كرزاي: أفغانستان لن تدع الأسرة الدولية تتخلى عنها قبل أن تصبح قوية

بوش في أفغانستان يمهد لتولي أوباما السلطة.. ويحضر كابل لتوقع المزيد من القوات

بوش خلال لقائه بكرزاي في القصر الرئاسي في كابل أمس (أ.ب.أ)
TT

وصل الرئيس الاميركي جورج بوش الى أفغانستان أمس في زيارة غير معلن عنها، وسط بلبلة تسببت بها زيارته الى العراق التي غادرها متوجها الى كابل، بعد أن رمى صحافي عراقي بحذائه عليه. وأجرى بوش محادثات مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي بعد يوم واحد مع محادثات شبيهة أجراها رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون مع الرئيس الأفغاني، قال بعدها ان المعركة في أفغانستان «ستكون طويلة».

وقال كرزاي لدى استقباله بوش في كابل: «الشعب الأفغاني وأنا شخصيا نشعر بفخر وشرف كبيرين»، موضحا انه يسعى منذ «فترة طويلة جدا» لحمل الرئيس الاميركي على زيارة أفغانستان.

وشدد بوش في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأفغاني، على ان الادارة الاميركية الجديدة ستقدم الدعم لأفغانستان كالإدارة الحالية، وقال: «ابلغت الرئيس ان بامكانه الاعتماد على الولايات المتحدة... تماما مثلما كان بامكانك الاعتماد على هذه الإدارة، فسيكون بامكانك الاعتماد على الادارة المقبلة ايضا».

وبعد وصول طائرة الرئاسة الى قاعدة باغرام الجوية خارج كابل حيث استقبله قائد القوات الدولية في افغانستان الجنرال ديفيد ماكيرنان، سار بوش عبر مدرج المطار ودخل الى خيمة ضخمة حيث استقبله مئات الجنود بالهتاف عندما شكرهم على خدمتهم. وقال: «انني واثق اننا سننجح في افغانستان لان قضيتنا عادلة». وبدا ان بوش الذي امر بزيادة في القوات في افغانستان، يقدم دعما ضمنيا لتعهد الرئيس المنتخب باراك اوباما بزيادة مستويات القوات بعد توليه السلطة في 20 يناير (كانون الثاني). وقال: «أتوقع ان تروا مزيدا من القوات الأميركية هنا بأسرع ما يمكن في مناطق في البلاد تشهد تحديا من قبل طالبان».

وقبل خمسة اسابيع من انتهاء ولايته وانتقال خلفه اوباما الى البيت الابيض، قال بوش ان «مستوى الصعوبة في افغانستان مرتفع. البلد اكبر بكثير من العراق وأفقر منه بكثير (..) لكن هذه المهمة اساسية». وقال ان واشنطن وباكستان تعملان بالتنسيق بينهما لوقف الهجمات التي تستهدف افغانستان انطلاقا من الأراضي الباكستانية، واشاد بهذه المناسبة بالرئيس الباكستاني آصف علي زرداري موضحا انه «مصمم» على تقديم مساعدة على هذا الصعيد.

وقال بوش ايضا انه من المهم بالنسبة للولايات المتحدة مواصلة العمل مع باكستان للضغط على المتشددين على حدودها مع افغانستان. وأضاف: «اذا كانت باكستان مكانا يهاجم فيه الأشخاص بارتياح البنية الأساسية والمواطنين والقوات، فسنجعل هذا امرا يصعب نجاحه في افغانستان. كلما استطعنا جعل باكستان وافغانستان تتعاونان تيسر تعزيز ذلك الجزء من المناطق الحدودية».

من جهته، اعرب كرزاي عن امتنان بلاده للمساعدة الدولية، موضحا ان احدى مهام الائتلاف الرئيسية تقضي بـ«السماح لأفغانستان بالنهوض». واضاف: «ان الشعب الافغاني لا يريد ان يكون عبئا على الأسرة الدولية الى الأبد». لكنه قال ان انسحابا للقوات الاجنبية على غرار الاتفاق الأمني الموقع اخيرا بين بغداد والولايات المتحدة، غير مطروح حاليا في افغانستان. وأوضح ان بلاده مصممة على «مواصلة التعاون مع الأسرة الدولية الى ان يهزم الإرهاب والتطرف».

وقال «ان افغانستان لن تدع الاسرة الدولية تتخلى عنها قبل ان نصبح اقوياء الى حد يجعلنا نتولى الدفاع عن بلادنا وقبل ان نصبح اقوياء الى حد امتلاك اقتصاد جيد»، وأضاف مازحا: «وقبل ان نحصل من الرئيس بوش ومن الادارة المقبلة على مليارات الدولارات الاضافية، لا مجال للرحيل!». ورد بوش على ذلك «عليك إذاً الاسراع في ما يتعلق بي». وهذه ثاني زيارة يقوم بها بوش لأفغانستان خلال سبع سنوات منذ ان انهت قوات تقودها الولايات المتحدة حكم طالبان. وكان الرئيس الأفغاني قد اعتبر في مقال نشرته صحيفة «تايمز» أمس، ان بلاده وبريطانيا تواجهان «المرض» ذاته وهو التطرف العنيف. وشكر كرزاي البريطانيين على الدعم الذي يقدمونه لبلاده. وفي المقال الذي ينشر بعد ثلاثة ايام عن مقتل ثلاثة جنود بريطانيين في افغانستان، اعرب كرازي عن «امتنانه العميق» لانتشار الجيش البريطاني في بلاده. وبعد الزيارة المفاجئة الاخيرة لرئيس الوزراء البريطاني غوردون براون لافغانستان، طلب كرزاي من البريطانيين عدم معارضة ارسال مزيد من القوات الى افغانستان. وكتب يقول: «اطلب منكم مواصلة دعمنا في وقت يكافح فيه بلدي مرضا لم يصب فقط الأراضي الافغانية، بل جزءا كبيرا من المنطقة وهو العنف الذي يغذيه تطرف ديني متزمت».

وفي الطائرة التي أقلته الى كابل، تطرق بوش أيضا مع الصحافيين الى ملف كوريا الشمالية النووي، وقال بعد أيام عن فشل واشنطن وشركائها الاسبوع الماضي في التوصل الى اتفاق حول اجراءات التحقق من تفكيك المنشآت النووية الكورية الشمالية: «يجب ان نتحلى بالحزم والصبر ونقيم بنية تسمح للرئيس المقبل أو لخلفه بتسوية المشكلة بالوسائل الدبلوماسية». وأضاف معلقا على الجهود المشتركة التي تبذلها الولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا وكوريا الجنوبية في مفاوضاتها مع بيونغ يانغ: «ما نشهده في الوقت الحاضر هو محاولة من الزعيم الكوري الشمالي لامتحان الآلية». وقال «يجب ان يكون شركاؤنا على قناعة ثابتة بان هذه الآلية السداسية هي افضل وسيلة لتسوية المشكلة الكورية الشمالية»، مضيفا «اننا بحاجة الى امتلاك القدرة على التحقق» من نزع اسلحة كوريا الشمالية النووية. وتابع: «في الماضي كنا نقول سنعطيكم ما تطلبونه ونأمل ان تتجاوبوا، لكننا الآن نقول، هذا ما عليكم القيام به ان اردتم الحصول على مساعدتنا».