1000 معلم يتعاملون مع 150 ألف طالب يعانون من صعوبات التعلم

5% من الطلاب والطالبات مصابون بـ«الحالة»

نحو 250 ألف طالب وطالبة يعانون من صعوبات التعلم («الشرق الأوسط»)
TT

«ضعف التحصيل الدراسي في مهارات محددة، وعدم القدرة على الانتباه والتركيز لفترات طويلة، والنشاط الزائد» كلها ملاحظات قد يشتكي منها الأهل كثيراً عند متابعة أداء أبنائهم الأكاديمي خاصة الأصغر سناً، لكنها أيضاً قد تكون دلائل واضحة بحسب الأكاديميين والتربويين على حالة علمية محددة تسمى «صعوبات التعلم» يجب ملاحظتها ومعالجتها بشكل علمي ومستمر لتلافي الفشل الدراسي ومشكلات نفسية جدية مستقبلاً نتيجة لإهمال الحالة.

الحالة التي تم وضع 11 تعريفاً علمياً لها، والتي يختصرها مدير إدارة صعوبات التعلم بالإدارة العامة للتربية الخاصة، صالح المعدي، بأنها اضطرابات في واحدة أو أكثر من العمليات النفسية الأساسية التي تتضمن فهم واستخدام اللغة المكتوبة أو اللغة المنطوقة التي تبدو في اضطرابات الاستماع والتفكير والكلام، القراءة، الكتابة (الإملاء، التعبير، الخط)، والرياضيات، التي لا تعود إلى أسباب تتعلق بالعوق العقلي أو السمعي أو البصري أو غيرها من أنواع العوق أو ظروف التعلم أو الرعاية الأسرية، يعاني منها على الأقل 250 ألف طالب وطالبة في المراحل الدراسية المختلفة على اعتبار أن الإحصاءات العالمية تشير إلى أن 3 إلى 5 بالمائة من الطلبة على مقاعد الدراسة يعانون من صعوبات التعلم، وهو ما دفع المعدي إلى دعوة الآباء والأمهات إلى محاولة ملاحظة هذه الدلائل واصطحاب أبنائهم إلى المراكز التي أعدتها إدارته للكشف عن هذه الحالة، أو إبلاغ المدرسة للقيام باللازم. وقال المعدي «على الرغم من النجاح الكبير والنتائج الهائلة التي حققتها إدارة صعوبات التعلم منذ استحداثها عام 1416هـ، وافتتاح أول البرامج في المرحلة الابتدائية في العام الدراسي 1416 ـ 1417هـ، وازدياد عدد هذه البرامج ليقارب الـ400 برنامج حالياً كلها يتم إلحاق الطالب بها ضمن مدرسة حكومية عادية يرتادها الطلبة العاديون، إلا أن محاولة الأهالي ملاحظة المشكلة بأنفسهم ومبادرتهم بحلها هو أمر نحرض عليه بشدة نظراً لقلة عدد المعلمين المعتمدين للتعامل مع هذه الحالات في المدارس الحكومية في كل مناطق المملكة واقتصار عددهم على ما يقارب الـ1000 معلم فقط، في حين أن الرقم العالمي يشير إلى أن 3 إلى 5 بالمائة من الطلاب على مقاعد الدراسة يعانون من صعوبات التعلم».

وأشار المعدي إلى أن هناك مشكلة قائمة متمثلة في قلة عدد المعلمين المؤهلين للتعامل مع حالات صعوبات التعلم، وقال «نطمح إلى أن يكون هناك معلم على الأقل في كل مدرسة على امتداد المملكة، لكن تحقيق هذا الهدف لن يتحقق مع الأسف إذا استمر تخريج الجامعات والكليات لهذا العدد القليل من المعلمين إلا بعد سنوات طويلة، ونتيجة لقلة عدد المدرسين فإن عدد المدارس التي تحتوي على برامج للتعامل مع حالات صعوبات التعلم 27 مدرسة في المملكة بأكملها وهو ما يجعلنا أمام تحدٍ صعب بتوفير البرامج التعليمية المناسبة وتلبية حاجة الطلبة الذين يتم تصنيف حالتهم بناءً على ملاحظات المعلم، أو ولي الأمر، أو من خلال دراسة روتينية عشوائية لملفات الطلبة والاضطلاع على نتائج تحصيلهم العلمي في السجلات، ومن ثم دراسة الحالة ومتابعتها لأن من خصائص هذه الحالة أنها تظل ترافق التلميذ مدى حياته ولا يتخلص منها أبداً على الرغم من إمكانية تخفيف أعراضها بشكل كبير».

كما لفت المعدي بأن إدارة صعوبات التعلم بدأت بالمرحلة الابتدائية منذ استحداثها، وباشرت بتطبيق برنامجها الأول على طلبة المرحلة المتوسطة خلال العام الماضي، وتتطلع إلى التدخل لصالح الطلاب المحتاجين لخدماتها في المرحلة الثانوية مستقبلاً، إلا أن ما يحول بينها وبين تحقيق هذه الأهداف بالدرجة الأولى هو قلة أعداد المعلمين المدربين والقادرين على أداء هذه المهمة.

تجدر الإشارة إلى أن هناك تشكيلة واسعة من السلوكيات والصفات الشخصية المرتبطة بصعوبات التعلم، يمكن أن يتم اكتشاف الحالة وتشخيصها وفقا لها التي يجب أن يتنبه الأهالي لها وفقاً لنصيحة الخبراء والمتخصصين، ومن هذه الصفات المشاكل الأكاديمية المحددة (مثل: القراءة، الإملاء، التعبير التحريري، الخط، الرياضيات)، واضطراب في الذاكرة والتفكير، وعدم القدرة على الانتباه أو التركيز، واضطراب في الاستماع والنمو اللغوي، وضعف الإدراك الحسي، والنشاط الزائد، والاندفاع والتهور، وعدم القدرة على التناسق العام للحركة، وعدم الاستقرار العاطفي (تقلب المزاج، الكآبة، القلق)، وصعوبة في تكوين صداقات مع الزملاء وفقدان الصداقات بسرعة.

ويشير عدد من التربويين إلى أن عدم ملاحظة المشكلة وعدم تعديل طريقة التحصيل العلمي للطالب ليتوافق مع حالته في حال اكتشاف معاناته من صعوبة التعلم يتسبب بإصابته بالإحباط والفشل بشكل دائم، وفقدانه لثقته بنفسه نظراً لعدم قدرته على مجاراة نظرائه وهو الأمر الذي يتسبب بمعاناة نفسية قد تستمر سنين طويلة بعد تركه مقاعد الدراسة.