى العراق عام 2004 بعد خمسة وثلاثين عاما قضتها في لندن، وأسست لدى عودتها مع المخرج العراقي قاسم عبد «الكلية المستقلة للسينما والتلفزيون» لتنظيم دورات مركزة لصناعة الافلام التسجيلية. وقالت ان المشروع نجح في في انتاج نحو 11 فيلما غير ان الاوضاع الامنية السيئة في البلاد حالت دون استمرار المشروع. وتأمل الباجه جي الآن في استئنافه من جديد بعد التحسن الأمني النسبي في البلاد.